محمد حسن حمادة يكتب:عندما ركعت إسرائيل2
رايات النصر وجيوش الشمس
عقب هزيمة 1967 وجه رئيس تحرير مجلة (دير شبيجل) الألمانية رسالة إلي جولدا مائير رئيس وزراء الكيان الصهيوني الغاصب آنذاك يعتذر لها فيها عن خطيئته الكبري التي لاتغتفر بحق جيش الدفاع الإسرائيلي الذي لايقهر لأنه أصدر ملحق الانتصار الإسرائيلي في برلين وميونيخ وفرانكفورت باللغة الألمانية وليس باللغة العبرية، وفي نفس الوقت يعدها بتصويب الخطأ وسيفرض علي كل المحررين في الصحف التي يترأسها بتعلم اللغة العبرية لغة جيش الدفاع الإسرائيلي الذي لايقهر!
وفي هولندا يُصدر وزير ماليتها أوامر بصك ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية منقوش علي وجهها الأول صورة موشيه دايان وعلي الوجه الآخر نجمة داوود السداسية.
وفي بريطانيا قامت صحيفة الديلي تليجراف بكتابة سلسلة من التحقيقات والمقالات والدراسات عن جيش الدفاع الإسرائيلي الذي لايقهر وفي تحقيق الصحيفة الأخير طالب محررها كل الأكاديميات العسكرية بالعالم بتدريس حرب الأيام الستة ووضع صورة موشيه دايان جنبا إلي جنب مع كل الأبطال العسكريين عبر التاريخ!
وصل الصلف الإسرائيلي والعنجهية الصهيونية والتمادي في رسم صورة خيالية للجندي الإسرائيلي أشبه بالغول والعنقاء والخل الوفي وتصويره علي أنه من كوكب آخر أن كتبت يائيل دايان ابنة الجنرال موشيه دايان في كتابها (مذكرات جندي). تقول:
“أكاد أتصور كل شئ… أن تضع نهر الأردن في آنية زهور وحتي نهر المسيسبي، أن تمد يدك إلي أعلي وتقطف من السماء نجمة، أن تشتري قبر شكسبير بمليون برميل من النفط، ولكني لاأتصور أبدا أن جنديا إسرائيليا واحدا يمكن أن يقع في الأسر يمكن أن يرفع يديه إلي أعلي”.
أما علي جبهتنا العربية فالعرب يعيشون في أسوأ حال وأحرج اللحظات ليس في تاريخهم الحديث فحسب بل في التاريخ العربي عموما هزيمة بطعم المر والعلقم ذل وانكسار من وقع الهزيمة المدوية وصل بهم الحال ليشاهدوا طائراتهم تُضرب علي الأرض صادتها إسرائيل كالعصافير! فبلغت الروح الحلقوم وما ترك الغصة الأكبر في النفس أننا لم نخض حربا حقيقية وجها لوجه جيش أمام جيش لكن حصلت إسرائيل علي نصر مزيف بطعم الخيانة والخداع والمؤامرة، وبلغة السوشيال ميديا اليوم (خدت اللقطة) وصدرتها للعالم إعلاميا بمنتهي البراعة، اتضح ذلك جليا في المؤتمرات الخارجية لأن الصورة في الخارج كانت أشد قتامة وذلك يعود لقوة الآلة الإعلامية الصهيونية الكاذبة التي الصقت بالجندي العربي كل نقيصة وللأسف الغرب لم يسمع وقتها إلا صوت واحد صوت إسرائيل أما نحن فمازلنا مغيبين نترنح حتي الثمالة من وقع الهزيمة.
في أحد المؤتمرات المناصرة للشعب الفيتنامي كان أعضاء الوفد الفيتنامي يوزعون علي كل الوفود ومنهم بالطبع الوفود العربية خواتم مصنوعة من الألومنيوم وبكل الفخار والاعتزاز يوضحون سر هذه الخواتم بأنها مصنوعة من أجنحة طائرات الفانتوم الأمريكية التي نجحت المقاومة الفيتنامية في إسقاطها فكانت الوفود العربية تذوب خجلا.
لكن يأبي المارد المصري الخضوع والاستسلام وينفض الغبار عن وجهه ويعلن غضبته أمام العالم ويستيقظ من سباته العميق لأنه ادرك أن الهزيمة النفسية أشد فداحة من الهزيمة العسكرية والسياسية، لتتغير المعادلة فبعدما كانت إسرائيل تتفاخر بأنها انتصرت علي العرب في ستة أيام أضحي العرب يتفاخرون بأنهم انتصروا علي اسرائيل في اليوم السابع بل انتصرت مصر علي جيش الدفاع الإسرائيلي الذي لايقهر في ست ساعات وتتبدل صورة الجندي العربي بعد وقف إطلاق النار ويمحو أكاذيب إسرائيل، فها هو الفلاح المصري من قرية طنان بمحافظة القليوبية لايحارب بشجاعة وبسالة منقطعة النظير فقط بل أبهر العالم باستخدامه أعقد الأسلحة والمعدات الحديثة.
ليس هناك من وجهة نظري مايدلل علي وقع الهزيمة التي زلزلت إسرائيل وأذلت هامتها وكبريائها وجعلها تركع أمام المارد العربي من قصة الفلاحة السورية مواليد العاصمة الدمشقية عندما أجري معها مندوب مجلة التايم الأمريكية حوارا بعدما شاهدها هي وأبناءها الثلاث يسحبون جناح طائرات الفانتوم الإسرائيلية إلي بيتهم! فكانت إجابتها: سأصنع منها أجمل تذكارا من الصحون والملاعق لأولادي”. لتسقط أكذوبة إسرائيل الكبري في صحراء سيناء ويغوص الجندي الإسرائيلي في غياهب التيه فبصاروخ الجندي المصري تسقط طائرة الفانتوم فخر التكنولوجيا الأمريكية وتحترق بالأربي جي الدبابة الإسرائيلية العملاقة ويباد خط بارليف الحصين بخراطيم المياه ولا يكتفي الجندي المصري بذلك بل يرد علي يائيل دايان ابنة الجنرال موشيه دايان برد حاسم ليس بأسر الجندي الإسرائيلي فقط بل بأسر أعلي الرتب بجيش والدها كالعقيد عساف ياجوري قائد لواء الدبابات الإسرائيلي الشهير، وغيره من جنرالات إسرائيل الكبار الذين وقعوا في الأسر ورفعوا أيديهم لأعلي بل وأدوا التحية العسكرية للمقاتل المصري، أما المشهد المأساوي الذي قتلها وقتل والدها وكان هو الرد العملي الأبلغ علي غطرستها وغطرسة والدها وكيانه المغتصب فهو استقبال والدها موشيه دايان لجموع الأسري الصهاينة بمطار اللد بنفسه لتموت أسطورة الجندي الإسرائيلي الذي لايقهر وتدفن غير مأسوف عليها في مقابر رمال سيناء.