في23 يوليو عام 2018، طلبت من عمي الأستاذ محمد عبد الغني الحمايدى العباسى المحامي الناصري الشهير وأحد أقطاب الناصرية أن يساعدني في لقاء ابن الزعيم المهندس عبدالحكيم جمال عبدالناصر لأجري معه حوارا صحفيا لصحيفة شرق وغرب اللندنية بمناسبة مرور 66 عاما علي ذكري ثورة 23 يوليو، شريطة أن لايعرفه أنني ناصري، فقال لي لك ذلك، ولكن دعني أقترح عليك اقتراحا: أريد أن أعرفك علي القيادات الناصرية سنجتمع بمناسبة مرور 66 عاما علي ذكري ثورة 23 يوليو لتدشين التيار القومى العربى الناصري لتوحيد كل الكيانات الناصرية تحت راية واحدة في كل بقاع العالم العربي”. وأعطاني العنوان وكان بوسط البلد بمكتب الدكتور جمال زهران، ثم بعد ذلك سنتوجه إلي ضريح الزعيم لقراءة الفاتحة علي روحه الطاهرة وعلي هامش إحياء الذكري تجري حوارك مع ابن الزعيم فراق لي الاقتراح.
ذهبت في الموعد المحدد وأنا في غاية الشوق لشمام بعض من رائحة ناصر وتركت لحدسي الأمر، في البداية لم أشعر بشئ مجرد بنر وصور متفرقة للزعيم وعلم الوحدة المصرية السورية، التزم عمي بالوعد وعرفهم بصفتي الصحفية وعندما تجاذبت مع القيادات الناصرية أطراف الحديث سرعان ماتبدل إحساسي من الفتور والنفور إلي الحماسة، وجوه من كل الأعمار وخاصة الشباب، فقد كنت أظن أنني وحدي فأنا لم أعاصر الزعيم فقط تعرفت عليه من كتب التاريخ، من السينما، من خطاباته، من مشروعاته، من إنجازاته، من مواقفه التي مازال لها صدي وبريق يصيبك بالقشعريرة ولايسعك إلا أن تخرج مهزوما منكسرا متحسرا علي أطلال هذا الزمن، أهكذا كنا مرفوعي الرؤوس، أهكذا كانت مواقفنا شامخة معروفة للقاصي والداني ألهذا الحد كنا مؤثرين؟
فكيف وصلنا لما نحن فيه، كيف أصبحنا مغيبين؟
كان للحوار مذاق خاص نظرا لما هو معروف عن الناصريين الثقافة العالية والفكر الشامل وقراءة الأحداث جيدا فكتبت لصحيفة شرق وغرب اللندنية هذا الخبر الذي كان عنوانه:
(القاهرة اليوم بملامح ناصرية جديدة)
أما متن الخبر فكان علي النحو التالي:
القاهرة/ مازالت ثورة 23 يوليو نشيدا قوميا ولحنا عروبيا من الزمن الجميل، زمن العزة والكرامة، تشتاق إلى عزفه الشعوب العربية من المحيط إلي الخليج.
في اجتماع التيار الناصري المستقل بمناسبة مرور 66 عاما على ذكرى ثورة 23 يوليو، تم تدشين التيار القومي العربي الناصري لتوحيد كل الكيانات الناصرية تحت راية واحدة في كل بقاع العالم العربي في خطوة جبارة مفاجائة لكل القوى السياسية في مصر والعالم العربي، من شأنها أن تغير الخريطة السياسية في العالم العربي.
كما كان الملف السوري حاضرا بقوة وكان الوفد السوري سعيدا بانتصارات الجيش السوري العربي ويروون لنا كيف تستعيد سوريا وحدتها وقوتها شبرا شبرا من الإرهاب ومن المؤامرة الدولية الكبري وهتف الجميع تحيا الوحدة المصرية السورية واتفق الجميع أن دمشق وعدن وطرابلس وبغداد والقدس لن تتحرر هذه العواصم العربية إلا من القاهرة.
كان الأمر أشبه بعرس كبير وكرنفالا للتيار الناصري الذي يحاول العودة من مرقد الزعيم لينفض غبار سنوات الاحتجاب الماضية ليعود إلي الساحة السياسية المصرية والعربية بقوة.
لقد كانت ليلة ناصرية بحق يستعد فيها الناصريون للاحتفال الكبير بوضع الزهور علي قبر وضريح الزعيم، ليقولوا له نم قرير العين فلقد عدنا من جديد أيها الزعيم، ويسود الجميع أمل بمنعطف تاريخي جديد. (الي هنا انتهي الخبر).
كم كنت سعيدا ليلتها وشعرت أنها خطوة جبارة مفاجائة لكل القوي السياسية في مصر والعالم العربي ستغير الخريطة السياسية، حتي ولو كانت متأخرة فكما يقول المثل الإنجليزي (أن تأتي متأخرا خيرا من أن لاتأتي) فالمارد الناصري خرج من قمقمه ومن قوقعته ليعيد تصحيح الأوضاع ويغير موازين القوي السياسية ليس في العالم العربي فحسب بل للعالم أجمع.
وإلي الآن مازال التيار الناصري وعفوا وبكل صراحة لم يقدم الدور المنتظر منه ولم تكن له بصمة واضحة وتأثيرا كبيرا في الملفات السياسية والاقتصادية الراهنة علي الساحة المصرية والعربية، وهم عندي ليس لهم أى أعذار فلاشئ ينقصهم فأبناء ناصر أكثر الفئات نضجا وفكرا وثقافة وتجربة ولديهم من الكوادر البشرية في شتي المجالات ليقودوا ويسودوا فماالذي يمنع توحدهم علي قلب رجل واحد؟
هل القومية العربية ماتت بموت ناصر؟
هل أصبحت حبرا علي ورق، أم تاهت بين أحبار التاريخ؟
لماذا يعجز أبناء ناصر عن ترجمة حبهم للزعيم؟
فأقل شئ يقدمونه له هو الوحدة.
ألم يخجلوا من الفقاعات التي اتحدت وكونت كيانات وأحزابا وصارت تتصدر المشهد وهم بجانبهم أقزاما!!!
هل الظروف الحالية ليست مهيأة؟
علي العكس تماما فالأمة العربية من المحيط إلي الخليج أحوج ماتكون الآن إلي مبادئ ناصر.
تذكرت مقولة الإمام الشافعي عندما سئل عن الإمام العالم الفقيه المصري الليث بن سعد لماذا لم يَسُد مذهبه وينتشر في الأمصار والأقاليم كمذهب الإمام مالك؟
فرد الإمام الشافعي بقولته الشهيرة:
الليث أفقه من مالك إلا إن تلامذته لم يقوموا به.