سمير عبد الشكور:
أشاد محللون سياسيون وإعلاميون بعمق العلاقات العمانية ـ الإيرانية التاريخية ودور سلطنة عمان في التقارب بين إيران ودول الجوار وتعزيز الحوار والحل السلمي لقضايا المنطقة مع توقعات أن تشهد الزيارة الأولى للرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، إلى سلطنة عمان اليوم آفاقًا جديدة من التعاون بين البلدين، مع وجود جهود سياسية حثيثة تقوم بها سلطنة عمان على صعيد وقف الحرب في اليمن وتعزيز التقارب الإيراني مع دول مجلس التعاون الخليجي، وكل هذا الجهد السياسي العماني ينطلق من حرص السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان في تعزيز قيم السلام والاستقرار والحوار كصيغة توافقية بين دول المنطقة.
وقال الدكتور صباح زنكنه، كاتب ودبلوماسي إيراني سابق: إن سلطنة عمان وإيران بلدان لهما تاريخ وعلاقات متينة سياسياً واقتصادياً وأمنياً واجتماعياً وثقافياً وهناك الكثير من الأمور المشتركة بين البلدين للتطوير والارتقاء بالعلاقات بين البلدين، وهو أمر طبيعي حينما يقع البلدان على ضفتي مضيق هرمز الذي تمر عبره مئات السفن التجارية والنفطية، فإن لهذين البلدين تفاهما وتنسيقا للحفاظ على هذا الممر المائي المهم عالميا، وكذلك الحفاظ على أمن المنطقة بشكل عام من أن تتسرب إليها التيارات الإرهابية أو التيارات الهدامة، وسلطنة عمان وإيران بإمكانهما القيام بالكثير من الأعمال الإيجابية للمنطقة.
وأشار إلى أن سلطنة عمان سعت لتعزيز التقارب بين إيران ودول المنطقة وحل القضايا عبر الحوار وبالطرق السلمية، وأسهمت سلطنة عمان كثيراً في تقريب وجهات النظر في الاجتماعات الإقليمية، وخاصة العربية على مستوى مجلس التعاون الخليجي أو على مستوى جامعة الدول العربية، وهذه الجهود تؤكد سعة نظر المسؤولين في سلطنة عمان والحكمة التي يتحلى بها قادة البلدين.
وأشار إلى أن الزيارة الأولى للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سلطنة عمان تأتي في إطار العلاقات الثنائية وأيضاً تنفيذاً لسياسته الرامية إلى تطوير وتوسعة العلاقات مع دول الجوار، ومن الطبيعي أن توضع لهذه الزيارة آمال للنجاح في وضع النقاط على الحروف في الاتفاقيات المبرمة ومذكرات التفاهم بين البلدين، إن كان على المستويات التجارية والطاقة ومشاريع التطوير النفطية وغيرها بالإضافة إلى خطوط الترانزيت للربط بين شرق وجنوب آسيا عبر موانئ ومطارات سلطنة عمان من خلال الربط المائي بين البلدين لتواصل طريقها إلى آسيا الوسطى وأوروبا.
وقال عوض بن سعيد باقوير، صحفي وكاتب سياسي عُماني: إن العلاقات العمانية الإيرانية هي علاقات تاريخية.. كما لعب الجوار البحري والنشاط التجاري دورًا كبيرًا في بقاء العلاقات بينهما علاقات جيدة، وهناك تنسيق سياسي متواصل حول كل ملفات المنطقة بما يعزز قيم السلام والأمن والاستقرار، وقد شهدت علاقات البلدين الصديقين في العقود الأخيرة تنامياً في كل المجالات الاقتصادية والتجارية والسياحية، وقد جاءت اتفاقية النقل البحري الأخيرة بين مسقط وطهران لتعزز آفاق التعاون في مجال التبادل التجاري والاقتصادي والاستثمار وهناك تعاون اقتصادي في عدد من المجالات.
وأكد باقوير، أن علاقات سلطنة عمان وإيران هي نموذج للاحترام المتبادل والتشاور السياسي والدفع بالعلاقات بين البلدين والشعبين إلى آفاق أرحب وأفضل.. أما فيما يخص دور سلطنة عمان في الإسهام الإيجابي لتعزيز السلام والاستقرار فإن الدبلوماسية العمانية لعبت أدوارًا مهمةً وحيويةً خلال نصف قرن من المثابرة والجهود المكثفة بحكمة قيادتها وقد لعب المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – دورًا محوريًا في موضوع التوصل إلى الاتفاق النووي الإيراني.. ويواصل السلطان هيثم بن طارق نفس النهج من خلال رؤية سديدة تنطلق من خلال تعزيز الروابط والعلاقات الإيجابية بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي.
ومن هنا فإن الدبلوماسية العمانية تواصل نهجها الحكيم في تقريب وجهات النظر بين طهران ودول المنطقة، وهناك الآن جهود سياسية حثيثة تقوم بها سلطنة عمان على صعيد وقف الحرب في اليمن والحوار بين المملكة العربية السعودية وإيران، وعلى صعيد تأمين الملاحة البحرية، وكل هذا الجهد السياسي العماني ينطلق من حرص السلطان هيثم بن طارق على تعزيز قيم السلام والاستقرار والحوار كصيغة توافقية بين دول المنطقة.
يتفق المحللون والخبراء في أن زيارة الرئيس الإيراني الدكتور إبراهيم رئيسي هي الزيارة الأولى لرئيس إيراني إلى سلطنة عمان بعد تولي السلطان هيثم بن طارق مقاليد حكم البلاد في 11 من يناير 2022، تكتسب أهميتها في عدة محاور.
أولها: رغبة البلدين في تطوير العلاقات الاقتصادية المشتركة التي شهدت تطورًا لافتًا في السنوات الأخيرة، فقد أصدر السلطان هيثم بن طارق بتاريخ 18 من مايو الجاري مرسوما سلطانيا ساميا بالتصديق على اتفاقية التعاون في مجال النقل البحري بين حكومة سلطنة عمان، وحكومة إيران، ووصل حجم التبادل التجاري بين البلدين حسبما جاء في تقرير نشرته مؤخرًا وكالة فارس الإيرانية إلى 1.336 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في 20 من مارس 2022 وهو مستوى وصفته الوكالة بأنه قياسي بزيادة 53% على أساس سنوي. وأن البلدين بحثا مؤخرًا تأسيس شركة ملاحة بحرية مشتركة.
ثانيهما ، في المحور السياسي هناك جهود داعمة لإنقاذ الاتفاق النووي من الانهيار الكامل خاصة، وأن المفاوضات المستمرة منذ عدة أشهر لم تحقق تقدما كبيرا، في ظل التخوفات من انهيار المفاوضات بشكل كامل والمطالب الإيرانية بوجود ضمانات حقيقية لعدم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق كما حدث في السابق، ومطالب أمريكية بأن تتضمن المفاوضات ملفات أخرى.. كما تأتي الزيارة أيضا في سياق رغبة حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في توثيق علاقات بلاده مع دول المنطقة
التعليقات مغلقة.