مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

متى ينتهي الفكر العقيم 


 

 

بقلم : الكاتبة زينب مدكور عبد العزيز

 

في الفترة الحالية تواجه مصر ظاهرة اجتماعية مقلقة تتعلق بالتفكير الخاطئ نحو “كليات القمة” وتأثيرها السلبي على طلاب الثانوية العامة. يُعَتَبر التعليم في مصر مفتاحًا للنجاح الاجتماعي والاقتصادي، حيث تتركز طموحات الطلاب وأولياء الأمور على الالتحاق بكليات مثل الطب، الهندسة، والصيدلة، التي تُعرف بكليات القمة. لكن هذه الطموحات العالية غالبًا ما تكون عبئًا نفسيًا كبيرًا على الطلاب، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى نتائج كارثية، بما في ذلك حالات الانتحار.

– الأسباب والتداعيات

١- ” الضغط الاجتماعي والعائلي ”

يشعر الكثير من الطلاب بضغط هائل من عائلاتهم والمجتمع لتحقيق درجات عالية تؤهلهم للالتحاق بكليات القمة. هذا الضغط قد ينبع من اعتقاد شائع بأن النجاح في الحياة يعتمد بشكل كبير على نوعية التعليم الجامعي والشهادة التي يحصل عليها الفرد. ويعزز هذا الضغط التنافسي مشاعر الخوف من الفشل وعدم الرغبة في خذلان العائلة.

٢- ” التوقعات غير الواقعية ”

الكثير من الآباء يرون في كليات القمة الطريق الوحيد لمستقبل مشرق لأبنائهم، متجاهلين الفروق الفردية بين الطلاب واهتماماتهم الحقيقية. هذه التوقعات غير الواقعية تضع الطلاب تحت ضغوط نفسية مستمرة، مما يؤثر على صحتهم النفسية والعقلية.

٣- ” النظام التعليمي الصارم ”

يعتمد نظام الثانوية العامة في مصر بشكل كبير على الامتحانات النهائية التي تحدد مصير الطالب الأكاديمي. هذا النظام يساهم في زيادة الضغط النفسي على الطلاب، حيث يشعرون أن مستقبلهم بأكمله يعتمد على أداءهم في هذه الامتحانات .

٤- ” الآثار النفسية ”

قد يهمك ايضاً:

عبدالعزيز آل سعود.. ملك صنع التاريخ ورسم الجغرافيا

الصحة النفسية … الاضطراب الذهاني المشترك.. حلقة 51

تؤدي هذه الضغوط إلى مجموعة من الآثار النفسية السلبية مثل القلق، الاكتئاب، وفقدان الثقة بالنفس. في الحالات القصوى، قد يشعر بعض الطلاب بالعجز واليأس لدرجة تدفعهم للتفكير في الانتحار كحل للهروب من هذا الضغط. ومن المحزن أن حالات انتحار الطلاب بسبب الفشل في تحقيق الدرجات المطلوبة قد تزايدت في السنوات الأخيرة.

 

– الحلول المقترحة

١- توعية الأهل

من الضروري توعية الأهل بأهمية دعم أبنائهم نفسيًا ومعنويًا وتقدير جهودهم بغض النظر عن نتائجهم الأكاديمية. ينبغي أن يفهم الأهل أن لكل طالب قدرات واهتمامات مختلفة، وأن النجاح لا يقتصر فقط على كليات القمة.

٢- تحسين النظام التعليمي

يمكن للوزارة تحسين النظام التعليمي ليكون أكثر شمولية وعدالة، من خلال تقديم تقييمات متعددة الأبعاد بدلاً من الاعتماد فقط على الامتحانات النهائية. كذلك، يمكن إدخال مواد تعليمية تساعد على تطوير المهارات الشخصية والاهتمامات الخاصة بالطلاب.

٣- الدعم النفسي

توفير الدعم النفسي للطلاب من خلال المدارس والمراكز المتخصصة يمكن أن يكون خطوة مهمة في مساعدة الطلاب على التعامل مع الضغوط النفسية. ينبغي توفير خدمات الاستشارة النفسية والمجموعات الداعمة لمساعدة الطلاب في التعبير عن مشاعرهم والتعامل مع القلق .

٤- تنويع الفرص المهنية

ينبغي تشجيع الطلاب على استكشاف مجالات مختلفة من التعليم والتدريب المهني، والتي يمكن أن تكون بدائل ممتازة لتحقيق النجاح والرضا المهني. تنويع الفرص المهنية يساعد في تقليل الضغط على كليات القمة ويعزز من تحقيق التنوع في سوق العمل.

 

وأخيرا فمن الضروري إعادة النظر في المفاهيم الاجتماعية والثقافية المتعلقة بالتعليم والنجاح في مصر. يجب تعزيز الفهم بأن النجاح يمكن أن يتحقق بطرق متعددة وأن الفشل الأكاديمي ليس نهاية الطريق، بل هو فرصة لإعادة التقييم واكتشاف مسارات جديدة تلائم قدرات واهتمامات كل فرد.

التعليقات مغلقة.