كتب – سمير عبد الشكور:
بدأت سلطنة عُمان فكرة التنويع الاقتصادي منذ فترة بعيدة في ظل رؤيتها بأن الاعتماد على مصدر أحادي للدخل الوطني لا يمكن أن يشكل عامل استقرار، لا سيما أن هذه السلعة وهي النفط الذي لا يمكن التكهن بظروف سوقه، التي طالما تعرضت في بعض الأحيان للتذبذب في الماضي والحاضر، كذلك فإن ديمومة هذا المصدر لا يمكن الجزم بها، باعتبار أن احتياطي أي بلد لا بد أن له تاريخا محددا يمكن أن يقل فيه أو يصبح غير قادر على إشباع الاحتياجات وتحقيق المردود الاقتصادي المطلوب.
فضلاً عن أن الرؤية العُمانية للتنويع الاقتصادي جاءت مرتبطة بالتخطيط الاستراتيجي والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية، من هنا تأتي أهمية تشكيل فكر اقتصادي يقوم على تعدد المصادر وبناء محطات غير تقليدية تقوم على التنويع والابتكار.
هذه الأفكار العُمانية جاءت محل تقدير وإعجاب من قبل المؤسسات الاقتصادية العالمية للنموذج العُماني في استدامة التنمية والتنويع الاقتصادي.
وفي هذا السياق أكد تقرير مؤسسة “اتش كي تي دي سي” للأبحاث ومقرها هونج كونج، أن سلطنة عُمان تنفذ نموذجاً ناجحاً للتنويع الاقتصادي، مشيداً بنهج السلطنة في تحرير تجارة السلع والخدمات.
وقال التقرير إن السلطنة اتبعت بنشاط خطة تنمية تركز على التنويع والتصنيع بهدف تقليل مساهمة قطاع النفط في الناتج المحلي الإجمالي إلى 9%، وأضحت السياحة والصناعات القائمة على الغاز مكونات رئيسية من استراتيجية التنويع الحكومية.
وذكر التقرير أن السلطنة أظهرت بقوة التزامها بتحرير التجارة من خلال عضويتها في منظمة التجارة العالمية، بالإضافة إلى عدد من الاتفاقيات التجارية الثنائية والمتعددة الأطراف.
وأشار إلى أن الحكومة العُمانية اتخذت مبادرات لتحديث الاقتصاد، كما أدت الزيادة الكبيرة في الإنفاق الحكومي والاستثمار الأجنبي المباشر إلى تطوير مجموعة واسعة من الصناعات غير النفطية.
وقال التقرير إن المناطق الاقتصادية الخاصة في السلطنة – ولا سيما في الدقم – تسلط الضوء على التنفيذ الناجح للمناطق الاقتصادية الخاصة لتحفيز التحول الاقتصادي، من خلال الجمع بين الموقع الجغرافي الاستراتيجي خارج مضيق هرمز الذي يعمل على التخفيف من المخاطر المرتبطة ببؤرة التوتر العالمية البارزة مع الحوافز التنظيمية.
وأضاف أن الاستثمار في البنية الأساسية يستمر في التدفق على المناطق الاقتصادية الخاصة في صلالة والدقم وصحار والمزيونة، وتابع أن تطوير مناطق التجارة الحرة والمناطق الاقتصادية الخاصة يتماشى مع خطة التنمية الوطنية للبلاد التي تهدف إلى تقليل مساهمة قطاع النفط في الناتج المحلي الإجمالي.
وأشار إلى أن سلطنة عُمان اجتذبت مشاريع استثمارية كبيرة منذ عام 2017، معظمها موجه نحو العمليات الصناعية الموجهة للتصدير ومقرها في المناطق الاقتصادية الخاصة، موضحاً أنه لا توجد قيود على معاملات الصرف الأجنبي في السلطنة ولا على التحويلات المالية، ومن حيث الاستثمار في المحفظة لا توجد قيود على تدفق رأس المال وإعادة الأرباح، ويجوز للأجانب الاستثمار في سوق مسقط للأوراق المالية وفق الضوابط القانونية.
ومن جهة أخرى، أشاد تقرير بنك “سوسيتيه جنرال” الفرنسي بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة العُمانية لوضع الاقتصاد الوطني على المسار الصحيح، وبجهود تنويع الاقتصاد لتقليل الاعتماد على النفط.
وقال التقرير إن سلطنة عُمان وضعت إجراءات تنويع اقتصادها في إطار خطة “رؤية 2040” التي تهدف إلى زيادة الاستثمار في قطاعات السياحة والخدمات المالية وأنشطة الموانئ، مؤكداً أن هذه الإجراءات تؤتي ثمارها، وهو ما تؤكده حقيقة أن الاقتصاد غير النفطي والغاز يمثل الآن أكثر من ثلثي الناتج المحلي الإجمالي.