بقلم -ازهار شريف:
في السنوات الأخيرة، أصبح الحديث عن سلوك الأجيال الجديدة محور اهتمام الكثيرين، من أولياء أمور، ومربين، ومفكرين، وحتى صناع القرار. وبينما تتفاوت وجهات النظر، يبقى سؤال محوري يفرض نفسه: هل ما نراه اليوم من تغيرات في السلوك والقيم نتاج مؤامرة تستهدف عقول وقلوب الأجيال، أم أننا نعيش ببساطة أزمة أخلاق وانفصال عن منظومة القيم والتربية الراسخة؟
المؤامرة… ما لها وما عليها
لا يمكن أن ننكر أن هناك غزواً ثقافياً وإعلامياً ممنهجاً، تغذيه وسائل التواصل الاجتماعي، ويغيب عنه الضابط الأخلاقي. منصات تنشر محتوى يُكرّس لفكرة الحرية المطلقة دون مسؤولية، ويُزيّن التفاهة، بل يجعل من التفاهة قدوة. وهنا تتجلى المؤامرة في أوضح صورها: استهداف ممنهج للقيم، وتشويه للقدوة، وتزييف للوعي.
أزمة الأخلاق والتقصير المجتمعي
لكن من جهة أخرى، لا يجب أن نلقي اللوم كله على “المؤامرة الخارجية”. فالأخلاق لا تتراجع إلا عندما تُهمل التربية في البيت، ويغيب القدوة في المدرسة، وتُهمَّش الهوية في المناهج، وتُقصى القيم من الخطاب الإعلامي والتربوي. نحن أمام أزمة مسؤولية تبدأ من داخل الأسرة وتمتد إلى المؤسسة التعليمية، فالمجتمع ككل.
دور المعلم والأسرة
المعلم اليوم لم يعد مجرد ناقل للمعرفة، بل هو مرشد ومؤثر، وحارس على وعي أبنائنا. والأسرة، بما تملكه من تأثير يومي، تظل الحصن الأول والحقيقي لحماية القيم. حين يتخلى كل طرف عن دوره، تُفتح الأبواب واسعة أمام كل مؤامرة.
هل الحل ممكن؟
نعم، بل وضروري. الحل يبدأ بإدراك حجم التحدي، وعودة كل مؤسسة إلى دورها الحقيقي، وتعزيز التربية الأخلاقية كجزء لا يتجزأ من العملية التعليمية، وتحصين الجيل بالفكر النقدي والوعي الذاتي، وليس فقط بالمعلومة.
في النهاية، سواء كانت ما نواجهه مؤامرة خارجية، أو أزمة أخلاق داخلية، يبقى العلاج فينا، وفي قدرتنا على مواجهة هذا التحدي كأسر، كمربين، وكمجتمع.