بقلم الدكتور – أحمد عيسى:
استشارى الرأى العام بالبرنامج الرئاسى
محاضر الرأى العام بمؤسسة اعداد القادة
إن المتابع للمشهد المصرى عامة ولأداء الرقابة الإدارية وقطاع الأمن الوطنى وجهاز المخابرات العامة خاصة بعد تولى فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم يلاحظ ضربات نوعية لبؤر الفساد المستشرى فى جسد هذا الوطن …..
أصبحت على قناعة تامة بأن لولا السيسى وأسلوبه الإدارى لما كانت هذه الضربات بهذا الحجم .
لعل البعض يتهمنا بأننا أبواق تسبح بحمد الحاكم ولكن مهلا !
إن رجال الرأى العام لا يستطيعون أن يمدحوا أحد دون الإعتماد على أرقام وحقائق ، وكنت أخذت عهدا على نفسى أن لا أتكلم بأى مدح لشخص الرئيس عبد الفتاح السيسى حتى لا يدعى أحد بأننى أتملق رجاء قرب أو مصلحة .
ولكن فعلا الضربات الموجعة التى توجهها أجهزة الدولة السيادية تجعل كل مصرى يفتخر بقوة النظام الحالى ويدعمه .
إن رجال الإعلام عامة والعلاقات العامة والرأى العام خاصة تتضاعف المسئولية الملقاة على عاتقهم تجاه الدولة ممثلة فى شخص سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى وذلك لما لهم من قدرة على قراءة ما بين السطور للأحداث الجارية ،ولما لهم من قدرة تأثيرية على الجماهير ……
البداية معى بدأت تحديدا أثناء قراءة متأنية لكلمات الرئيس السيسى بعد عامين من توليه الحكم فى عام 2016 تحديدا فى حواره مع الإعلامى أسامة كمال عندما تعرض للكلام عن الفساد المستشرى فى مفاصل الدولة فقال الرئيس كلمات لا يمكن لأى إعلامى موضوعى أو رجل رأى عام أن يغفلها أو يمر عليها دون الإصغاء للمعانى القريبة والبعيدة فيها والفاعل والمفعول والجار والمجرور بها .
لقد قال سيادة الرئيس (تم إطلاق يد جميع الأجهزة الرقابية للعمل بحرية دون التشكيك فيها ،وأنه لا يمكن وصول مصر إلى المعدلات العالمية فى محاربة الفساد فى يوم وليلة ! )
أنتهى كلام سيادة الرئيس والذى كان من الممكن بل الأكيد أن البعض أعتبره دغدغة لمشاعرالجماهير ومغازلة للقوى الناعمة ، ولكن بالطبع رجال الرأى العام وأفتخر بأنى أحدهم لا يقيمون أى كلام إلا بالنظر لنتائجه على أرض الواقع .
ثم تمر الأيام و يأتى عام 2018 تحديدا منتصف شهر يناير قبيل زيارة الرئيس السيسى
لمحافظة المنوفية وتعلن الرقابة الإدارية القبض على هشام عبد الباسط محافظ المنوفية بتهم فساد ، والتى تعتبر بالنسبة لكل وطنى مخلص نقطة فاصلة فى دعمه بكل ما أوتى من قوة لسيادة الرئيس السيسى ليس كرئيس بلده الحبيب مصر ولكن كقائد أخذ على عاتقه مجابهة الفساد بكل شفافية ووضوح ، وذلك بعد قراءة متأنية لما بين يدينا من بيانات تحليلية للمعلومات التالية :
1- إن المحافظ يتم إختياره بموافقة الرئيس ، وكان بإمكان الرئيس السيسى أن يعطى تعليماته بتأجيل القبض على المحافظ لبعد انتهاء زيارة الرئيس للمحافظة ، حتى لا يتم تسليط الضوء و استغلال الخبر من قبل المتربصين بسيادة الرئيس والمشككين لإجراءات الرئيس الإصلاحية ، ولكنه أصر على اتخاذ القانون مجراه معليا من شأن العمل المؤسسى .
2- كان بإمكان الرئيس أن يعطى تعليماته بالقبض ولكن لا يتم النشر ، ولكنه لم يتدخل فى عمل المؤسسة الإعلامية معليا من شأن العمل المؤسسى أيضا فى لفتة أخرى .
طبعا هناك ضربات قوية للرقابة الإدارية سبقت هذه الضربة ولكن ضربة المحافظ كانت تعتبر الضربة الأولى وتمثل الصيد الثمين لأنها موجهة لأحد قيادات النظام والتى تمثل الرئيس فيما توليه له المسئولية من مهام .
واليوم أيضا ما زالت الرقابة الإدارية بالتعاون مع كافة الأجهزة السيادية تعزف ألحانها فى حب الوطن وتبرهن على مصداقية السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى فيما قاله عام 2016 كما ذكرت أنفا ، وذلك بقيامها بالقبض على عبد العظيم حسين عبد العظيم ، رئيس مصلحة الضرائب عقب حصوله على منافع مادية وعينية على سبيل الرشوة من بعض المحاسبين القانونيين المتعاملين مع المصلحة .
ومن وجهة نظرى تعتبر أهم ملامح قوة أى نظام حاكم وبالطبع توفرت لحكم الرئيس السيسى ، ما يلى :
1- الشفافية الاقتصادية
2- التمكين للعمل المؤسسى
3- عدم تداخل السلطات
4- حرية الإعلام دون المساس بحريات الأخرين
5- محاربة الفساد بحيادية وموضوعية
وكل ما سبق يؤكد على اهتمام القيادة السياسية بالرأى العام بشكل لم يسبق له مثيل
بما يخدم المؤسسات ويقوى جهازها المناعى تجاه أى أخطار محتملة أوشائعات مغرضة .
وأحب أن أؤكد على ضرورة الفهم الدقيق لشرائح الجماهير النوعية التى سأتناولها فى السطور التالية والاهتمام بتحفيزها من خلال البنود الخمسة السابقة حتى تقوى أجسامها المضادة لرفع مناعتها فى مواجهة أى أخطار محتملة تمس تماسك الجبهة الداخلية وهو من صميم عمل أجهزة الرأى العام ..
فى البداية دعونا نتعرف على معنى الرأى العام ؛وهو توجه معين لدى مجموعة من الناس تجاه قضية ما سلبا أو إيجابا ، وبناءا عليه تتحرك موجات الجمهور حسب نوع كل شريحة دعما أو تقويضا لهذه القضية موضوع الرأى العام .
وبعد دراسة مستفيضة قضيتها أثناء فترة الدكتوراة فى العلاقات العامة ، توصلت إلى أن هناك خمس أنواع من الجماهير النوعية تجاه كل قضية أو موضوع أو علامة تجارية ، وهذه الأنواع الخمسة هى ؛
1- المبادر ونسبته الطبيعية 10%
2- رد الفعل ونسبته 20%
3- المشاهد ونسبته 40%
4- الناقم ونسبته 20%
5- الحقود ونسبته الطبيعية 10%
ولن أعيد شرح تفاصيل هذه الشرائح النوعية الخمس ، فيمكن لمن أراد تفاصيل هذه الشرائح الرجوع لمقالى البحثى المعنون (العلاقات الجماهيرية صمام امان المؤسسات ) .
وقبل أن نبدأ فى شرح كيفية هندسة الرأى العام ، دعونا نتعرف على أنواع الرأى العام ،،إن الرأى العام عبارة عن ثلاثة أنواع رئيسية وهى :
الرأى العام التلقائى : وهو الذى لم يتم التخطيط له سواء من المؤسسة أو من الجمهور .
الرأى العام الفعال : وهو الذى تم التخطيط له وتحديد الخطوات المطلوبة منه .
الرأى العام المؤقت : وهو المرتبط بفترة زمنية معينة أو بقضية معينة ، يظهر ثم يختفى من تلقاء نفسه .
وبعد معرفة الرأى العام وشرائح الجماهير النوعية ونسبها الطبيعية التى لا ينبغى أن يختل توازنها حتى لا يتسبب فى خسائر فادحة للمؤسسات والكيانات وأنواع الرأى العام ، تعالو بنا نتعرف على كيفية هندسة الرأى العام أو هندسة توجهات الجماهير النوعية وخاصة الداخلية قبل الخارجية ، لأن تماسك الجماهير الداخلية يشكل مناعة قوية جدا تجاه عوامل إنهيار المؤسسات خاصة أمام حروب الشائعات وما يسمى بالشائعات الرمادية نظرا لخطورتها بالمقارنة لباقى أنواع الشائعات .
وكلمة هندسة من أصل فعل هندس الشئ أى صممه وبناه على أسس علمية ، وهندسة الرأى العام أى بناءه بشكل فنى على أسس علمية .
ولكن هل هندسة الرأى العام مهمة ؟.
كما ذكرت أن الاهتمام بالرأى العام بدأ نجمه يلمع بعد الحرب العالمية الثانية وما حوته من أحداث استسلام كثير من الدول دون أى قتال يذكر بسبب الهزيمة النفسية أولا .
وذلك كان سببه سقوط كثير من الدول داخليا قبل انهزامها عسكريا بسبب فتك الشائعات بها ، وباتت أجهزة العلاقات العامة تمثل الجهاز المناعى للدول والمؤسسات كما أكد على ذلك العالم “كندال” .
وإذا لم تهتم أجهزة العلاقات العامة الداخلية وتلعب باحتراف على هندسة الرأى العام فإنها سوف تجد أن شريحة الجمهور المبادر فى دعم المؤسسة سوف تختفى وتتحول لفئة الجمهور المسماة “رد الفعل ” وهى فئة نفعية تعمل على دعم المؤسسة فيما يعود على هذه الفئة من نفع ، أما إذا غلب على ظنها عدم جدوى ما تقوم به من دعم المؤسسة ، فلن تقدم أى دعم ، ثم بعد فترة إذا ظلت أجهزة العلاقات العامة الداخلية على نفس المستوى من البلادة الفكرية فى توجيه الرأى العام ، فإن ما يقرب من نصف فئة الجمهور “رد الفعل ” سوف يتحول لفئة الجمهور ” المشاهد ” لتصبح النسب صفر نسبة المبادر ، و10% نسبة “رد الفعل ” و20% نسبة المشاهد ، و40% نسبة الجمهور” الناقم ” و30% نسبة الجمهور ” الحقود ” ، وإذا لم تفق أجهزة العلاقات العامة الداخلية من سباتها العميق ، فسوف تتغير النسب لتصبح نسبة المبادرصفر 0% ونسبة رد الفعل 0% وبمجرد اختفاء نسبة رد الفعل والذى كان يدافع عن المؤسسة حتى ولو بشكل نفعى ، سوف يتم استقطاب الجمهور من فئة ” المشاهد ” وبذلك يتعملق الجمهور ” الناقم” وفئة الجمهور”الحقود ” وعندها تكون بداية إنهيار المؤسسة .
مما سبق يتضح لنا أهمية عمل أجهزة العلاقات العامة الداخلية والرأى العام فى الحفاظ على النسب الطبيعية لشرائح الجماهير النوعية الخمسة حتى تحافظ على توازن المؤسسة .
وفيما يلى سأشرح أهم الخطوات اللازمة على أجهزة العلاقات العامة والرأى العام للحفاظ على النسب الطبيعية لشرائح الجماهير النوعية .
بدون التحفيز لفئة الجمهور ” المبادر” فإن السيناريو المرعب لاختفاء هذه الشريحة ومن بعدها شريحة ” رد الفعل ” سوف يكون واقعا مريرا .
إذا لابد من قياس الرأى العام بين الحين والأخر ، لاكتشاف أى تغير يطرأ على نسب شرائح الجماهير النوعية ، ومن ثم العمل على معالجة هذا التغير لإرجاع النسب كما كانت .
وهناك خمس قواعد أساسية ينبغى على أجهزة العلاقات العامة وقياس الرأى العام وكذلك إدارات التوجيه المعنوى بكل مؤسسة اتباعها للحفاظ على النسب الطبيعية سالفة الذكر وكذلك الحفاظ على تماسك المؤسسة وتعزيز قيم الولاء والانتماء …
وهذه القواعد هى :
1- الشفافية والوضوح :
إن توضيح ما يقع من أحداث وعدم ترك الضبابية تسيطر على المشهد يسهم بشكل كبير فى القضاء على الشائعات ، إذ أن الغموض يعد بيئة خصبة للشائعات ، فلا تترك أى غموض يحيط بأمر ما فى المؤسسة ، لأنك سوف تبذل أضعاف ما يتم بذله فى التوضيح .
2- سياسة الباب المفتوح :
ينبغى تخصيص يوم فى الشهر أو الأسبوع يتم فيه اتباع سياسة الباب المفتوح ، من القيادات العليا للجماهير النوعية ، فلربما جاؤك من سبأ بنبأ يقين .
3- المشاركة فى صنع القرار :
إن القرارات التى يتم أخذ رأى الجماهير فيها أو حتى طرحها للنقاش معهم تكون مدعومة جماهيريا بالمقارنة لتلك التى يتفاجأ الجمهور بها .
4- لقاءات دورية للتواصل مع الجماهير :
وهى تدعم عملية الولاء والإنتماء للمؤسسة بما يزيد عن 55% من نسبة الولاء والإنتماء للمؤسسة ، وكما يقول المثل المصرى ” البعيد عن العين ،بعيد عن القلب ” .
5- أخبرهم بمنحنيات الطريق :
إن فى إطلاع الجماهير على المعوقات والتحديات التى تواجه القيادة ، تجعل الجماهير تثق فى القيادة وتتأكد من قوتها ، إذ أنه عندما تكون القيادة ضعيفة وهشة ، فإنها تخشى من إخبار الجماهير بالتحديات خوفا من فقد ثقة الجماهير فيها .
واخيرا وليس بأخر ، علينا جميعا أن نعلم بأن الرئيس السيسى اختار الخيار الصعب لاعادة مصر على الخريطة السياسية والاقتصادية فبعدما كانت القروض والمساعدات توجه للانفاق على دعم الاستهلاك أصبحت توظف فى بناء الوطن وهو ما أزعج كثيرا ممن لا يريدون لمصر أن تصبح فى مصاف الدول المتقدمة .
إن إى إنسان موضوعى متجرد يرى بوضوح الان التطور والتفوق العسكرى المصرى والذى واجه فيه سيادة الرئيس السيسى حرب شرسة ضروس من الشائعات عندما اتخذ قرار بصفقة الرفال وكذلك “ميسترال” والتى أدرك الجميع الان قوتها فى تغيير التصنيف العسكرى للجيش المصرى ليس ذلك فحسب ولكن على المستوى الاقليمى تقديم الدعم للأشقاء العرب فى النوازل والكوارث التى حلت بهم كما حدث بالأمس القريب مع الشقيقة ” ليبيا “
كان بإمكان الرئيس أن يتخذ الخيار الأسهل والمخطط لبلادنا من قبل القوى العظمى ولكنه أبى إلا أن يحمل أمانة القيادة والتى نعلم جميعا أنه يتعامل فيها مع ربه قبل أن يهتم أو ينشغل برأى كاره أو مدح محب ،، نعم نعلم جميعا ذلك من خلال كلماته التلقائية فى مختلف المناسبات ، نعلم ذلك من خلال عبراته الغير مقصودة والتى تختلسها العدسات دونما شعور منه .
كان بإمكان الرئيس أن يتجنب كل هذه الحروب لو أنه لعبها سياسة ولكنه لم ولن يلعبها سياسة أبدا ببساطة لأنه يعلم أن الأمر كله لله وعليه أن يفعل ما يمليه عليه ضميره والأمانة التى فى عنقه والتى يعلم جيدا أن الله وحده هو صاحب الحق فى سؤاله عن قراراته وهذه الأسباب كانت وراء هذه القوة التى يتصرف بها الرئيس السيسى فى مختلف المواقف .
ولمن يريد الاطمئنان أكثر فى أسباب دعمنا للرئيس لفترة رئاسية قادمة إليك هذين الخبرين الذين يحملان بين سطورهما رائحة العزيمة والإصرار من قبل القيادة على فتح ملفات شائكة للخروج من الهيمنة الاقتصادية التى كانت مفروضة علينا عقودا من الزمن ….
الخبر الأول وهو اعلان شركة MCV المصرية العاملة فى مجال تصنيع الاتوبيسات عن البدء فى تصدير أول دفعة حافلات كهربائية إلى ألمانيا للعمل بشبكة النقل العام بمدينة برلين ، والحافلة من طراز C127-EV بمكون محلى يبلغ 80% لتكون بذلك أول حافلة تحمل شعار “صنع فى مصر ” تعمل بشوارع العاصمة الألمانية …
الخبر الثانى نجاح شركة مصرية فى تصدير 15 مليون ضفيرة كهربائية لمصانع السيارات فى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وهناك الكثير والكثير ولكن اكتفيت بهذين الخبرين والذين يؤكدان أن مصر السيسى تحمل مذاقا جديدا ولكن يحتاج هذا المذاق من الشعب صبرا وثقة ورد الجميل لفخامة الرئيس على أمانته فى قيادة الوطن .