بقلم – د . إسـلام جمــال الدين شــوقي
خـبير اقـتصـــادي
عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي
اتجهت دول العالم المختلفة منذ عدة سنوات في المضي قدمًا نحو ما يُعرف ب«الاقتصاد الأخضر» كأحد الاستراتيجيات التي من شأنها تقليل المخاطر البيئية المرتبطة بالاقتصاد، حيث يساعد الاقتصاد الأخضر في تحقيق التنمية المستدامة دون أن يحدث حالة من التدهور أو التلوث البيئي.
ووفقًا للأمم المتحدة يُعرف الاقتصاد الأخضر بأنه ذلك النشاط الذي من شأنه استخدام الموارد بكفاءة عالية جدًا دون حدوث انبعاثات كربونية أو بمعنى أدق تخفيض الانبعاثات إلى أقصى حد ممكن، وتعم فوائده لتشمل جميع أفراد المجتمع، ويتم التركيز في أنشطة الاقتصاد الأخضر على المشروعات التي من من شأنها تقليل الانبعاثات والملوثات الكربونية، بالإضافة إلى تعزيز فاعلية استخدام المصادر الطبيعية والطاقة باختلاف أشكالها، حتى تستطيع حماية الأرض من أخطار فقدان التنوع البيولوجي والحفاظ على التوازن البيئي.
تسعى مصر للتحول نحو تطبيق الاقتصاد الأخضر، ولقد نص الدستور المصري في المادة 32 عن الحفاظ على الموارد الطبيعية ومراعاة حقوق الأجيال القادمة، كما تؤكد رؤية مصر 2030 على البعد البيئي كمحور أساسي في كافة القطاعات التنموية، فضلاً عن تكليفات القيادة السياسية بالتركيز على الاقتصاد الأخضر، ومراعاة الأبعاد البيئية في المشروعات التنموية، علاوةً على كل ذلك تحاول مصر المضي قدمًا نحو التحول الرقمي وتطبيق الاقتصاد الرقمي أيضًا والإسراع في عملية التحول خاصةً في ظل جائحة كورونا.
وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية في تعزيز التحول الرقمي وخدمة الاقتصاد الرقمي، إلا أنه هناك بعض القصور في التطبيق، ويوجد أيضًا بعض الفجوات التكنولوجية والتي يجب على مواجهتها في ظل التحديات الجديدة التي تشهدها مصر من خلال وضع وتنفيذ استراتيجيات لتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد، إن عملية التحول الرقمي هي عملية تطبيق التقنيات الرقمية لتجديد طريقة إنجاز الأعمال وإبداع قيمة جديدة وتقديمها.
ويمكن لمصر أن تحقق خطوة رائدة وناجحة في تطبيق الاقتصاد الأخضر، والاقتصاد الرقمي على السواء عن طريق تبني مفهوم الفاتورة الخضراء.
ما هي الفاتورة الخضراء.. وما هو مفهومها؟!
تُعدُ «الفاتورة الخضراء» أحد الأدوات الهامة التي تساعد في عملية التحول نحو الاقتصاد الأخضر والرقمي، فما هي هذه الفاتورة؟.
وهي عبارة عن نسخة إلكترونية من الفاتورة الورقية يمكن أن تصل إلى المشتركين في خدمات الكهرباء، والمياه، والغاز، والتليفون عن طريق البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية على الموبايل بعد أن يقوم بالتسجيل في هذه الخدمة من خلال خطوات بسيطة وسريعة، وهذا يتطلب بطبيعة الحال من الحكومة أن تعكف على توفير التطبيقات الرقمية اللازمة من أجل تطبيق الفاتورة الخضراء التي تحافظ على البيئة.
ما هي مميزات الفاتورة الخضراء، وما هي فوائدها؟
تتميز «الفاتورة الخضراء» في أنها صديقة للبيئة حيث تقلل من استخدام الأوراق، مما يساعد على دعم استدامة الموارد الطبيعية مثل الأشجار، والمساهمة في الحفاظ على البيئة والحد من النفايات والانبعاثات الكربونية، كما أنها توفر سرية وأمن المعلومات إلى جانب سرعة الحصول على الفاتورة عندما يتم اصدارها مما يساعد في تجنب أي تأخير قد يحصل عند تسليم الفاتورة الورقية التي تأخذ فنرة من الزمن إلى أن يتم اصدارها وتوزيعها، ويتم وصول الفاتورة إلى المشترك إليكترونيًا على الإيميل الخاص به أو عن طريق الرسائل النصية أو يتم الدخول على التطبيق الخاص بذلك.
ومن أهم مميزات «الفاتورة الخضراء» أيضًا أنها تتيح إمكانية الدفع الإليكتروني بأمان في أي وقت ومن أي مكان، علاوةً على هذا أنها تساعد في عملية تنظيم الفواتير الشهرية حيث سيتوفر لدى المشترك سجل كامل لجميع الفواتير الشهرية والمبالغ التي تم دفعها إلكترونيًا، ويكون متاح الرجوع إلى استهلاكات الفواتير السابقة في أي وقت عندما يريد المشترك ذلك من أجل مشاهدة استهلاكه أو عمل مقارنة بين استهلاكاته السابقة وبعضها.
كيف يمكن دفع الفاتورة الخضراء؟
يمكن الدفع عن طريق عدة وسائل:
1- عن طريق التطبيقات الخاصة بشركات الكهرباء والمياه والغاز الطبيعي والتليفون ( مقترح تصميمها).
2- عن طريق ماكينات الصراف الآلي الخاصة بالبنوك.
3- هيئة البريد المصرية ( مقترح ).
4- الموقع الإليكتروني لشركات الكهرباء والمياه والغاز الطبيعي والتليفون.
ما هو الفرق بين الفاتورة الخضراء والدفع الإليكتروني؟
وحتى لا يحدث خلط لدى الأفراد ليس المقصود «بالفاتورة الخضراء» هو مجرد الدفع الإليكتروني للفواتير فهو متوفر بالفعل مع شركة خاصة متفقة مع الحكومة المصرية على ذلك مقابل تحصيل رسوم وتقوم بطبع الإيصال للعميل عند الدفع.
أما الفاتورة الخضراء حكمتها تكمن في أنها صديقة للبيئة تقلل من استخدام الأوراق، مما يساعد على دعم استدامة الأشجار، بجانب أنها مطبقة في دول العالم المختلفة حيث لايتحمل الأفراد أي أعباء أومصاريف أورسوم إضافية يتم دفعها عند السداد للفواتير كما هو الحال مع الشركة الخاصة التي يتم الدفع من خلالها فقط لمبلغ الفاتورة دون إمكانية معرفة العميل بالتفاصيل الخاصة بفاتورته وإذا أراد معرفة التفاصيل يتم توجيهه إلى شركة الكهرباء أو المياه على سبيل المثال لمعرفة التفاصيل.
وبناء على ماسبق فإنه يجب على الحكومة المصرية في ظل التحول نحو الاقتصاد الأخضر الذي يحافظ على الموارد الطبيعية وعدم استنفاذها والتقليل من الانبعاثات الكربونية بجانب تحول مصر أيضًا نحو الاقتصاد الرقمي وفي ظل التحول الرقمي والميكنة القيام بإصدار تكليفاتها نحو تبني فكرة الفاتورة الخضراء.
ما هي آليات التنفيذ للوصول إلى نشر الفاتورة الخضراء؟
ويبدأ هذا العمل بتكليف شركات الخدمات كالكهرباء والمياه والغاز وغيرها من الشركات التي تقدم خدماتها للمواطنين بعمل التطبيقات الإليكترونية اللازمة الخاصة بكل شركة وإتاحتها للجميع من أجل استخدامها.
ولا يقتصر الأمر على الدفع فقط ولكن إتاحة كل التفاصيل الخاصة بالاستهلاكات والتعريفة التي يتم الاحتساب على أساسها وغيرها من الأمور الفنية وإمكانية تقديم شكوى في حالة حدوث خطأ أو استفسار.
وأن يكون كل ذلك متاحًا عبر التطبيق الإليكتروني مما يساهم في سرعة التحصيل للفواتير وعدم تراكمها وحل المشاكل الخاصة بالعملاء وعدم ازدحام أماكن الشركات التي تقدم تلك الخدمات وتحدث منفعة كبيرة ومتبادلة للجميع ويتم تحقيق الأهداف التنموية المنشودة والعمل على استدامتها حتى يتم تحقيق التنمية المستدامة.