وجد الباحثون أن كبار السن الذين تلقوا اللقاح كانوا أقل عرضة بنسبة 20% لتشخيص الخرف خلال السنوات السبع التالية مقارنة بمن لم يتلقوه، وهو تأثير حافظ على قوته عبر جميع التحليلات، وكان أوضح لدى النساء. كما كشفت دراسة لاحقة للفريق نفسه أن اللقاح قد يساعد حتى الذين لديهم خرف بالفعل عبر إبطاء تدهور الحالة.

نشأ هذا الاكتشاف نتيجة قاعدة تطعيم خاصة في ويلز اعتمدت على سن محدد بدقة، الأشخاص الذين كانوا في سن 79 عاما بتاريخ 1 سبتمبر 2013 أصبحوا مؤهلين للحصول على اللقاح لمدة عام، بينما من كانوا قد تجاوزوا الـ80 لم يصبحوا مؤهلين أبدا؛ هذا الحد الصارم خلق ما يشبه تجربة طبيعية سمحت للباحثين بمقارنة أشخاص متطابقين تقريبا في كل شيء ما عدا كونهم محددا بفارق أسبوع حول هذا التاريخ؛ وبفضل السجلات الصحية المفصلة في ويلز، تمكن الباحثون من متابعة ما يزيد عن 280 ألف شخص بين 71 و88 عاما لم يكن لديهم خرف في بداية الدراسة، وتحليل الفروق في النتائج الصحية بين المؤهلين وغير المؤهلين للتطعيم.

أظهرت النتائج أن اللقاح خفض حالات الهربس النطاقي بنسبة 37%، وهو ما ينسجم مع البيانات السريرية؛ لكن الأكثر لفتا للنظر هو الانخفاض الملحوظ في تشخيص الخرف، فبحلول عام 2020 كانت إصابة الخرف قد ظهرت في شخص واحد من كل ثمانية، لكن أولئك الذين حصلوا على اللقاح كانوا أقل عرضة للإصابة بنسبة 20%؛ وبعد فحص جميع العوامل المحتملة، لم يجد الباحثون أي اختلاف جوهري بين المجموعتين سوى تلقي اللقاح.

امتدت التحليلات لتشمل الأشخاص الذين لديهم بالفعل تدهور إدراكي بسيط أو خرف عند بدء برنامج التطعيم؛ فقد كان احتمال تشخيص التدهور الإدراكي أقل بين المطعمين، وظهر تأثير أقوى بين من لديهم خرف مسبقا؛ إذ كان احتمال وفاة المطعمين بسبب الخرف خلال السنوات التسع التالية أقل بكثير مقارنة بغير المطعمين، مما يشير إلى احتمال أن اللقاح يبطئ تقدم المرض.

كما كشفت الدراسة عن فارق ملحوظ بين الجنسين؛ إذ بدا تأثير اللقاح في الوقاية من الخرف أقوى بكثير لدى النساء؛ ويعتقد أن هذا قد يرتبط بفروق بيولوجية في الاستجابة المناعية أو بطريقة تطور الخرف لدى الجنسين، فنساء كثيرات ينتجن مستويات أعلى من الأجسام المضادة بعد التطعيم، كما أن الهربس النطاقي أكثر شيوعا لديهن.

ورغم النتائج القوية لا يزال العلماء غير متأكدين من كيفية عمل اللقاح تحديدا في الحماية من الخرف. فقد يكون التأثير ناتجا عن تحفيز الجهاز المناعي، أو انخفاض إعادة تنشيط فيروس الجديري المائي، أو آلية أخرى غير معروفة؛ كما لم يتضح بعد ما إذا كان اللقاح الأحدث الذي لا يحتوي على الفيروس الحي يمكن أن يمنح حماية مشابهة أو أقوى.

ومع ذلك تشير البيانات من دول أخرى بما في ذلك إنجلترا وأستراليا ونيوزيلندا وكندا إلى نمط مماثل، حيث تظهر إشارة قوية متكررة على انخفاض خطر الخرف بين الذين تلقوا لقاح الهربس النطاقي. ويدعو الباحثون الآن إلى إجراء تجربة سريرية عشوائية واسعة لتأكيد ما إذا كان اللقاح هو السبب المباشر لهذا الانخفاض؛ ويعتقدون أن مثل هذه التجربة ستكون بسيطة نسبيا لأن اللقاح آمن ويعطى مرة واحدة فقط، وقد تظهر نتائجها خلال فترة قصيرة نظرا لسرعة ظهور الفارق في معدلات الخرف في البيانات الحالية.

تشير هذه الدراسات مجتمعة إلى أن وسيلة وقائية عملية وفعالة ضد الخرف قد تكون موجودة بالفعل وغير مستغلة حتى الآن.