بقلم: د. هند المتولي إبراهيم
دكتوراة في الاقتصاد-كلية الدراسات الإفريقية-جامعة القاهرة
بالنسبة لهدف ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع: فقد حث الإسلام على طلب ونشر العلم، وما يترتب عليه من الثواب العظيم، وهناك العديد من الآيات والأحاديث التي تدل على ذلك منها: قوله تعالى: ” ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ ” اقرأ:1. ” وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ” طه: جزء من الآية 114. ” قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ ” الزمر: جزء من الآية 9. وقول الرسول صل الله عليه وسلم: ” إذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ” . ومنها أيضًا: عن أبي الدرداء – رضي الله عنه – قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” من سلك طريقا يلتمس فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم ، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض ، والحيتان في جوف الماء ، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، وإن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ، ورثوا العلم ، فمن أخذه أخذ بحظ وافر ” وهذا حديث عظيم يدل على أن طلب العلم أفضل الأعمال ، وأنه لا يبلغ أحد رتبة العلماء ، وأن رتبتهم تأتي بعد رتبة الأنبياء . ومن الأحاديث التي تُحث على نشر العلم وعدم كتمه قول الرسول صل الله عليه وسلم: ” من سُئل عن علم يعلمه فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار” .
بالنسبة لهدف المساواة بين الجنسين: إن الإسلام دين العدالة؛ بإعطاء كل ذي حق حقه، والعدالة لا تقتضي المساواة، فالعدل مع المرأة لا يعني مساواتها بالرجل من كل الجوانب، والإسلام لا يدعو إلى مساواة الرجل والمرأة من كل الجوانب؛ لأن من يدعو إلى المساواة بينهما ويتجاهل الفروق بينهما في الخلقة والتكوين يُعرض المرأة للظلم؛ لأنه يُكلفها بما لا يتناسب مع خلقتها وطبيعتها، كما قال تعالى: ” وَلَيۡسَ ٱلذَّكَرُ كَٱلۡأُنثَىٰۖ ” آل عمران: جزء من الآية 36. فالعدل أن يكون لكل من الذكر والأنثى خصائصه التي تليق به، ويُكلف بما يُناسبه، ولا يُحمل فوق طاقته، كما قال تعالى: ” لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ ” البقرة: جزء من الآية 286. فالإسلام ساوى بين الرجل والمرأة في عدة أمور، والاستثناء من ذلك كان لمصلحة المرأة. ومن الأمور التى ساوى فيها الإسلام بين الذكر والأنثى: في القيمة الإنسانية؛ حيث لا فرق بينهما في الأصل والفطرة والقيمة والأهمية. كما قال تعالى: ” وَٱللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ جَعَلَكُمۡ أَزۡوَٰجٗاۚ ” فاطر: جزء من الآية 11. كما ساوى بينهما في المسؤولية، فكل منهما مسؤؤل عن عمله ” كُلُّ ٱمۡرِيِٕۭ بِمَا كَسَبَ رَهِينٞ ” الطور: جزء من الآية 21. وأيضًا ساوى بينهما في الحقوق مثل: حق التملك والتعاقد والبيع والشراء.. وقد ذكر الله كثيرًا في القرآن الكريم المؤمنين والمؤمنات أحدهما إلى جانب الآخر. لكن الإسلام فرق بينهما في بعض الأحكام الشرعية؛ مراعاة للمرأة والتخفيف عنها ورحمة بها مثل: الصلاة والصوم أثناء الحيض والنفاس، كما أعفى الإسلام المرأة من أعباء الحياة المعيشية، فأوجب النفقة على الرجل، وفرق بينهما في أحكام الميراث؛ لحكم إلهية ومقاصد ربانية، لا يرجع لمعيار الذكورة والأنوثة، وإنما مراعاة للتوازن بين أعباء الرجل والمرأة ، مع العلم أن الإسلام منح المرأة حقها في الميراث والذي لم تكن تحصل عليه في الجاهلية، بالإضافة إلى أن الشرع الحنيف أعطى للمرأة في كثير من الأحيان أكثر من الرجل. وتفضيل الرجل عن المرأة من حيث كونه قوَام عليها فهو يكدح ويضرب في الأرض حتى يكفل للمرأة سبل الحياة اللائقة، ويجب على المرأة أن تفرح بهذه القوامة لأن الله سبحانة وتعالي أعطى المشقة والتعب للجنس المؤهل لذلك. وتفضيل المرأة عن الرجل من حيث كونها سكن له يتناسب معها الحنان والعطف والرأفة، كما أن لها مهمة لا يقدر عليها الرجال كالحمل والولادة، ولا يمكن للرجل أن يتحمل ما تتحمله المرأة، فكل منهما يُكمل الآخر حتى تستقيم الأسرة.
ونظرًا لاختلاف المرأة عن الرجل في المظهر والبنيان واتجاهات التفكير والرغبات والميول، نهى الإسلام عن مطالبة مساواة المرأة بالرجل، فعندما قالت السيدة أم سلمة يغزو الرجال ولا تغزو النساء، وإنما لنا نصف الميراث..أنزل الله سبحانه وتعالى: ” وَلَا تَتَمَنَّوۡاْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِۦ بَعۡضَكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٞ مِّمَّا ٱكۡتَسَبُواْۖ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٞ مِّمَّا ٱكۡتَسَبۡنَۚ” النساء: جزء من الآية 32.
وفي الختام لابد أن ندرك أن الإسلام جاء دينًا شاملًا متوازنًا، يُنظم كافة شؤون الدنيا والآخرة، فهو المنهج القويم الذي يصلح به حال العباد في الدنيا والآخرة، لذلك فهو يدعو إلى تحقيق كافة أهداف التنمية المستدامة مجتمعة. وعلى كل فرد في المجتمع وهو يتطلع إلى تحقيق التنمية المستدامة أن يشعر أنه جزء من كيان المجتمع، ويُدرك أنه عنصر إيجابي وليس عنصرًا سلبي التصرف والسلوك، لهذا لابد أن يسير على هذا المنهج الرباني الذي وضعه الله لنا حتى يُجني ثمار عمله في الدنيا قبل الآخرة.
التعليقات مغلقة.