كيفية مواجهة التطرف الفكري والديني والارهابي
بقلم – الدكتور عادل عامر:
إن الكشف عن جذور التطرف، والعنف والإرهاب ومعرفة أسبابه هو موضوع الساعة وهو في نظرنا من أشد الموضوعات خطورة وأثرًا وأجدرها بالدرس المتأني ذي النفس الطويل؛ ذلك لأن المسلمين اليوم وهم يواجهون مشكلات الحضارة وتحديات العصر ومعركة البقاء لا يواجهون ذلك كله وهم على منهج واحد كما تواجهه الأمم الأخرى بل هناك مناهج لدينا نشأت أو قل نبتت من الابتعاد عن المنهج الأمثل المنهج الحق الذي ارتضاه لنا رب العالمين
لان المواجهة الأمنية ليست هي السبيل الوحيد والأوحد لهذه الجماعات، وإنما هناك طرق أخرى كثيرة أهمها المواجهة الإعلامية عبر المنافذ الإعلامية الكثيرة، والمواجهة الدينية التي تخرج من مؤسسات الدولة الدينية المتمثلة في الأزهر الشريف، والمواجهة العلمية عبر مراحل التعليم المختلفة، لإحباط المخططات الدولية التي تسعى الجماعات المتطرفة لتنفيذها ليست في مصر فحسب، بل على في الشرق الأوسط بشكل عام والمواجهة القانونية من خلال المشرع .
ولا شك أن لجوء الجماعة وحلفائها إلى الإرهاب والعنف هو أقصر الطرق إلى الانتحار الفردي والجماعي، والخبرة الماثلة للعيان في كافة الأنحاء تشير إلى ذلك وبوضح فلم تكسب الجماعات الإرهابية معركة قط ولم يفضى الإرهاب إلى تحقيق أي هدف باستثناء تلك الأهداف السلبية التي تصاحب الإرهاب مثل اختطاف الإسلام وتشويه صورة الإسلام والمسلمين وتعبئة الرأي العام العالمي ضد قضايانا المصيرية وتدعيم الانقسام والاستقطاب على الصعيد الوطني والصعيد العالمي وسيادة قيم التطرف والتكفير والانتقام وتعطيل العقل والتفكير وفتح الباب للعودة البدائية لقيم العدوانية والعنف ووضع المسلمين في موضع الاشتباه والتوجس في المطارات والسفارات والموانئ والمعابر الحدودية. ليس أمام مصر من خيار سوى المواجهة الحاسمة للإرهاب في إطار القانون والمصلحة العامة وتعبئة كافة القوى المعنوية والمادية من أجل الفوز في المعركة ضد الإرهاب وإرساء قواعد ومبادئ التحول الديموقراطي واعتماد الصراع السياسي السلمى بأساليبه وآلياته المعروفة وسوف يكون الفشل حليف من يتبنى نهج العنف والإرهاب
أن مواجهة الإرهاب تحتاج لـ 6 محاور،
1- المحور السياسي في مواجهة الارهاب والتطرف
الإحباط السياسي: فإن كثيرًا من البلدان العربية والإسلامية لم تكتف بتهميش الجماعات الإسلامية وعدم الاكتراث لها، بل وقفت في وجهها، وتصدت لأربابها، وحصرت نشاطها، وجمدت عطاءها، حتى في بعض البلدان التي تدعي الديمقراطية وحرية الرأي، فإن هذه الأمور إذا جاءت في صالح تيار إسلامي، أو جماعة إصلاحية فسرعان ما يتحول الأمر إلى المنع والقمع والتصدي والتحدي مهما كانت الجماعة معتدلة، والتيار متسامحًا، والحزب متنورًا، وهذا من شأنه أن يولد المنظمات السرية، والتوجهات المناهضة، وردود الأفعال الغاضبة التي لا تجد ما تصب فيه غضبها، وتفرغ فيه شحنات عواطفها إلا امتطاء صهوة الإرهاب، وذلك ما تمثل واقعًا حيًا مشاهدًا في كثير من البلدان. يؤثر العنف والتطرُّف على سير العمليات السياسية والتبادل السلمي للسلطة في البلدان التي تقع تحت تأثيره بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فمن تأثيرات التطرُّف المباشرة على العملية السياسية ما يأتي:
سيطرة المنظمات المتطرِّفة على مقاليد الحكم بصورة مباشرة، وتوجيه دفَّة القيادة بها حسب الآيدولوجيا التي تحملها، وبالتالي تعطُّل العملية السياسية بصورة مباشرة. انقطاع الصلة بالعالم الخارجي وما يربط هذه الدولة من علاقات سياسية أو دبلوماسية نتيجة التغيير الكبير للسياسة الخارجية للدولة الواقعة تحت سيطرة المنظمات المتطرِّفة.
اختلال معايير التقييم السياسي في هذه الدول، والتي يغلب عليها الطابع الفكري وضرورة تـنزيله في صورة أوامر غير قابلة للنقاش، مما يعطِّل معه الدور السلمي الذي كانت تلعبه العملية السياسية في تلك الدول. تعطيل الانتخابات والدوائر السياسية والمجالس البلدية وغيرها من مسمَّيات التنظيم السياسي في البلد، وتركُّز السلطة والقوة في يد المنظمات المتطرِّفة. تصاعد الشعور بالغبن والإحساس بالظلم نتيجة تركُّز السلطة السياسية في أيدي قادة المنظمات المتطرِّفة، مما ينشأ عنه نوع من المعارضة الخفية أو المعلنة، والتي بدورها تؤدِّي إلى عدم الاستقرار السياسي نتيجة التنازع المستمر حول السلطة.
2- المحور الاقتصادي في مواجهة الارهاب والتطرف
توقُّف التنمية الاقتصادية نتيجةً لتوقُّف المصانع والمزارع وحقول النفط “البترول” وغيرها، وذلك إمَّا بسبب تدميرها الكامل خلال عمليات عسكرية قامت بها المنظمات المتطرِّفة، أو بسبب هجر العُمَّال والمزارعين والصُنَّاع لها، خوفاً على حياتهم، أو بسبب انعدام المادة الخام التي تشكِّل الأساس الذي تدور به عجلات وماكينات هذه المصانع.
ومباشرةً ترتفع نسبة البطالة بين الشباب وغيرهم من قطاعات المجتمع، ممن كانوا يعملون في هذه المصانع والمزارع وأماكن الإنتاج الأخرى. الارتفاع المباشر في أسعار السلع والخدمات نتيجةً لقلة العملات الأجنبية، بسبب توقُّف الاستثمارات الخارجية الناتج عن الحروب والأوضاع الأمنية المتوترة. توقُّف التبادل التجاري بين هذه البلدان الواقعة تحت تأثير وسيطرة المنظمات المتطرِّفة، وبين الدول التي كانت لها معها تعاملات تجارية واقتصادية واستثمارية قبل ذلك، مما ينتج عنه ضعف اقتصاديات هذه الدول، ودخولها في موجة من الفقر والمجاعات ونقص العلاج بأنواعه المختلفة. الحصار الاقتصادي الذي تفرضه الدول الكبرى في العالم على هذه الدول الواقعة تحت تأثير المنظمات المتطرِّفة، يؤدِّي إلى تفاقهم أزمات هذه الدول بصورة كبيرة، بل وتتعطَّل بسببه كثير من الأنشطة الاقتصادية بسبب توقُّف دخول معينات الإنتاج والتنمية، كقطع غيار السيارات، والمصانع، والآليات الزراعية والصناعية الأخرى، بل وحتى المواد والسلع الغذائية، والأدوية، وغير ذلك.
3- المحور الاجتماعي في مواجهة الارهاب والتطرف
حيث توجد تنمية مشوهة غير قادرة على النفاذ إلى كل الطبقات، وإلى كل الربوع، ونحو الكل دون تمييز ديني أو نوعي. فالدولة لم تستطع أن توزع عوائد التنمية على المناطق الجغرافية، ما بين الريف والحضر، وداخل الحضر، وبين الشمال والجنوب. وكان من تبعات ذلك أن تطوَّر ما يسمَّى بالاقتصاد الموازي.
فغياب أجهزة الدولة داخل المجتمعات الفقيرة يعوّض في أغلب الأحيان بالجماعات الإسلامية التي كانت تموَّل بشكل رئيسي من خلال مصادر من داخل الخليج، التي مارست عملها داخل مناطق انصرفت عنها الدولة. وبالتالي أخذت جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمات إسلامية أخرى على عاتقها تشييد وإدارة شبكة موسعة من المدارس والعيادات الصحية والمساجد في جميع أرجاء الدولة.
إذ لم يقتصر نفاذ هذه الجماعات الدينية السلمية والعنيفة على المناطق الريفية بل ونفذت إلى المناطق الحضرية الفقيرة، مع دخول أبنائها الريفيين إلى الحضر واصطدامهم بأزمة التحديث وثقافته المغايرة بالكلية لثقافتهم الريفية المحافظة.
ويصف “جيل كيبل” بدقة هذه الفئة من فقراء الحضر الذين ينضمون لجماعات التطرف، ردا على إهمال الدولة لهم، “هذه الفئة تتميز بثلاث خصائص: فهي أولا فقيرة، وهي على مستوى من المعرفة يفوق بكثير مستوى آبائها، ولا تملك ذاكرة في النضال من أجل الحصول على الاستقلال، الذي بنيت عليه النخبة الحاكمة مشروعيتها. وفي ذات الوقت قلما أتيح لها أن تحظى بفرص للشغل، وأخيرا لا تتأثر لا تتأثر بخطاب النخبة الحاكمة الذي تستمد منه مشروعيتها، والذي يعود إلى الخمسينيات وبداية الستينيات”.
يضاف لذلك أن أغلب قيادات أعضاء الجماعات المتطرفة جاءوا من الجنوب، وبالتحديد من محافظات بني سويف والمنيا والفيوم وأسيوط وقنا. وهي من المحافظات الأكثر فقرًا، وتتركز فيها الثروة في يد عائلات تمكنت سلطويًا عبر جميع الحكومات المتتابعة من احتكار الثروة. فالمسألة لا تقف عند غياب التنمية عن الصعيد، بل تبدأ من هذه السيطرة القبلية لجماعات أو عائلات، احتكرت الثروة والسياسة وفرص التطور. وكما يقول بودريار فإن الإرهاب صنو الهيمنة، إذ “إنه الظل المرافق لكل نسق من الهيمنة … إنه موجود في صلب هذه الثقافة التي تحاربه”.
4- المحور الاعلامي في مواجهة الارهاب والتطرف
أن الصورة تلعب دورًا بالغ الأهمية في التأثير في عقول المتلقين، وبالتالي اعتمدت عليها الجماعات المتطرفة لتوصيل أفكارها وتحقيق أهدافها. أن الولايات المتحدة الأمريكية سعت لتقديم صور تعتمد على مشاهد معينة، تبرز فيها انضباط الجنود، والأسلحة المتقدمة، ومشاهد قليلة جدًا تحتوي على العنف. بينما سعت داعش لتحقيق أهدافها من خلال الصورة بإبراز صور أكثر واقعية مبينة جوانب القوة والعنف، ومستخدمة شعارات دينية جعلتها تنجح في استقطاب عدد أكبر من الشباب. أنه يفتقر للتوازن،
ولا يتميز ببعد أخلاقي ولا رسالة واضحة، يعتمد على المغالاة في الكراهية، ويقدم خطابًا لا يحترم العقول، ويحط من قيمة المتلقي، خاصة الشباب.
إن داعش، من ناحية أخرى، استطاعت أن تستخدم كل الوسائل التقليدية والحديثة لاستقطاب هذا الشباب، معتمدة على العديد من الأدوات كاللغة والخطابات الحماسية والآيات القرآنية والوعد بالجنة. ، أنه لا يوجد استراتيجية إعلامية عربية لمواجهة الإرهاب، بل أن الإعلام العربي ارتكب عدة أخطاء في تعامله مع قضية التطرف؛ وهي فتح منابر إعلامية للإرهابيين، والتهويل المبالغ فيه، مما قدم للجماعات الإرهابية نوع من الدعاية و أهمية العمل على انتاج استراتيجية اعلامية عربية لمواجهة داعش عبر الوسائط المختلفة،
والعامل مع المعلومات الأمنية بحرفية. أن الإعلام العربي، يجب أن يفكر خارج الصندوق، ويبدأ في التعامل مع ظاهرة التطرف بشكل غير مباشر، بدلاً من الأسلوب المباشر الذي أثبت عدم جدواه. و أهمية وجود استراتيجية لمواجهة الجيوش التي تقف وراء الإعلام المتطرف، خاصة من خلال الوسائط غير التقليدية.
أن التعامل مع مصطلح الإرهاب على المستوى الدولي يتسم بالارتباك الشديد، فلا يوجد حتى الآن توافق دولي حوله، نظرًا لاختلاف السياقات الدينية والثقافية. مع وجود تعدد في المرجعيات على المستويين المحلي والدولي عند التعامل مع قضايا التطرف؛ ومنها مرجعية المؤسسة الدينية، المجموعات الافتراضية، ووسائل الإعلام التقليدية، وهي مرجعيات تؤدي إلى تكوين أطر معرفية مختلفة. إن هناك مؤثرات خارجية تدفع الأفراد إلى التطرف مثل قضايا الفقر والجهل.
أن معالجة الفكر الإرهابي، يجب أن يأخذ شقين منها الشق التربوي، والذي يعتمد على تنشئة أجيال مؤمنة بالوطن والدولة،
وليس لجماعات وأحزاب في حين يتعلق الشق الثاني بالبعد الدولي من خلال مبادرات دولية، والنظر إلى شركات غسيل الأموال، وبالإضافة إلى الفضاء الإلكتروني الذي يشكل خطورة بالغة في الوقت الراهن.
أن المسرح لا بد أن يكون جزءاً من مشروع قومي واحد، وأن يكون يدوره مكملاً للسنيما، وألا يقتصر المسرح على إنتاج المسرحيات فقط، بل تقديم بدائل متنوعة من حيث المحتوى مع أهمية المسرح في تغيير الواقع الاجتماع. إن المسرح لابد أن يكون مشروعًا فنيًا ثقافيًا متكاملًا، و أهمية دور الإعلام في دعم دور المسرح، من أجل نشر الثقافة المسرحية للمشاهد.
5- المحور الديني في مواجهة الارهاب والتطرف
لكل زمان خوارج ، يخرجون على المسلمين ويقتلونهم ويتركون الكفار ، لأنهم على شاكلتهم ، فظهرت في هذا الزمان طائفة تسمي الجهاد بغير اسمه وهم خوارج هذا العصر ، الذي خرج أسلافهم على المسلمين منذ قتلهم لعثمان وعلي رضي الله عنهما إلى أن يخرج آخرهم مع الدجال كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، ويدعون أهل الأصنام ، ويقتلون أهل الإسلام ، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، سماهم النبي صلى الله عليه وسلم كلاب أهل النار ، شر قتلى قتلاهم ، يذبحون المسلمين في بلاد الإسلام ،
ويعتقدون أنها دار حرب ، وقد قدموا لأعداء الإسلام خدمة لم يتمكنوا من الحصول عليها بوسائلهم ، وأعطوا الكفار ذريعة للنيل من الإسلام والمسلمين ، واحتلال بعض بلدان المسلمين ، والله أعلم بمن يقف وراءهم من المنظمات الصهيونية والماسونية بطريق مباشر أو غير مباشر
فيجب على المسلمين كل بحسب قدرته أن يكشف زيفهم ، وأن يبين ضلالهم ، حتى لا ينتشر فسادهم ويستفحل أمرهم ، كما يحرم التستر على أحد منهم ، لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ، وإثارة الفساد في البلاد ،
وقد قال الله تبارك وتعالى : ” وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ” [ المائدة 2 ] ، فمن آواهم أو تستر عليهم أو دافع عنهم أو برر أعمالهم ، فإنه مشارك لهم في قتل النفوس البريئة المعصومة من المسلمين أو المستأمنين والمعاهدين والذميين ، وينطبق عليه الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم : ” لعن الله من آوى محدثاً ” [ أخرجه مسلم ] ، وأخرج الشيخان من حديث عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ ، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا ـ
أمراً منكراً ـ أَوْ آوَى مُحْدِثًا ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا ـ قيل الفريضة ، وقيل التوبة ـ وَلَا عَدْلًا ـ قيل النافلة ، وقيل الفدية ـ وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ ، وَمَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا ” [ متفق عليه واللفظ لمسلم ] .
وها هي الأمة اليوم تعاني ويلات خوارج هذا الزمان ، الذين لم يراعوا حرمة الزمان ولا المكان ، ولم يرعوا حديث النبي صلى الله عليه وسلم من حيث حرمة الحدث في دين الله تعالى ، أو قتل المسلمين أو المستأمنين أو الذميين أو المعاهدين ، بل قتلوا الجميع ، حتى الأطفال والنساء الذين حرم الإسلام قتلهم وهم كفار ، فكيف بأهل الإسلام ، فلقد أذاقوا الأمة مرارة الألم ، وفقدان الأمان ، وحرقة في القلوب على القتلى الذين لا ذنب لهم ، ولا جرم اقترفوه ، فحسبنا الله ونعم الوكيل .
6- المحور الامني في مواجهة الارهاب والتطرف
كيف ان تواجه مصر الارهاب في المعركة ضد الإرهاب لأسباب عديدة، من بينها أن مصر الدولة لديها خبرة متراكمة في مواجهة الإرهاب خلال التسعينيات، وقبلها خلال الثمانينيات وما بعدها في صعيد مصر وفى سيناء وفى العاصمة ذاتها، هذه الخبرة المتراكمة لمصر سبقت خبرة دول كثيرة كانت تفتح أبوابها تحت بند اللجوء السياسي ظاهرياً لكثير من هؤلاء الإرهابيين، وذلك لا يعنى بالضرورة تكرار أخطاء هذه الحقبة السوداء في تاريخ مصر،
بل يعنى استدعاء مختلف الجوانب الإيجابية لهذه الخبرة في إطار حكم القانون ودولة القانون، أي اعتبار الجريمة فردية وشخصية وليست جماعية وتوفير الضمانات القانونية للقبض على المتهمين وضمانات الدفاع والمحاكمة. من ناحية أخرى فإن أكبر ضمانة لنجاح مصر في المعركة ضد الإرهاب تتمثل في المضي قدماً كما هو الآن في تنفيذ خريطة الطريق إلى المستقبل، وترجمة هذه الخريطة إلى خطوات إجرائية ومبدئية لتحقيق عملية التحول الديموقراطي وإرساء أسس الصراع السياسي بعيداً عن العنف والذى يتمثل في الاحتجاج السلمى والتظاهر السلمى والالتزام بالقانون وحظر اللجوء إلى العنف، ولا شك أن الالتزام بخريطة الطريق هو الذى يكفل في نهاية المطاف سلمية المجال العام وابتعاده عن العنف وذلك عبر القواعد والمبادئ المجردة والعامة التي ترتضيها الدولة والمجتمع للمساهمة في الشأن العام.
** مفهوم الإرهاب
هو العنف المنظم بمختلف أشكاله والموجه نحو مجتمع ما أو حتى التهديد بهذا العنف سواء أكان هذا المجتمع دولة أو مجموعة من الدول أو جماعة سياسية أو عقائدية على يد جماعات لها طابع تنظيمي بهدف محدد هو إحداث حالة من التهديد أو الفوضى لتحقيق سيطرة على هذا المجتمع أو تقويض سيطرة أخرى مهيمنة عليه
** مفهوم النزعة الإرهابية:-
هى محاولة بث الرعب الذى يثير الجسم والعقل اى الطريقة التى تحاول بها جماعة منظمة أو حزب أن يحقق أهدافه عن طريق استخدام العنف وتوجيه الأعمال الإرهابية ضد الأشخاص سواء كانوا أفرادا أو ممثلين للسلطة ممن يعارضون أهداف هذه الجماعة ويعتبر هدم العقارات وإتلاف المحاصيل في بعض الأحوال كأشكال النشاط الإرهابي .
** مفهوم التطرف الفكري والديني :-
يمثل التطرف الفكري والديني التعصب لرأى معين دون غيره من الآراء الأخرى ويبعد هذا الرأي في هذه الحالة عن الاعتدال بل المغالاة في التشبث بهذا الرأي والإصرار عليه أو الأفكار أو المعتقدات الدينية حتى لو كانت خاطئة أو نتيجة عدم فهم أو وعى حقيقي بالمضمون الروحي والاجتماعي لتلك المعتقدات الدينية وطالما أن هذا الفكر المتطرف لم يأخذ أو يخرج كنمط فكرى إلى حيز الفعل أو السلوك العنيف فلا يقع تحت طائلة القانون الجنائي وهذا يعنى انه لم يأخذ شكل الإكراه أو استخدام القوة في نشر وفرض هذه الأفكار وإشاعة الذعر والرعب والإضرار بمصالح الوطن ومن ثم يقع هذا الفعل تحت طائلة القانون ويصبح مرتكب هذا الفعل أو السلوك مجرما ولا خلاف في ذلك .
** الفتنة الطائفية والوحدة الوطنية :-
من المؤسف أن هذه المصطلحات لم تظهر فى القاموس اللغوي المصري إن جاز التعبير إلا عقب أحداث الخانكة وعين شمس وأسيوط ومجاراة وسائل الأعلام المختلفة في استخدام تلك المصطلحات أمر يجافى الواقع الاجتماعي والتاريخي والسياسي لوجود شطري للأمة المصرية . فالشخصية القومية في مصر لا تفرق بين المسلم والمسيحي ولعل اختلاط الدماء في ذاكرة التاريخ المصري بين شطري الأمة إن جاز التعبير في محاربة الاحتلال وتعانق الهلال مع الصليب والحروب المختلفة التي كان نصيب مصر أن تدخل في دائرتها بأبنائها قديما وحديثا وتوجت ذلك بنصر أكتوبر الذى أعاد للشخصية المصرية القومية كرامتها واتزانها وثقتها بنفسها وبناء عليه لا وجود لمثل هذه المصطلحات حيث أن الحياة المعيشية اليومية بكل متطلباتها في المجتمع المصري لا تفرق بين المسيحي والمسلم ولم يعد المسيحيون أو اليهود أو الطوائف المهنية يقطنون في أماكن معيشية دون غيرها .
الأسباب النفسية للإرهاب في المجتمع المصري
1- الأسباب النفسية الدولية :-
ويمكن إجمال أهم الأسباب النفسية الدولية في النقاط التالية :-
إحساس معظم المصرين بأنهم جنسية من الدرجة الثانية سواء في مجتمعهم أو عند زيارتهم لجميع أنحاء العالم حيث أن الأجنبي والعربي يعامل في مصر معاملة حسنة ويبجل ويحترم عكس ما يحدث للمصري عند اغترابه ولهذا يفشل غالبية الشباب عند سفره إلى الدول العربية أو الأجنبية أو يفشل في تحقيق هدفه من السفر إلا بالمعاناة لسنوات طويلة وتقديم تنازلات كبيرة أو العمل بأعمال حقيرة وهذا يجعل نظرة أبناء المجتمعات الأخرى نظرة متدنية ودائما يتحدثون عن مصر بالصورة غير اللائقة في كثير من الدول العربية بصفة خاصة بالرغم من قيامها بدور ريادي وإيجابي في جميع القضايا المصيرية العربية
وهذا يجعل الشباب المصري يشعر بالحزن والاكتئاب خصوصا لو كان غيورا على وطنه فيحس بالمهانة خارج وطنه وعدم الاكتراث ويشعر داخل وطنه بالوحدة والاكتئاب وعدم توفر فرص النجاح وتحقيق الآمال والقلق والخوف من المستقبل وهذه كلها عوامل انعكست على رؤية غالبية السباب لذاتهم في مقابل الذات الأجنبية والعربية التي تعتز بالجنسية التي تنتمى إليها . 2- الفشل الذى يواجهه المصري خارج بلده ويدفعه إلى العودة وشعوره بالانتماء والولاء والافتخار بمصر وبالمصريين أو يعود وهو ناقم وحاقد ويائس ويفقد حرارة مشاعر الانتماء والارتباط والوفاء للوطن
وهنا تكمن الخطورة في استعداده بعمل أي شيء ضد مجتمعه وأبناء مجتمعه أو حتى رموز السلطة وهذه الفئة وجدت فيها قيادات التطرف ومن ثم الإرهاب هدفها فجذبتها جذبا براقا نحو التدين كخلاص للروح وللتسامي والبعد عن العالم الكافر والمجتمع الظالم وجذبتها بعد ذلك إلى دائرة التطرف ثم في النهاية إلى دائرة الإرهاب خطوة بعد خطوة داخل السيناريو المعد دوليا . 3- المخطط الدولي وضع في اعتباره محددات الشخصية المصرية وما يتميز به الشباب المصري في البيئات الثقافية المختلفة وكان مدخله عقائديا في البداية وركز في البداية على البيئة الثقافية التقليدية في صعيد مصر وما تتميز به الشخصية خصوصا في قطاع الشباب في مثل هذه البيئات بالاندفاع والصلابة والتدين والارتباط بالجذور والفراغ الكبير وعدم الاهتمام من جانب الأجهزة المختلفة بالشباب ثقافيا ورياضيا ……..الخ . ووجدوا ضالتهم المنشودة ثم ما لبثوا أن زحفوا إلى المدن والعواصم الكبرى وهذا ما تؤكده أحداث التطرف التي كانت مركزها الرئيسي أسيوط وقراها والمحافظات القريبة منها بعد ذلك كالمنيا وأسوان ثم بعد ذلك القاهرة الكبرى .
ب – الأسباب النفسية الداخلية للإرهاب :-
ويمكن إجمال أهم الأسباب النفسية الداخلية في النقاط التالية :-
1- الملل والحياة الروتينية التي يحياها جانب كبير من الشباب وسيادة مشاعر الاغترابية عن الذات وسيادة مشاعر الأنانية لدى جانب كبير من الشباب وعدم الاحترام المتبادل والتواصل الروحي والعاطفي والوجداني بين الأجيال بعضها البعض
2- اختفاء المعنى الحقيقي للفراغ لجانب كبير من الشباب من الجنسين وعدم القدرة على قضاء وقت الفراغ في الأنسب والأنفع لضعف الإمكانيات المادية هذا من ناحية ثم أن كثير من الشباب بات وقتهم كله فراغ فليس هنالك أي فاصل بين وقت العمل والفراغ هذا منن الناحية الثانية . ونجد أن عدم وفرة النوادي والساحات الشعبية الرياضية وغياب قصور الثقافة أو ضعف إمكانياتها من استيعاب كثير من الشباب المصري خصوصا في المناطق الشعبية والبعيدة عن العمران من الناحية الثالثة .
3- إصابة كثير من الناس في الشارع المصري بحالة من اليأس والإحباط وكأنها مستسلمة أو في غيبوبة فأصيبت باستكانة نتيجة انتشار الفساد والرشوة والانحلال الأخلاقي .
4- افتقاد المعنى الحقيقي للحياة خاصة بعد تأخر سن الزواج وعدم وجود فرص العمل وتفشى عوامل اليأس بين كثير من الشباب من الجنسين وسيادة النزعات المادية والبعد عن النواحي العاطفية والمشاعر الإنسانية السامية مع وجود هدف محدد يسعى الفرد إلى تحقيقه والصمود والتضحية والصبر في انجازه .
5- التغيرات السريعة المتلاحقة التي يواجهها الشباب وتفقده التوازن الاجتماعي والنفسي مع افتقاده لأهمية دوره في الأسرة والحياة والمجتمع وإخفاقه في تحقيق ذاته واثبات وجوده وضعف ثقته بنفسه واعتزازه بوطنه وضعف مشاعر الانتماء والولاء والارتباط بأرض الوطن كما كان يسود بين معظم الشباب حتى عهد قريب .
6- التغيرات التي حدثت في السمات الأصلية للشخصية المصرية إلى حد كبير نتيجة للتغيرات البنيوية والاجتماعية والثقافية في المراحل المتعاقبة في تاريخ الشعب المصري فكل مرحلة شهدت معايير وسمات ومتغيرات أثرت تأثيرا فعالا في سلوك الإنسان المصري خلال فترة الانغلاق عن فترة الانفتاح ومن ثم دخول سمات ومتغيرات جديدة على المظاهر الحياتية فى المجتمع أدت إلى تغيير وتعديل سلوك الإنسان المصري من مختلف الأعمار .
7- ضعف الشخصية لجانب كبير من الشباب وارتكانه وندبه لحظة والتفكير بصفة دائمة فى احباطاته وعدم اقتناعه بأهمية أن يكون للإنسان أمل ومطمح يسعى بكل السبل لتحقيقه بالجد والمثابرة والإصرار والصمود .
8- الخوف والقلق من المستقبل لفقد جانب من الشباب وخصوصا الذى ضلل أو استقطب وعدم الثقة بالنفس وبذل الجهد والعطاء والانجاز والإبداع خصوصا وان الفرص والأبواب أمامه موصده فلم يحاول أن يطرق عليها مرارا حتى تفتح له
9- تستر بعض المنحرفين وأرباب السوابق بمظاهر التدين كالالتحاء
استراتيجية المواجهة والوقاية من الإرهاب
أولا : دور الأسرة :-
يقع على كاهل الأسرة دور كبير خصوصا وهى الخلية الأولى التي يتعامل معها الإنسان منذ الطفولة وهى التي تلعب الدور التربوي الأول من خلال عمليات التنشئة الاجتماعية والثقافية وتلقينها للطفل بكافة السبل والأساليب التي يتعامل بها مع المحيطين سواء داخل نطاق الأسرة أو على صعيد المجتمع ككل . ولابد هنا أن نبحث عن دور الأسرة الذى بات غائبا عن ذي قبل وأصبح دور الأسرة يقتصر لدى كثير من أبناء مصر على الإنجاب دون الرعاية والتربية لجيل النشء ويلقون بالتبعية على الظروف الطاحنة والصعبة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها الأسرة مع العلم انه حتى عقدين على الأكثر كنا نجد اسر بسيطة أو فقيرة يبرز من أبنائها نماذج مشرفة متدينة ورغم محافظة على العادات والتقاليد وقيم الشرف والطهارة برغم فقرها ولا تزال توجد تلك النماذج ولكن بصورة بسيطة لا تجعلها تبرز كقدوة كما كان يحدث في السنين الماضية فقد كان الطفل أو المراهق أو الشاب القدوة في أبناء الجيران المحيطين والذين تتقارب مستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية في اغلب الأحوال
من الأهمية ضرورة تحسين أوضاع الأسرة المصرية نتيجة برامج الإصلاح وتدعيم دورها كخلية اولى يتعامل معها الطفل وضرورة توعيتها عن طريق أجهزة الإعلام في ضوء الواقع والظروف المجتمعية السائدة في المجتمع المصري وتوضيح ما لها وما عليها تجاه النشء حتى تؤدى دورها في ضوء الأدوار الأخرى التي تلعبها الأجهزة المعنية فى إعداد المواطن الصالح كوزارة الإعلام والتربية والتعليم والثقافة والمؤسسات الدينية والأجهزة الشعبية المحلية ………الخ
ثانيا : دور وزارة التربية والتعليم :-
ويتمثل دور وزارة التربية والتعليم في مجموع المدارس المختلفة في مراحل التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي ثم الجامعي ويتمثل الدور المطلوب من وزارة التربية والتعليم التي كان مدرسونا دائما يقولون أن دورها الأول هو التربية ثم التعليم ويقصد هنا بالتربية إعداد الطالب فى مختلف المراحل التعليمية إعدادا سليما وتهذيب سلوكه وجعله متوافق مع أقرانه يلعب معهم فى علاقات ويجد من الصواب والعقاب على سلوكه في تفاعله مع الآخرين بالإضافة إلى تنمية قدراته وملكاته وإبراز إبداعاته وتوفير الرعاية الصحية والبدنية والثقافية من خلال ممارسة الألعاب ودروس التربية الفنية ….الخ وما يهمنا في هذا الصدد هو ا هذا الدور المطلوب من التربية والتعليم يتمثل في أبعاد ومحاور متعددة وهى :-
* إعداد المدرس المتوازن نفسيا واجتماعيا والمتمكن علميا والاهتمام بمدرس المرحلة الأولية لأنها اخطر مرحلة في إعداد المواطن وإرساء قيم الانتماء والوفاء والتضحية والشرف والعطاء والرحمة والتواصل ……..الخ
وقد حققت الوزارة في هذا الصدد خطوة هامة عن طريق طلبات التربية النوعية اهتماما منها وحرصا على الطفل المصري وإعداده ذهنيا ونفسيا ورياضيا واجتماعيا
* تحسين أحوال المدرس في جميع المراحل التعليمية المادية والاجتماعية وتشجيع المجتهدين منهم عن طريق العلاوات التشجيعية وعدم تقييدها وفتح باب الترقيات عن كفاءة وقدرة وليس الاقدمية حتى يشكل المدرس قدوة أمام النشء كما كان في الماضي ويبذل الجهد والعطاء داخل الفصل ويصبح همه أو شغله الشاغل مركزا على مسألة الدروس الخصوصية وافتقاده مكانته واهتزاز صورته أمام الطالب خصوصا لو استخدم ما في سلطته من وسائل لتقيم الطالب بناء على اعتبارات شخصية وليست موضوعية
وهنا يحس الطالب بضياع حقه وجهده وخضوعه للقهر والبطش مما يؤصل فيه سمات الجبن والخسة والغدر والانتهازية والطمع وحب المال …….الخ . وهذه كلها سمات يجب أن لا تتأصل في النشء وتستمر معه وعندما يصبح له دور في المجتمع فبالقطع سيكون دور سلبى وليس إيجابي
* المنهج الدراسي المتخم في جميع مراحل التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي ثم الجامعة والذى يعتمد في معظمه على الكم وليس الكيف كما يعتمد على الحفظ والصم دون الفهم وفتح المجال أمام المناقشة والحوار والاستعانة بالخبرات الأجنبية في مجال وضع المناهج مع العلم أن هناك خبرات مصرية لها باع طويل في العملية التعليمية وقادرة على الاستفادة من تقدم الثروة التربوية في العالم في ضوء ظروف وواقع المجتمع المصري .
* دور وزارة الداخلية :-
يظن الكثير من أبناء مصر أن دور وزارة الداخلية هو الدور الأوحد أو الأهم في مواجهة ومكافحة الإرهاب لأنها تملك السلطة التنفيذية في تنفيذ الأحكام الجنائية وسلطة الحجز والقبض والعرض على النيابة ……..الخ من الإجراءات الأمنية الواسعة حفاظا على امن الوطن والمواطن . ودور وزارة الداخلية رئيسي في عملية المواجهة والاقتحام وخير دليل على ذلك سقوط رجال الشرطة في هذه العمليات نتيجة المواجهة ومحاولة تامين الشخصيات العامة وحراسة المنشات ولكن هذا الدور مرتبط بكافة الأدوار المختلفة المدعمة من قبل الجهات الرسمية والوزارات المختلفة والأجهزة الشعبية المحلية والأحزاب حيث أن المواجهة الأمنية برغم كفاءتها وأداء واجبها إلا أنها أثبتت أنها يجب إلا تعمل بمفردها فى مواجهة هذا المخطط الدولي المنفذ بأياد ضالة ومضللة من أبناء مصر .
ونجد من الأهمية بمكان تدعيم دور الشرطة عن طريق الأمور التالية :-
1- تحديث الإمكانيات المادية لمواجهة الجريمة فى جهاز الشرطة عن طريق الأجهزة التكنولوجية والأسلحة والسيارات .
2- زيادة عمليات التدريب المستمر لرجال القوات الخاصة من رجال الشرطة بصفة عامة لضمان استمرارية احتفاظ رجل الشرطة باللياقة البدنية والعمل على مده بالمعلومات المتطورة فى مجالات البحث الجنائي والأمني بصفة عامة .
3- مد جسور الثقة المتبادلة وتوطيد العلاقة بين الشرطة والمواطن العادي حتى يتم المعلومات والإدلاء بها من قبل المواطن دون خوف أو تردد وهذا سيساعد بصفة عامة في مواجهة الجريمة المتطورة بأنواعها والإرهاب بصفة خاصة وسيشعر المجرمون أن هناك رقيب في كل حارة وكل شارع من المواطنين وأنهم لا يواجهون رجال الشرطة فقط .
4- تحسين الظروف المادية والأدبية بما يتبق مع جسامة العمل الذى يقومون به وحتى لا تظهر أي سلبيات في الأداء الأمني نتيجة الوساطة والمحسوبية ………….الخ
وهذا يدفعني للقول بان رجل الشرطة أولا وأخيرا هو مواطن يؤدى عملا مكلفا به من اجل على مقدرات الأمة فيجب أن يجد المعونة من كافة الأجهزة التي تجعله يؤدى عمله بكفاءة .
* دور المؤسسات الدينية المختلفة : –
ويتمثل دور المؤسسات الدينية في دور وزارة و الأوقاف والأزهر الشريف ولا يمكن لأحد أن ينكر دور الأزهر الشريف في الماضي اجتماعيا وثقافيا وسياسيا وبروز قيادات دينية لعبت دورا هاما في إثراء حركة الفكر الديني المستنير والالتحام بمشاكل الجماهير الملحة والعمل على حلها والتحام هذا القيادات مع أبناء الشعب المصري في مواجهة الاستعمار ومحاربة الفساد وانتشاره عن طريق أعوان الاستعمار. ولقد كان ولايزال للأزهر دور في دعم الفكر الديني المستنير عن طريق أقطاب الفكر الديني المستنير والعلماء الإجلاء وهنا نجد من الأهمية بمكان أن يبرز دور الأزهر وكافة المؤسسات الدينية القبطية ورمز الفكر الديني المسيحي والتركيز على الصورة الايجابية التي تدل على التلاحم بين أبناء مصر جميعا عبر التاريخ من اجل استقرار ونهوض ورخاء المجتمع المصري .
ولا يمكن أن ننكر أهمية اللقاءات التي يقوم بها وزير الأوقاف بصحبه رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة وفضيلة المفتي ويجوبون مختلف محافظات مصر بقصد توعية شباب الأمة بمخاطر الإرهاب المخطط وتوضيح القيم والتعاليم الدينية الصحيحة وما يؤخذ على هذه اللقاءات والجولات الفكرية هي أنها قد جاءت متأخرة أو لا تحدث مثل هذه اللقاءات إلا عند حدوث كارثة أو مصيبة فيجب أن نتبع سياسة الوقاية خير من العلاج
فما يقوم به ألان هؤلاء الرجال حرصا على مصلحة الوطن وأبنائه كان المفروض أن تتم بصفة دوريه ومنتظمة في مختلف ربوع مصر بل وتضم إلى هذه اللقاءات رموز الأدب الفكري والفنون حتى يجد الشباب من مختلف الأعمار الفرص المتتالية والنقاش في مختلف القضايا التي تهم الشباب المصري وهمومه وأحلامه وآماله آلامه والتحديات التي تواجه التي تواجه حركة الإبداع الشبابي في مختلف المجالات .
ومن الأهمية بمكان أن ننوه إلى ضرورة توفير الدعاة المستنيرين المخلصين وإعدادهم إعدادا تربويا وعلميا والإشراف الكامل من قبل وزارة الأوقاف والأزهر الشريف على المساجد التي تقوم الوزارة بتشييدها وتلك التي يقوم بها الأهالي والإشراف بصورة جادة على الزوايا التي بدأت تنتشر في كل شارع وحارة على مستوى مصر ككل ،
ولقد ظهر في الأحداث المؤخرة كيف أن غالبية هذه الزوايا قد استخدمت فى أغراض لا تمت إلى العبادة بصلة وإنما لتخزين الأسلحة ولعقد الاجتماعات السرية بين أعضاء الجماعات الدينية المتطرفة التي ضللت بعض أبناء الشعب المصري الأصيل وجرتهم إلى دائرة العنف والإرهاب الذى كان ولا يزال غالبية المصريين بعيدين كل البعد عن مثل هذه الأعمال المشينة . ويمكن القول أن الدور الاجتماعي والثقافي الذى تلعبه بعض المساجد والكنائس عن طريق فصول محو الأمية وفصول التقوية في المساجد ، بالإضافة إلى المستوصفات ، ووجود بعض مجالات تدريب الفتيات على الحياكة وأشغال الإبرة عن طريق الجمعيات الخيرية التي تتبع بعض المساجد والكنائس مثل هذه الأعمال العظيمة النبيلة في هدفها الذى يمكن في رفع المعاناة عن كامل الأسرة المصرية وتثقيف أبنائها الذين قد تسربوا من التعليم الإلزامي وخلافه .
وهنا يتجسد الدور الاجتماعي للمسجد والكنيسة في إعالة الفقراء من أبناء الحى وكذلك الدور الثقافي والدور الصحي لأبناء الحى ، وبناء عليه نجد أن الدين القويم وغرسه في نفوس النشء من شأنه أن يخلق المواطن الصالح الذى يسعى جاهداً لتنمية وتطوير مجتمعه . يركز الخطاب السياسي العربي (القول والممارسة) في هذه المرحلة على مكافحة الإرهاب، لأسباب كثيرة أهمها حماية كيان الدولة، والحفاظ على وحدتها وسلامة أراضيها، علاوة على نفي علاقة الإسلام بالإرهاب.
وتكتسب المهمة الأخيرة أهمية خاصة، لأن الجماعات الإسلاموية تمارس الإرهاب ضد مواطنيها وتُصدّره لدول العالم كافة، وتستنزف الرأسمال الرمزي للثقافة الإسلامية، وتسيء إليها وإلى صورة العرب والمسلمين على حد سواء.
من هنا تأتي ضرورة التأكيد على الوجه المتسامح للإسلام والثقافة الإسلامية التي تعد من أهم مكونات الشخصية العربية، وأحد مصادر الهوية والشرعية للأنظمة السياسية العربية المعاصرة. وقناعتي أن الإرهاب لا يهدد حكومات أو أنظمة، وإنما يهدد المواطنين أيضاً، لأنه يستهدف تدمير نمط حياة وصيغ متعددة للعيش المشترك،
ومهما كانت مشكلات صيغ العيش المشترك بين الجماعات المختلفة أو بين الحكومات والشعوب، إلا أنه من الممكن تحسينها طالما لا تدّعي مشروعية دينية، وتعمد قيم ومعايير معاصرة ، لذلك فهي أفضل بكثير من نمط الحياة الذي جاءت به داعش والقاعدة، أو نماذج الحياة التي تعدنا بها النصرة أو الإخوان المسلمين.
ولا شك أن مكافحة الإرهاب هي مهمة عاجلة، ولها الأولوية ضمن ما يطرحه الخطاب السياسي العربي، لكن هذه الأولوية تفرض مشاركة المواطنين إلى جانب الحكومات في القضاء على الإرهاب، وأعتقد أن هذه المشاركة تتجاوز فكرة دعم الشعوب للحكومات أو تفويضها في اتخاذ كل الإجراءات ضد الإرهاب، وأنها تتطلب مشاركة حقيقية تكون قاعدتها الديموقراطية والاصطفاف العام القائم على الحوار والإقناع، من أجل القضاء على الإرهاب، والفكر المتطرف الذي يغديه ويبرر وجوده. إذن أولوية مكافحة الإرهاب لا تعني تأجيل الديموقراطية أو تأميم المجال العام، لأن التجارب التاريخية العربية المعاصرة تؤكد أن القمع والاستبداد يقود إلى ظهور جماعات تمارس التطرف والإرهاب، تارة بادعاء الحديث باسم الدين، أو باسم الوطنية أو الثورة، من جانب آخر فإن الحكم الفردي ورفض كل أشكال تمثيل الشعب يؤدي إلى ارتكاب السلطة الحاكمة أخطاء قاتلة لا تزال أغلب الشعوب العربية تعاني منها، كالتورط في حروب خارجية أو داخلية، وتبديد ثروات الشعوب وفرص تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية.
وكان الخطاب السياسي العربي قد تعمد منذ مرحلة ما بعد الاستقلال تأجيل الديموقراطية استناداً إلى مبررات ضرورات بناء الدولة الحديثة وتحقيق العدالة الاجتماعية أولاً، أو بدعوى تحرير فلسطين وتحقيق الوحدة العربية أولاً، ثم هيمن على الخطاب العربي بعد هزيمة 1967 فكرة «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»… واحتلت مهمة إزالة آثار العدوان الإسرائيلي الأولوية الأولى والمطلقة، وهي مكانة تستحقها بلا شك لأسباب وطنية وسياسية، لكنها للأسف جاءت على حساب متطلبات التنمية واحترام حقوق الإنسان والديموقراطية، على الرغم من أنه كان بالإمكان إحداث قدر من التوازن بين هذه الأولويات من خلال اتباع استراتيجية أكثر تركيباً تقوم على السير في خطوط متوازية، عوضاً عن التوجه الأحادي، والذي بات أحد مكونات بنية الخطاب السياسي العربي، والذي يركز على قضية واحدة ويمنحها الأولوية ويهمل بقية القضايا، أو يحبس نفسه بين ازدواجيات فكرية وسياسية مثل الاستقلال أم النهضة، والعروبة أم الإسلام، والديموقراطية أم العدالة الاجتماعية، وأحياناً الديموقراطية أم الوحدة العربية وتحرير فلسطين. وأخشى أن يركز الخطاب السياسي السائد في هذه المرحلة على قضية واحدة هي محاربة الإرهاب ويهمل الديموقراطية وقضايا التنمية! والمفارقة أن هذا الخطاب يؤكد على شمولية الحرب على الإرهاب، بحيث تتضمن عدداً من المحاور، أهمها محاربة البطالة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتطوير التعليم،
وتجديد الخطاب الديني، والمواجهة الأمنية. لكن الخطاب السياسي العربي يركز على المحور الأخير، ويمنحه في الممارسات الفعلية أولوية قصوى على حساب بقية المحاور، كما يسكت تقريباً عن الديموقراطية وضرورة تفعيل المجال العام، كإحدى وسائل مكافحة التطرف والإرهاب.
الخاتمة :-
إن المواجهة الأمنية قد تكون لها الأولوية في هذه المرحلة التي تنشط فيها الجماعات الإسلاموية، لكن ينبغي الاهتمام بإشكاليات الظلم الاجتماعي، وتردي التعليم والخدمات العامة، علاوة على زيادة الطلب على الديموقراطية والمشاركة الشعبية، وأعتقد أن عدم اهتمام الخطاب السياسي العام بهذه الملفات، أو منحها أهمية متواضعة، يعرقل جهود المكافحة الأمنية، لأن انتشار الفقر والجهل والإحباط وغياب الأمل، يخلق البيئات الاجتماعية المناسبة لظهور وانتشار الأفكار المتطرفة والإرهاب.
ورسالتي هي تحقيق قدر من التوازن بين العناصر المكونة لاستراتيجيات مكافحة الإرهاب، والتي أعتقد أنها ستـــختلف من بلد عربي إلى آخر، بحسب ظروفه وقوة وقدرة كل من الدولة وجماعات التطرف والإرهاب فيه، وأتصور أن التوازن المطلوب لا بد أن يبدأ باحترام الحريات والتنوع والتعدد في المجتمع، واحترام القانون، وتفعيل المشاركة الشعبية، ليس فقط لأن هذه الحقوق أصبحت من المُسلّمات المتفق عليها في العالم المعاصر، وإنما لأنها أيضاً من شروط الحكم الرشيد، ومن الأسس الناجعة لمواجهة التطرف والإرهاب والاستبداد.
وربما تجدر الإشارة هنا إلى أن تجارب الدول العربية في مواجهة جماعات التطرف والإرهاب خلال أكثر من نصف قرن (منذ ستينات القرن الماضي) اعتمدت أساساً على الإجراءات الأمنية، والعصف بالحريات، والحكم الشمولي المستبد،
ومع ذلك فشلت في القضاء على التطرف والإرهاب، والذي اتخذ صوراً وأنماطًا فكرية وتنظيمية عديدة، أهمها الجماعات الإسلاموية، التي ظهرت منها عدة أجيال ونماذج، بأفكار تبدو مختلفة، لكن مضمونها وتوجهها الفكري والسلوكي يكرر نفسه إلى حد كبير؛
وذلك بداية من جماعة الإخوان المسلمين، ومروراً بالجهاد والقاعدة وداعش والنصرة وغيرها. القصد: لماذا لا نجرب الديموقراطية والحكم الرشيد في مواجهة التطرف والإرهاب، جنباً إلى جنب مع الإجراءات الأمنية، والتنمية، والعدالة الاجتماعية، والنهوض بالتعليم والثقافة والخدمات العامة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الإصلاحات الاجتماعية الواسعة التي قام بها عبدالناصر نجحت جزئياً في مواجهة الإخوان المسلمين في الستينات من القرن الماضي، وتجفيف البيئات الاجتماعية الحاضنة لها، لكن الناصرية لم تقض تماماً على الإخوان، فقد ظلت ثقافة التطرف وادعاء الحديث باسم الدين حاضرة، وظهرت جماعات إرهابية في ظل حكم عبدالناصر، وكانت أشد تطرفاً من الإخوان أنفسهم. وأعتقد أن الاعتماد على الإجراءات الأمنية والقمع وتأجيل الديموقراطية، كان من بين أسباب بقاء تلك الجماعات، ثم انتشارها الواسع بعد سنوات قليلة من رحيل عبدالناصر، وتغير السياسات الاجتماعية التي اتبعها، وكانت تقوم على تأميم السياسة مقابل تأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين، من خدمات وتعليم وطعام وفرص عمل.
خلاصة القول إن مواجهة الإرهاب تتطلب صيغة استراتيجية جديدة، أكثر تركيباً، بحيث تعتمد على تعدد المسارات وتكاملها، بما لا ينفي الأولويات، وإنما يعززها ويضعها في سياق تاريخي ومجتمعي صحيح، وبحسب طبيعة التحديات وظروفها.
من هنا فالإجراءات الأمنية يجب أن تتواصل، ولا يمكن تأجيلها، لكنها لا بد أن تسير بالتوازي والتعاون مع بقية العناصر المكونة لاستراتيجية مواجهة التطرف والإرهاب، ولا بد كذلك من البحث عن صيغ مرنه تفي بمتطلبات الأمن، ومتطلبات الحفاظ على المجال العام والسعي المتدرج للديموقراطية، لأني أعتقد أن الديموقراطية التي لم نجربها هي أحد أهم آليات مواجهة التطرف والإرهاب، وتحقيق الشفافية والحكم الرشيد. تريد الدولة أن «تواجه الإرهاب»، لأن هذا دورها، وتلك مسؤوليتها. ويريد الجمهور البسيط أن يعيش في أمان من دون تهديد ولا ترويع، وأن تستقر الحياة ليواجه مطالبها التي لا تنتهى، وذلك منتهى أمله.
إن التطرف الفكري انحراف خطير لا بد أن ينهض المجتمع لمعالجته , و أن توضع الأبحاث و الدراسات الناضجة التي تبيِّن سبل العلاج المجدية . و نحن كأمة إسلامية – يتحرك فيها التطرف الفكري بفعل مجموعة من العوامل – بحاجة ماسّة الى معالجة هذا المرض الوبيل الذي ينخر الجسم الإسلامي من الداخل , و يعيق مسيرة الأمة و يشوه سمعتها .
وتريد الجماعات السياسية المعارضة أن تصل إلى الجمهور وتستميله، وهذا حقها. ويريد بعض النخب والسياسيين والحقوقيين والمثقفين أن يحافظوا على الوجه المدني للدولة، وسيادة القانون، وحقوق الإنسان، وآليات الديمقراطية، وهذا واجبهم. ويريد «الإرهابي» أن يقوض كل هذا ويشعل النار فيه، وهذه طبيعته.