كم من حروب مرت على دروب مدينة بيروت الصاخبة والمتكئة على كتف المتوسط
بقلم الإعلامية – آلاء حيدر:
كم من حرب مرت على دروب المدينة الصاخبة المتكئة على كتف البحر المتوسط ، مدينة تلاقي الحضارات والديانات، لم ينزف جرحها من أي طعنة أتت من الخارج بل كان ينزف كل مرة من طعنات أبنائها، هؤلاء المغردون حبا و تيتما بها،هؤلاء الذين زرعوها قنابل نحو خمسة و أربعين عاما واستمروا بنكء جراحها و عادوا عندما أشرقت الشمس على شوارعها ليسلبوها كل مقدراتها و يسمسروا على أمنها واستقرارها، زرعوا مواد متفجرة في شريان حياتها بعد أن أقفلت كل الشرايين الأخرى و فجروا ما يمد المدينة الجميلة بأكسجين الحياة و دمروا شوارعها.
ربما كان إهمالا كما يعتقد البعض و ربما كان جشعا لبيع هذه المواد المتفجرة وفق العقل اللبناني التجاري الفاسد و ربما كانت عملية تخريبية إلا أن ذلك كله لا يعني عدم تعليق المشانق لكل من ساهم في هذه الجريمة إن عن إهمال أو قصد لأن أرواح الناس التي زهقت والدماء التي سالت دون اقترافها أي ذنب سوى أنها تعيش بين زمرة فاسدة لم تشبع نهش لحمهم، تطالب بالثأر.
في هذا المصاب الجلل الذي ضرب كل لبنان من عاصمته إلى أطرافه حيث امتزجت دماء إبن بيروت مع إبن الجنوب والبقاع والشمال والجبل، جاءت بعض الأبواق لتشكك بمساندة الفقراء لبعضهم البعض و تثير الفتن الطائفية وكأنها لم تكتف من شرب الدماء حتى ثملت من الدماء أكثر من دراكولا والمضحك المبكي أن الفاسدين منذ أكثر من ثلاثين عاما لم يتوانوا عن استغلال المصيبة ليسجلوا نقاطا على منافسيهم، تنصلوا من المسؤولية و حملوها إلى الطرف و كأن الناس أصابها الزهايمر جميعا و لا تتذكر أفعال و فساد هؤلاء.علقوا المشانق ليس لمن تسبب بالكارثة بل لكل من أوصل هؤلاء و علمهم الفساد والإهمال والسرقة،لكل مسؤول تولى السلطة منذ الحرب الأهلية إلى الآن،المشانق لهؤلاء و لكل من يثير الفتن أولا حتى تستريح أرواح الضحايا والشهداء و نعيد إعمار المدينة المذبوحة بيروت.