منذ افتتاح قصر البارون مبان بحي مصر الجديدة، والذي انتهت وزارة السياحة والآثار، من ترميمه بتكلفة إجمالية بلغت 100 مليون جنيه، لمدة استمرت أكثر من عامين.
يأخذ القصر زائريه في رحلة إلى الماضي، حين بدأ البارون إمبان في إنشاء حى مصر الجديد بناء قصره الشهير، ليستمتع الزائر بمشاهدة بعض تفاصيل نمط الحياة اليومية المعروفة في أوائل القرن العشرين.
تضم حديقة القصر عربة قديمة لترام مصر الجديدة بعد ترميمها، بالإضافة إلى سيارات قديمة كالتي كانت تسير في شوارع القاهرة خلال عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، لتعطي صورة حقيقية عن ونمط الحياة به خلال هذه الفترة.
وتم تجهيز شاشات العرض الإلكترونية “culturama لعرض صور وأفلام وثائقية عن أعمال بناء حى مصر الجديد وشكل الشوارع والمباني والمحلات والسيارات الخاصة وعربات الترام وغيرها من مظاهر الحياة في الحي خلال ذلك الوقت، كما تعرض صورًا للبارون إمبان وشريكه نوبار باشا، والمهندس الفرنسي ألكسندر مارسيل، مُصمم القصر.
خدمات جديدة
ويضم المعرض مجموعة متنوعة من الصور والوثائق الأرشيفية والرسومات الإيضاحية والخرائط والمخاطبات الخاصة بتاريخ حى (هليوبليس والمطرية) عبر العصور المختلفة، إلى جانب أهم معالمها التراثية.
ويوجد بالقصر منطقة خدمات سياحية مقدمة للزائرين والموجودة بحدائق القصر وحول المساحات المكشوفة المحيطة به، وتضم عربة بطراز مستوحى من الطابع التاريخي للقصر وتحترم البيئة المحيطة لتقديم مشروبات ومأكولات خفيفة للزائرين، وكافتيريا ومطعم ذات طراز مميز يحترم البيئة الأثرية للقصر لتقديم تجربة مميزة للزائرين حيث تعكس الخدمات ومقدميها الأجواء التاريخية لبدايات القرن العشرين مثل زي العاملين بالطراز القديم والتي توحي بالفترة الزمنية للقصر، وتلتزم المنطقة السياحية بتطبيق شروط التباعد الاجتماعي واشتراطات السلامة الصحية المعتمدة.
أسعار التذاكر
وحول تجديد القصر، قال الدكتور خالد العنانى وزير السياحة والآثار: تعد عملية ترميم القصر هي أول عملية ترميم متكاملة منذ إنشائه، وتمت بتكلفة أكثر من 100 مليون جنيه، تكلفت دولة بلجيكا منها ما يقرب من 15 مليون جنيه، والباقى من الدولة المصرية.
وأشار العناني، إلى أن التذاكر ستكون فى متناول الجميع، وستكون 100 جنيه للاجنبى و50 للطالب الأجنبى، وللمصريين 20 جنيه و10 للطلاب، فضلا عن أن كل المصريين فوق 60 سنة الزيارة مجانية.
تدشين القصر
وبُني قصر البارون على طراز العمارة الهندية، حيث أسسه المليونير البلجيكي البارون إدوارد إمبان، ويقع القصر في شارع العروبة بمنطقة مصر الجديدة في القاهرة.
بدأ تدشين القصر، بعد وقت قليل من افتتاح قناة السويس في القرن التاسع عشر، عندما قرر المليونير البلجيكي البارون إدوارد إمبان، تشييد قصر تاريخي مستوحى من العمارة الهندية في مصر، وكان يهوى الترحال من بلد إلى بلد.
عندما وصل البارون البلجيكي إلى القاهرة، ما لبث وعشقها لدرجة الجنون واتخذ قرارًا مصيريًا بالبقاء فيها حتى وفاته، وكتب في وصيته أن يدفن في تراب مصر حتى ولو وافته المنية خارجها.
واختار البارون إمبان مكان قصره الأسطوري الحالي في قلب الصحراء، وصممه بحيث لا تغيب عنه الشمس حيث تدخل جميع حجراته وردهاته، وهو من أفخم القصور الموجودة في مصر على الإطلاق، واستلهمه من معبد أنكور وات في كمبوديا، ومعابد أوريسا الهندوسية، وصممه المعماري الفرنسي ألكساندر مارسيل، وزخرفه جورج لويس كلود، واكتمل البناء عام 1911.
لم يكتف البارون بإنشاء القصر بل عرض على الحكومة وقتها فكرة إنشاء حي في شرق القاهرة، واختار له اسم “هليوبوليس” أي مدينة الشمس، واشترى الفدان بجنيه واحد فقط، لأن المنطقة كانت تفتقر إلى المرافق والمواصلات والخدمات، وكلف المهندس البلجيكي أندريه برشلو الذي كان يعمل في ذلك الوقت مع شركة مترو باريس، بإنشاء خط مترو يربط الحي الجديد بالقاهرة.
بدأ في إقامة المنازل على الطراز البلجيكي الكلاسيكي، بالإضافة إلى مساحات كبيرة تضم الحدائق الرائعة، وبنى فندقًا ضخمًا هو فندق هليوبوليس القديم الذي ضم مؤخرًا إلى قصور الرئاسة بمصر.
إهمال جسيم
بعد وفاة البارون إمبان في 22 يوليو 1929، تعرض القصر للإهمال فترة تجاوزت النصف قرن، إلى أن اتخذت الحكومة المصرية قرارًا بضمه إلى هيئة الآثار المصرية، التي تولت عملية ترميمه على أمل تحويله إلى متحف أو أحد قصور الرئاسة المصرية.
لم يفتح القصر إلا مرات معدودة، المرة الأولى عندما وضعت الحراسة على أموال البلجيكيين في مصر عام 1961م، ودخلت لجان الحراسة لجرد محتوياته، والمرة الثانية عندما دخله حسين فهمي والمطربة شادية لتصوير فيلم الهارب، والمرة الثالثة عند تصوير أغنية للمطرب محمد الحلو بطريقة الفيديو كليب، أما الرابعة فقد تمت بطريقة غير شرعية إذ أن بسبب إغلاقه المستمر نسج الناس حوله الكثير من القصص الخيالية ومنها أنه صار مأوى للشياطين.
في الاحتفال بمئوية مصر الجديدة، أبرم المهندس محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان الأسبق، اتفاقًا مع ورثة ملاك القصر جان إمبان حفيد البارون إمبان، بشراء القصر مقابل منحهم قطعة أرض بديلة بالقاهرة الجديدة ليقيموا عليها مشاريع استثمارية.
أرواح وأشباح
ظل القصر هدفًا للشائعات التي كان أبرزها اشتعال النيران فجأة في الغرفة الموجودة بالبرج الرئيسي بالقصر عام 1982 ثم غطى القصر دخان كثيف فيما يشبه الحريق، وبعدها انطفأت النيران واختفى الدخان دون تدخل من أحد.
كما يتداول البعض كثير من الأقاويل حول وجود أصوات صراخ وشجار تخرج من نوافذ القصر ليلًا بلغة أجنبية لا يفهما حراس العقارات المجاورة؛ ويتم تفسيرها بأنه صوت البارون مالك القصر أو شبحه، أو شقيقته التي ماتت في نفس القصر قبل 100 عام، ليطلق على القصر لقب “بيت الأشباح”.
التعليقات مغلقة.