مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

قراءة نقدية في رواية “رجال في الشمس: رحلة الضياع بين الغربة والقهر” للكاتب غسان كنفاني 

حسن غريب :
ناقد باحث مصري 
النص النقدي:
رواية “رجال في الشمس” للكاتب الفلسطيني غسان كنفاني تمثل علامة بارزة في الأدب الفلسطيني والعربي الحديث، إذ تتجاوز السرد الواقعي لتخاطب تجربة الإنسان المهجّر بين الأمل واليأس، الغربة والقهر. لقد وظف كنفاني في هذا النص الرمزية والواقعية بشكل متقن، ليقدم قراءة إنسانية وسياسية في آن واحد.
أولًا: الشخصيات ورموزها:
تركز الرواية على ثلاث شخصيات رئيسية: أبو قيس، أسعد، وموسى، وكل منهم يحمل دلالة اجتماعية ونفسية مميزة.
أبو قيس: يمثل الكرامة والصمود، لكنه يكشف أيضًا عن عجز الإنسان أمام واقعٍ سياسي واجتماعي قاسٍ.¹
أسعد: يرمز للأمل والطموح، لكنه يصبح ضحية وهم الارتباط بالحرية والحياة الأفضل.²
موسى: يبرز التناقضات النفسية بين الرغبة في البقاء والحلم بالتحرر.³
تجسد الشخصيات الثلاث صورة جماعية للهوية الفلسطينية المحطمة بفعل التهجير والمعاناة.
ثانيًا: الرمزية والخيال الواقعي
أبرز رمز في الرواية هو الصهريج الذي يختفي فيه الرجال، وهو ليس مجرد وسيلة نقل بل رمز للاغتراب والخذلان والموت البطيء.⁴ مكّن استخدام الرموز الكاتب من فتح أفق تأملي أعمق يتجاور فيه الواقع المرير مع الدلالة الرمزية التي تخترق الوعي القاريء.⁵
ثالثًا: البنية السردية والأسلوب
كُتبت الرواية بأسلوب سردي يمزج بين الراوي العليم والحوار الداخلي، ما يمنح العمل عمقًا نفسيًا وتأمليًا، ويجعل القارئ يعيش مع الشخصيات لحظات الأمل واليأس.⁶
رابعًا: الأبعاد الاجتماعية والسياسية
لا يمكن فصل الرواية عن سياقها التاريخي: فهي صوت فلسطيني ضد النكبة والاغتراب القسري.⁷ كما أنها تفضح الخذلان والتردي العربي الرسمي والمجتمعي، وتعرض مأساة إنسانية شاملة تتجاوز حدود الفرد.⁸
خامسًا: البعد الإنساني العام
بعيدًا عن الإطار السياسي، تحمل الرواية رسالة إنسانية خالدة حول صراع الإنسان بين الحرية والقيود، بين الكرامة والواقع القاسي، مما يجعلها نصًا عالميًا يمكن للمتعاطف مع المعاناة الإنسانية أن يتجاوب معه.⁹
خاتمة رؤية نقدية:
رواية “رجال في الشمس” هي تحفة أدبية سياسية وإنسانية؛ إذ تمزج بين الرمزية والبناء السردي العميق، وتترك في المتلقي سؤالاً أساسيًا:
كيف يمكن للإنسان أن يحافظ على كرامته وهويته في مواجهة قهر الزمن والظروف؟
الحواشي:
1. حضور شخصية «أبو قيس» كممثل للكرامة والصمود رغم اليأس واضح في بنية السرد وشخصية البطل (كنفاني، 1963/2007).
2. تحليل أسعد يظهر تناقضات الصراع بين الطموح والواقع في السرد (نورا، 2015).
3. موسى كشخصية مضطربة يعبر عن الصراع النفسي في أدب الغربة والتهجير (الهاشمي، 2019).
4. الرمز المركزي للصهريج ودلالاته تمت دراسته في أدب الاغتراب الفلسطيني (الخليل، 2018).
5. الرمزية في الرواية وتوظيفها التأملي موثّق في دراسات نقدية معاصرة (سعيد، 2021).
6. الأسلوب السردي عند كنفاني بين الراوي والحوار الداخلي موضوع دراسات شيّقة (عطوان، 2017).
7. السياق التاريخي للنكبة والتهجير يناقشه كنفاني في أعمال متعددة (بكر، 2014).
8. البعد السياسي والاجتماعي في الرواية يعكس نقدًا للواقع العربي سنة 1963 (أبو دياب، 2016).
9. القيمة الإنسانية العالمية للرواية محل اتفاق النقاد العرب والأجانب (ترجمة ودراسات مقارنة، 2020).
المراجع :
1-أبو دياب، س. (2016). الرواية الفلسطينية وأدب المنفى. دار الفكر العربي.
2-بكر، م. (2014). النكبة والكتابة: سردٌ فلسطيني من الداخل والخارج. منشورات الجامعة.
3-الحشمي، ر. (2019). «الصراع النفسي في أدب الغربة» في مجلة الدراسات الإنسانية.
4-الخليل، ي. (2018). رمزية المكان في الرواية الفلسطينية. دار النهار.
5- غسان كنفاني، (2007). رجال في الشمس. دار الآداب. (الطبعة الأصلية 1963)
6-نورا، أ. (2015). «تحليل شخصيات في رواية رجال في الشمس» في الدراسات النقدية.
7-سعيد، ف. (2021). الرمزية في الأدب العربي المعاصر. دار الثقافة.
8-عطوان، ل. (2017). «الأسلوب السردي عند غسان كنفاني» في مجلة الأدب والنقد.
9-ترجمة ودراسات مقارنة. (2020). الأدب الفلسطيني في الترجمة العالمية. منشورات عالمية.
قد يهمك ايضاً: