بقلم – ناهد الغزالى:
بائع الجرائد، يتصدر صفحة اهتماماتها اليومية، كلما مرت من ذلك الزقاق الخانق إلا ووقفت تتصفح الجرائد مسترقة النظر إليه، ذلك الشاب الذي رمته أيادي الخطيئة في موجات العار و أرهقته خطى البحث عن حضن دافئ، يدثر خدوش اليتم ويواري نظرات الاحتقار، يستقبلها بحفاوة، “جريدتك المفضلة على الرف كالعادة تنتظرك”
تبتسم، تلتهم تفاصيل وجهه بنظرات متلهفة لعناق طويل، تمد يدها” تفضل ثمن الجريدة”
“ماالذي أصابني، أجننتُ….”
تضم يده طويلا بين يديها المرتجفتين، تنظر يمينا، يسارا وترسم قبلة على خده،
استغرب البائع تصرفها المفاجئ، تمتم، محاولا فك طلاسم قبلتها الحنونة، إلا أنها هرولت مسرعة، خارج المحلّ، هائمة، على وجه الخوف تغرز محاولات شاحبة لرأب صدع تسرعها،
يأبى سرب الحمام الكف عن الهديل، على السلك الكهربائي، بجنون تمسك حجرا، ترميه لاعنة الضجيج، يرمقها المتسول الوفي لذلك الزقاق بنظرات خوف، كاتما نداءه لذوي القلوب الرحيمة،
“تعال….”
التفت إليها، قدم بخطوات مترددة، ينظر إليها بنصف أمل،
تربت على كتفه، واضعة في كفه بعض الدنانير…
ثم تواصل هرولتها،
رنين جرس المدرسة، يعلن اندلاع ثورة جمال، يخرج التلاميذ وضحكاتهم الرنانة تجذبها بشدة، تتوقف أمام الباب الحديدي، تبتسم لأحدهم وتبعث بقبل عبر الهواء لآخرين..
سيذبل الزقاق للأبد…تلتفت للوراء، حيث بائع الجرائد يراقبها،
تضغط على الزر…يتعالى النحيب…