قانون الجامعات وجدل التغيير
بقلم – دكتور هشام فخر الدين:
نتفق جميعا على أهمية التعليم الجامعى، ودور أعضاء هيئة التدريس فى إخراج أجيال واعية ناضجة علميا، تحمل راية التنمية وراية الإصلاح مستوعبة كافة المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية.
من هنا جاءت المناداة بحفظ حقوق أعضاء هيئة التدريس، وكرامتهم والعيش بكرامة وبطمأنينة؛ حتى يتسنى له القيام بدوره الفاعل والمؤثر، عبر طرح قانون تنظيم الجامعات للتعديل والإستفتاء عليه.
ولا شك من أننا نتابع وبالأحرى أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية أطروحات تعديل مواد قانون تنظيم الجامعات ٤٩ لسنة ١٩٧٢ العقيم الذى أصاب الجامعات بالشلل، والذى لم يعد يتماشى وظروف العصر ومتطلباته وما يفرضه من متغيرات وأعباء سواء على المستوى الأكاديمى أو المعيشى لعضو هيئة التدريس، فضلا عن كونه أداة فى أيدى فئة معينة.
الا أن الإستفتاء والرؤى التى طرحت جاء فى مقدمتها تعديل الرواتب التى لا تساوى راتب عامل فى وزارة البترول أو القضاء أو الكهرباء، فهى مأساة يعانى منها عضو هيئة التدريس بالجامعات المصرية مما يصيبه بالإحباط، وللأسف الشديد لم يأتى وزير حتى الآن يكون منصفا لهم أو معهم، فما كان منهم جميعا إلا الإهمال والعداء الواضح لعضو هيئة التدريس، وكذلك الكثير من رؤساء الجامعات والنواب والعمداء والوكلاء ورؤساء الأقسام الذين ليس لهم معرفة لا من قريب ولا من بعيد بفن الإدارة والقانون؛ مما جعل الأصوات تتعالى وتنادى بالتغيير واسناد مثل هذه الوظائف لمن يعى القانون والإدارة من خارج منظومة الجامعة مع تغيير المسميات، حيث تناسوا أنهم في البدء والنهاية هم أعضاء هيئة تدريس.
فواقع التعليم الجامعى بصفة خاصة مؤلم ويحتاج إلى حجرة إنعاش وعناية مركزة، حيث يعانى مشكلات لا حصر لها بداية من عضو هيئة التدريس الذى يعانى من فقدانه لمكانته ولدوره الأساسى فى التعليم، وإهدار حقه الذى كفله له الدستور وخالفته مواد القانون. فضلا عن تحول الجو العام فى بعض الجامعات إلى صراعات، فضلا عن كون الغالبية العظمى من القائمين على الإدارة أصبحوا شيوخ جماعة وعصبة يعادى من تعاديه جماعته ويهادن من تهادنه جماعته، فضلا عن فقدانه لدوره كأستاذ معلم وكونه مديرا لمؤسسة، متبعا مبدأ فرق تسد.
بالاضافة إلى استغلال سلطته والتهديد بكل ما ليس قانونى لأنه أصلا لا يعى القانون وحدوده. ومن ثم تعالت الأصوات المنادية بضرورة أن تكون القيادات الجامعية من خارج أعضاء هيئة التدريس كمقترح للتعديل وكمادة من القانون، لتجنب الصراعات والفساد الإدارى؛ حتى يتفرغ عضو هيئة التدريس للبحث العلمى وتعليم طلابه، وتعيين آخرين كمدير للجامعة، واستحداث هذا المسمى بدلا من رئيس الجامعة ومدير الكلية بدلا من عميد الكلية، وخاصة من يتقنون فن الإدارة ويفهمون القانون. حتى يتفرغ عضو هيئة التدريس لمهمته الأساسية.
حيث أن مهمته هى التدريس والبحث العلمى والتعليم، وإخراج أجيال صالحة ونافعة للمجتمع وفاعلة فيه. وذلك أسوة بما يحدث فى العالم المتقدم، فحينما تحتاج الكلية إلى مدير يتم عمل اعلان دولى عبر شروط محددة لمن يدير الكلية وكذا الجامعة، بغض النظر عن الجنسية، وذلك بعكس ما يحدث فتدخل الوساطة وتعيين من ليسوا أهلا للإدارة.
بالاضافة إلى تقسيم اعضاء هيئة التدريس إلى فريقين داخل القسم العلمى فريق يختص بالتدريس وله فيه موهبة الإبداع وتوصيل المعلومة والتفاعل مع الطلاب، وفريق آخر مهمته البحث العلمى والمشاركة فى تقديم حلول فاعلة لما يعانيه المجتمع من مشكلات ونكبات وكل يترقى حسب مهمته، لا دخل للجان ولا فساد ولا محسوبية ولا وساطة. هكذا يحدث فى الجامعات فى الخارج فى العالم المتقدم. وهذا من ضمن المقترحات للتعديل حيث أن الترقيات بنظامها الحالى مفسدة وعقيمة وقائمة على الوساطة والمحسوبية وقواعد مفروضة لا تنطبق أصلا على الأعضاء أنفسهم، فكيف يطالبون بها فجاء مقترح الترقية كما فى باقى جهات العمل فى الدولة وفقا للقانون بمرور خمس سنوات فى الدرجة، ثم يرقى العضو للدرجة التى تليه مقياسا لأدائه التدريسى. وأيضا يتم الترقى فى جانب اخر عبر النشر فقط دون اللجان وما بها من علامات استفهام أساءت لعضو هيئة التدريس.
فضلا عن سوء الأوضاع المالية لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية، عكس ما يحدث في العالم المتقدم الذى يعى حقيقة أهمية العلم فى التقدم والنمو.
بالإضافة إلى سوء الخدمات الطبية ونظام التأمين العقيم الذى لا يتيح للعضو العلاج والكشف إلا فى مستشفى الجامعة التى يتبعها، بغض النظر عن محل اقامته، وكأننا فى جزر منعزلة لا صلة بينهم تماما وانفصال كامل، فكيف لمريض ذلك؟ ونوع المرض الذى يعانى منه وإجراءات مهينة لا تليق به مقارنة بمن أقل منه فى جهات بعينها فى الدرجة العلمية. فضلا عن سوء الخدمة الطبية والدعم المقدم له.
بالإضافةإلى مقترحات النقل، فالكثير من اعضاء هيئة التدريس يعانون من البعد المكانى حيث يقضى اكثر من نصف عمره فى المواصلات فجاءت المطالبة بالنقل دون قيد للجامعات الأقرب لمحل الإقامة كباقى العاملين فى الدولة دون موافقة القسم، مراعاة للظروف المكانية والاجتماعية والصحية للعضو. فضلا عن المطالبة بإلغاء دورات تنمية القدرات التى لا فائدة منها فلا تتعدى كونها اهدار للوقت والمال فقط .ومازل باب المقترحات والتصويت عليها مفتوحا أمام كل عضو يرى جديد. ولكن السؤال الذى يطرح نفسه هل يستجيب المشرع لهذه المطالب التى لا تتعدى كونها مطالب عادية لمن يحمل على عاتقه إعداد أجيال نافعة وصالحة تحمل راية التقدم والتنمية. فحل المعادلة ليس بالمستحيل.
التعليقات مغلقة.