المغرب -بدر شاشا :
في كرة القدم، كثيرًا ما نُفتن باللعب الجميل، بالتمريرات القصيرة، بالاستحواذ العالي، وبالانتصارات العريضة. لكن حين ندخل إلى إفريقيا، تتغير القواعد، وتتبدل المعايير، ويصبح السؤال الحقيقي: كيف تفوز؟ لا كيف تلعب؟
وليد الركراكي فهم هذه الحقيقة مبكرًا. آمن بأن الفوز 1-0 أفضل ألف مرة من لعب جميل دون نتيجة، لأن إفريقيا ليست أوروبا، ولا تُلعب بعقلية أوروبا، ولا تُكافئ من يطلب المتعة قبل النقاط.
في أوروبا، يمكنك أن تخسر مباراة وتُصفَّق لك الجماهير إن لعبت كرة جميلة. هناك ملاعب مثالية، تحكيم صارم، أرضيات ممتازة، وإيقاع واضح. أما في إفريقيا، فالأمر مختلف تمامًا:
ملاعب صعبة، رطوبة وحرارة، تحكيم متساهل مع الخشونة، خصوم يقاتلون أكثر مما يلعبون، وجماهير تضغط بلا هوادة. هنا، الواقعية ليست عيبًا، بل ضرورة.
المنتخبات الإفريقية لا تمنحك المساحات بسهولة، تتكتل، تندفع بدنيًا، وتنتظر خطأ واحدًا لتضربك مرتدًا. في هذا السياق، اللعب الجميل قد يتحول إلى سذاجة، والاستحواذ إلى خطر، والمجازفة إلى انتحار كروي.
الركراكي لم يأتِ ليُمتع، بل ليُنافس. لم يَعِد بالأهداف الكثيرة، بل بالانضباط. اعتمد على دفاع منظم، صبر طويل، وضربات محسوبة. ربما لا يُرضي ذلك كل الأذواق، لكنه يحترم منطق البطولة الإفريقية:
من لا يتألم لا يفوز، ومن لا يصبر لا يصل
التاريخ الإفريقي لا يذكر من لعبوا جيدًا وخرجوا مبكرًا، بل يخلّد من رفعوا الكأس، حتى وإن فازوا بهدف يتيم. وهذا ما يجعل فلسفة الركراكي منطقية، بل شجاعة، في زمن يخلط فيه البعض بين المتعة والنجاح.
نعم، نحب كرة جميلة، ونحلم بأداء ممتع، لكن قبل كل شيء نحن نريد النتيجة. لأن القميص الوطني لا يُقاس بالاستحواذ، بل بالإنجاز.
وفي إفريقيا، الفوز هو الجمال الحقيقي.

