فلسطين أرض الأنبياء
بقلم أ.د/السيد حسن عِشرة
أستاذ وقاية النبات – مركز البحوث الزراعية
تتميز فلسطين بموقع جغرافي استراتيجي في قارة آسيا وذلك لأنها في قلب العالم حيث تشكل حلقة وصل بين القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا ومنذ القدم كانت فلسطين مركزاً لاتصال الحضارات والثقافات المختلفة وقد كانت ومازالت محط أنظار الدول الكبرى بسبب موقعها علي ساحل البحر الأبيض المتوسط الذي يعد موقعاً هاماً من النواحي الاستراتيجية والحضارية والدينية والسياحية والتجارية.
وهي تضم الأجزاء المحتلة من قبل إسرائيل والأراضي الفلسطينية الواقعة في قطاع غزة الذي تتواجد على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط والأراضي الواقعة في الضفة الغربية وهي الأراضي الموجودة غرب نهر الأردن.
تنقسم دولة فلسطين إلى أربع مناطق جغرافية وهي: –
الصحراء التي تشكل نصف مساحة فلسطين الكلية، الوادي المتصدع الواقع على الحدود مع الأردن وسوريا، والجبال التي تقع وسط البلاد من شمالها إلى جنوبها وأخيراً المنطقة الساحلية التي تمتد من رأس الناقورة وحتى رفح جنوباً.
وتعتبر فلسطين أرض الأنبياء ومبعثهم فعلى أرضها عاش سادتنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف والأسباط وداود وسليمان وصالح وزكريا ويحيى وعيسى عليهم جميعاً السلام، كما زارها سيدنا محمد صلى الله علية وسلم ليلة الإسراء والمعراج.
وتكثر في فلسطين أضرحة ومقامات ومزارات الأنبياء وهي تخلد ذكرى استقرارهم ومرورهم فيها فأبو الأنبياء إبراهيم علية السلام سميت بأسمة إحدى أهم مدن فلسطين وهي مدينة الخليل ويقع ضريحه في هذه المدينة وللنبي صالح علية السلام سبعة أماكن على الأقل تخلد ذكرى نزوله في فلسطين أحدها في الرملة وله فيها موسم زيارة سنوي مشهور في شهر إبريل من كل عام.
وتوجد أيضاً قرية ارتاح وهي من قرى فضاء طولكرم تناقل الناس جيلاً بعد جيل أن يعقوب علية السلام قد ارتاح فيها ولذلك سميت بهذا الاسم.
وفي فلسطين يوجد أكثر من مقام للنبي شعيب علية السلام وأيضاً مقام مشهور للنبي موسى علية السلام قرب أريحا، كما أن في القدس ضريح داود علية السلام أما سيدنا عيسى علية السلام فهناك العديد من الأماكن التي تخلد ذكراه في القدس وبيت لحم والناصرة وغيرها.
وتعتبر فلسطين أرض مقدسة بنص القرآن الكريم وهي مباركة أيضاً في قولة تعالى ” سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ” وقولة عز وجل “ونجيناه ولوطا الى الأرض التي باركنا فيها للعالمين” وفي قولة عز وجل “وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالى وأياما ءامنين” ويقصد بالقرى التي باركنا فيها هي بيت المقدس.
وفي أرض فلسطين المسجد الأقصى المبارك وهو أول قبلة للمسلمين في صلاتهم وهو ثالث المساجد مكانة ومنزلة في الإسلام بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي وهو من المساجد التي يسن شد الرحال الية وزيارته والصلاة فيه تعادل خمسمائة صلاة عما سواه من المساجد.
وفلسطين هي أرض الأسراء والمعراج فقد أحتار الله سبحانه وتعالى المسجد الأقصى ليكون مسرى رسول الله صلى الله علية وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ومنه كان المعراج فشرف الله بذلك هذا المسجد وأرض فلسطين تشريفاً عظيماً وجعل بيت المقدس بذلك بوابة الأرض إلى السماء وهناك في المسجد الأقصى جمع الله سبحانه وتعالى لرسوله الأنبياء عليهم السلام فأمهم في الصلاة دلالة على استمرار رسالة التوحيد التي جاء بها الأنبياء جميعاً وعلى انتقال الأمامة والرسالة إلى الأمة الإسلامية.
وعلى أرض فلسطين يكون المحشر والمنشر فقد قيل للنبي صلى الله علية وسلم أفتنا يا رسول الله في بيت المقدس فقال “أرض المحشر والمنشر” سيحميها الله إن تقاعس الخلق جميعاُ عن نصرتها.
فلسطين هي قلب العرب النابض وهي التي تفوح منها القوة والشجاعة فنجد أبناءها يضحون بدمائهم وأرواحهم وأنفسهم في سبيلها فلسطين ملهمة
الأدباء والحكماء وهي من تغنى بها الشعراء والفلسطينيون أول من اكتشفوا التمر والبرتقال والليمون والشمام وتعتبر شجرة الزيتون بمثابة رمز الهوية، والتقاليد، والثقافة الفلسطينية حيث تستخدم حوالي 45% من الأراضي الفلسطينية المزروعة في انتاج الزيتون وتوفر هذه الأشجار فرص عمل لحوالي 100.000أسرة فلسطينية.
وأرض فلسطين هي الأكثر تعرضاً للغزوات في تاريخ البشرية كلها ولم تذق فلسطين طعم الحرية منذ عم 1917، مروراً بعام 1948 وحتى الآن، ومازال الفلسطينيون يضحون بأنفسهم ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي أقام له دولة على الأراضي الفلسطينية ويرغب في احتلال باقي الأرض وتهجير سكانها الأصليين مرتكباً من أجل ذلك أبشع الجرائم بحق المدنيين والأطفال والنساء ولقد تعرض الشعب الفلسطيني على مر التاريخ لشتى أنواع الظلم والاضطهاد إلا أنه ظل صامداً متمسكاً بأرضة وحقوقه المشروعة.
لآن الفلسطينيين يشعرون أن ليس لديهم خيار سوى المقاومة رداً على معاملة إسرائيل القمعية لهم منذ عقود وأن المحاولات الفلسطينية لحل الصراع عن طريق المفاوضات لم تكن مثمرة على مر السنين والتي اتبعت الحكومات الإسرائيلية المختلفة خلالها نهجاً أدى الى تقسيم السلطة بين قطاع غزة والضفة الغربية مما خلق حالة من اليأس بين الفلسطينيين وللأسف كل ذلك يتم بمساعدة الدول التي طالما صدعتنا بتأخرنا في ملف حقوق الإنسان تلك الدول التي ساعدت المحتل في تنفيذ واحدة من أبشع المجازر في التاريخ ضد شعب أعزل لا ذنب له غير أنه يريد تحرير أرضة والعيش فيها.
وكما جاء في بيان الأزهر الشريف
أننا نقدم تعازينا للعالم الصامت عن ضحايا فلسطين الأبرياء محيياً صمود الفلسطينيين وداعياً الله أن يلهمهم الصمود بوجه طغيان الصهاينة وصمت المجتمع الدؤلي الذي يكيل بمكيالين ولا يعرف سوى ازدواجية المعايير حينما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية.
وأخيراً وليس آخراً
لقد كشفت غزة في حربها الأخيرة “طوفان الأقصى” كل الوجوه من كل المنظمات وكل الدول الذين حاولوا محو قضية فلسطين من أذهان العالم
فأصبح العالم كله الان فلسطين لأنها قضية كل إنسان حر يعيش في هذا العالم وعلينا جميعاً أن ندعمها حتى الرمق الأخير لتحقيق النصر وانهاء الاحتلال الصهيوني الغاشم بإذن الله.
اللهم أرحم الشهداء وأنصر أهلنا في غزة وكل الأراضي الفلسطينية.
اللهم أحم أطفال ونساء وشيوخ فلسطين وانصرالمقاومة نصراً عزيزاً مؤزراً.
اللهم أحفظ مصر من كل مكروه وسوء.
التعليقات مغلقة.