كتب – سمير عبد الشكور:
يعد الفكر السياسي للقائد أحد أبرز موارد قوة الدولة, أي دولة، ويتضمن الأفكار والمعتقدات السياسية التي يعبر فيها القائد عن فلسفات ومعتقدات معينة ووجهات نظر خاصة حيال مختلف القضايا التي يتشارك والمجتمع الدولي حولها في البيئة السياسية الدولية، ويتم تأكيدها عبر التطبيقات العملية والوقائع والتصرفات والسلوكيات السياسية للدولة على أرض الواقع.
ومن هنا فإن فكر القائد السياسي قد يتحول بطريقة ما إلى قوة سياسية خشنة تستخدم الإخضاع للإقناع عبر وسائل وأدوات عسكرية أو دبلوماسية صلبة, وأخرى ناعمة تستخدم الاقناع للإخضاع عبر وسائل وأدوات الدبلوماسية الناعمة.
فالمعتقدات السياسية والفكرية للقيادة السياسية، تمثل محدداً أساسيا في صنع السياسة الخارجية، على اعتبار أن هذه المعتقدات الشخصية هي التي تؤسس نظرة القائد للعالم ومن ثم تؤثر على سلوكه في تقرير السياسة الخارجية, وبالتالي فهي التي تحدد في النهاية نوعية وطبيعة التعامل مع الدول والأطراف الخارجية.
وتكشف السلوكيات والتصرفات السياسية للسياسة الخارجية العمانية في البيئة الدولية عبر مواقفها وسياساتها وتعاملاتها الرسمية في مختلف القضايا، تأثير الفكر السياسي والمعتقدات السياسية للسلطان قابوس بن سعيد، تجاه تلك القضايا والتوجهات والتحولات في البيئة السياسية الدولية .
وتأسيساً على ذلك يعد الفكر السياسي للسلطان قابوس، أحد أبرز موارد القوة الناعمة للسياسة الخارجية العمانية, والتي كان لها الأثر الإيجابي على سلوكيات وتصرفات وقرارات وتوجهات السياسة الخارجية العمانية منذ العام 1970 وحتى الآن حيال مختلف القضايا الإقليمية والدولية، خصوصا في منطقة الشرق الأوسط.
وقد تجلى ذلك من خلال مظهرين من مظاهر السياسة الخارجية العمانية، أولهما ما يطلق عليه “سمة السياسة الخارجية العمانية” عبر المبادئ السياسية الموجهة لها، والمبادئ الأمنية النابعة منها، ثانيهما وهو الصور الذهنية للسياسة الخارجية العمانية، والتي أرادت السلطنة تسويقها للعالم سواء كانت تلك الصور صور انسانية أو اخلاقية أو ثقافية أو غير ذلك مما يمكن ان يعبر عن القوة الناعمة للسياسة الخارجية العمانية عبر الفكر السياسي للقائد.
وكشفت تحركات الدبلوماسية العُمانية في أزمات المنطقة عن تجسيد حقيقي لفكر ومعتقدات السلطان قابوس والتي تتمحور حول الاهتمام العُماني الأصيل والراسخ بالعمل على تعزيز فرص السلام في المنطقة، وحل مختلف المنازعات القائمة عبر الحوار والوسائل السلمية.
ووفقاً للخبراء والمحللين، فإن النجاحات المختلفة للدبلوماسية العمانية، لا تتوقف عند حدود المساهمة في نزع فتيل الأزمات، وتقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة، بل يمتد الأمر إلى ما هو أعمق وأشد تأثيراً؛ من خلال الإسهام في صناعة القرار في مختلف المؤسسات الإقليمية والدولية، وفق ممارسة السياسة الأخلاقية والتأثير في الآخرين دون استخدام لأدوات القوة الصلبة، وإنما من خلال القوة الدبلوماسية الناعمة.