مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

فايزة شرف الدين تكتب …فرحة العيد الحقة

ربما الفرحة باستقبال العيد تلامس بشاشة القلوب جميعا دون استثناء، وتغمرها بسعادة لا يمكن وصفها ـ نشترك صغيرنا وكبيرنا في التهيؤ له واستقباله بقلوب عامرة بالفرحة.. لكن شتان بين فرحة الكبير بعد أن أدرك القيمة الدينية لاستقبال العيد، وبين الصغير الذي لم يصل للحلم ـ هنا مربط الفرس على المستوى الشخصي، وقد يتم تعميمه على فئة من الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها.

منذ عدة عقود في طفولتي المبكرة، ارتبط العيد بالفستان السادة الخالي من النقوش، حتى تقوم أختي الكبرى بتطريز أشكالاً طفولية على الجيوب أو في الجوانب، تداعب خيالي وخيال أخني الأصغر مني بعامين ونتصور بها عوالم أخرى.. عندما شببت عن الطوق وأصبحت في العاشرة، ابتاع أبي رحمه الله قماشاً منقوشاً.. هنا كانت الطامة الكبرى، تعالى صراخنا ورفضنا القاطع، فهذا قطع خيالنا وجعلنا نعيش واقعاً جديداً.. بعد سويعات أَسقط في أيدينا وذهبنا للحائكة لتفصل لنا فستان العيد، ولبسنا الجديد واستقبله أطفال الحي بالإعجاب الشديد.

قد يهمك ايضاً:

وزير التموين مفاجأة مفرحة للمواطنين بشأن أسعار الزيوت قبل…

أمين الفلاحين في ضيافة الشهبندر لمناقشة آخر المستجدات…

مع كل صبيحة عيد تجهز أمي لنارحمها الله طبقاً من اللحم المقلي ” البفتيك”، حتى وقر في خلدي أن تلك سنة واجبة، وكنت من جانبي بعد أن أصبحت أماً أعده لعائلتي.. بعد تلك الوجبة الشهية ينقدنا أبي عديتنا، وأقبض على يد أختي الصغرى ونشق طريقنا إلى وسط المدينة لقضاء العيد.

ارتبط العيد في ذاكرتي بموقف طريف عندما كنت في السابعة من عمري تقريباً، فبينما كنا نسير في كورنيش النيل بمدينة شربين، في طريقنا لركوب المراجيح، إذا بصبي يكبرني طويل القامة يسلب مني كيس نقودي، ويلوذ بالفرار.. ركضت خلفه بكل عزم واستطعت القبض على تلابيب سترته، دون اعتبار أنه أكبر وأقوى، وصحت فيه بشراسة ليعيد إلىَّ عديتي، وقد كان لنستكمل رحلتنا، التي استمرت على نفس المنوال حتى وصلت لسن الحلم، وأصبحت أخجل من المشاركة في الاحتفال بالعيد.

مع النضوج والتقدم في مراحل العمر، شكل لي العيد واجباً دينيا بصلاة العيد، بعد شهر من التقرب إلى الله والاعتكاف عن مظاهر اللهو والتسلية ـ إنها نفس الفرحة التي تلامس بشاشة القلوب، عالق بها سكينة وطمأنينة بالتقرب إلى الله زلفى، وأن العيد هبة لكل مسلم أدى فروضه الواجبة عليه من طاعات، والاستشعار بلذة الإفطار بعد مجاهدة النفس ومجافاة الطعام، لنجتمع جميعاً وفي وقت واحد للاحتفال به عبر الساحات والمساجد، وتنطلق الحناجر بالتكبير والتهليل لرب العالمين.

 

التعليقات مغلقة.