تحقيق -علاء الداوودى:
الكتاتيب مؤسسات تعليمية بدائية بدأت منذ العصر النحاسي بداخل قصر الفرعون وبهو المعابد بمسمي مدرسة الأمراء يتعلمون فيها صغار الأسرة المالكة الهيرو غليفية والهيراطيقة والديموطيقية ثم في بداية الأسرة الخامسة التي أسسها أوسر كاف الملقب بابن الآلة رع أضيفت طقوس العبادات والشكل الديني بها وأصبحت منتشرة في منف وطيبة وأون هليوبوليس..وغيرها من مدن مصر،وظل هذا الشكل التعليمي البدائي الذي جعل من المصريين في عصور الدولة المصرية الفرعونية سواء في عصر بناة الأهرامات مرورا بعصر الرخاء الاقتصادي ثم عصر المجد الحربي وكانت هذه المؤسسات تحارب من الهكسوس والليبين وشعوب البحر المتوسط ثم الفرس لإضعاف الأمة المصرية.
واعترافا بفضل هذه الكتاتيب في شكلها الفرعوني في تطوير ورسم طرق الحضارة المصرية…وظل هذا النمط هو السائد حتي جاء ت عصور الدولة الإسلامية والتي شهدت مرحله هامة في تلك المؤسسات وركزت علي علوم الدين واللغة العربية والحساب وانتشرت الكتاتيب في العصر العباسي والأيوبي ومن قبله الفاطمي وكان العثمانيون والمماليك يسمونها الطباق بكسر الطاء وأضافوا اليها تعلم فنون القتال من رماية وركوب الخيل..وفي بداية حكم محمد علي بدأت عملية تطوير كبيرة للكتاتيب وحتي القرن الماضي كانت الكتاتيب في الفري المصرية هي التعليم الحقيقي الذي أخرج العباقرة في سماء كل الميادين…تري هل تأثر المتعلم بإهمال الكتاتيب؟؟؟التي أصبحت علي حافة الانقراض لتنهار قيم ومبادئ نظمتها الكتاتيب علي يد مشايخها ومحفظيها…هل في العصر الذي نعيشه وبعد غياب الكتاتيب تأثرت العملية التعليمية التي لم نحصد من وراءها الاالتخبط والانهيار…وهل لابد من عودتها أم هي لاتناسب العصر؟؟؟!!!.
يقول الشيخ مختار سالم محفظ القرآن الكريم بقرية تابعة لبسيون غربية والدي كان يمتلك كتاب بضم الكاف..يعلم فيه أبناء القرية اللغة والحساب وحفظ كتاب الله وتبدأ الدراسة من بعد صلاة الفجر ويقسم رواد الكتاب لمجموعات حسب الفئة العمرية وما سيبدأ به تعليمه فمثلا نبدأ بمجموعة الهجاء ثم حفظ قصار السور ثم حفظ الأجزاء وهكذا ويستمر الكتاب حتي غروب الشمس في أيام الأجازات ووقت الدراسة يستأذن المتعلم ليذهب للمدرسة ثم يعود بعد انتهاء اليوم الدراسي ليكمل التعلم في الكتاب بضم الكاف…وكان أبناء القري والنجوع يتوافدون علي الكتاتيب بكثرة وكان الأب ينتقي بعناية الشيخ والعريف الذي سيترك فلاذت أكباده بين أيديهم ليوثر في شخصية الأبناء بعلمه وخلقه ليصبحوا قادرين علي التقدم في المجتمع…وتخرج من الكتاب عظماء من أطباء ومهندسين ومحاسبين ومعلمين وموظفين في مختلف الأعمال الحكومية.
ويضيف أبو العلا خليفة موظف بوزارة الداخلية قريتي ابشواي الملق قطور غربية تشتهر منذ القدم بأنها قرية العلم والقرآن بسبب كثرة الكتاتيب بالقرية والتي أبدعت بتعليمها البدائي فتخرج من الكتاتيب قضاة وضباط وأطباء وعظماء في كل المجالات والميادين ولكن الآن أصبحت مهجورة واختفت تماما من قريتنا اللهم كتاب واحد فقط يعاني من قلة طلابه..وللأسف نشاهد أجيالا أكثر عنفا وتخلفا وبلاهة بسبب غياب الكتاتيب.
يؤكد أحمد عبد الوهاب مدرس لغة عربية بمدرسة الرافعي..أن الكتاب كان اللبنة الأولي والأهم في تعلم اللغة الفصحى لأعتماده علي تعلم اللغة عن طريق تحفيظ القرآن الكريم وبالتالي كان خريج الكتاب دائم الإبداع اللغوي أما الآن وفي الحداثة التي نعيشها فقدنا اللغة الأصلية لأعتمادنا علي مناهج ضعيفة لاتغني ولاتسمن من جوع في تعلم فنون اللغة.
رأي المتخصصين في التربية:
يقول د صلاح مصطفي أستاذ المناهج بتربية طنطا..الكتاتيب رمز علمي بسيط علم جموع الفئات من الفقراء حتي زعماء وأمراء القوم وكان ميسر لأنه كان لايحمل عبئا للأسرة بل كان يعتمد علي مواسم الحصاد فكان يرسل له الفلاحون جزء بسيط من غلالهم ومحاصيلهم مقايضة لتعليم الأبناء..ونحن نفتقد لاخلاص وتنظيم الكتاتيب البدائية التي أثمرت المرجو منها تعليميا وتربويا…ورغم كل صنوف المعرفة والعلم الحديثة ووسائل التكنولوجيا وعالم الاتصالات الضخم الا أنها لم تحقق أجيالا كما حققت الكتاتيب في أزهي عصورها.
وتضيف د.نبيلة المنصوري أستاذ تكنولوجيا التعليم بالمنيا:ان الكتاتيب أعطت البيئة المصرية سواء في الريف أ و المدن نظاما تعليميا مؤثرا كانت نتائجة ايجابية علي دروب العمل الاجتماعي والاقتصادي بل وتخطي كافة الأنظمة العقيمة الحديثة التي أبهرتنا شكلا لا مضمونا وهناك استجابة للتكنولوجية بعيدة المدي دون النظر للعواقب وما سينجم عن طرق التدريس الحديثة التي ترهقنا بتكاليف باهظة لم تتحملها الطبقات الأكثر فقرا ..
أما د البير منهاتن أستاذ الأدب اليوناني..أننا نستطيع أن نجزم أن الكتاتيب قدمت في السابق مالذ وطاب من العلوم في عصرها لكنها الآن في طفرة التعليم.