مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

غلاء الأسعار والمعيشة حين يتحول العلاج إلى رفاهية

كتبت _ د. هبه الجزار
في زمنٍ أصبحت فيه الحياة أكثر قسوة، تتزايد أعباء المواطن يومًا بعد يوم، حتى بات غلاء الأسعار شبحًا يطارد كل بيت، ويثقل كاهل كل أسرة. لم يعد الأمر مقتصرًا على السلع الترفيهية أو الكماليات، بل وصل إلى أبسط أساسيات المعيشة من طعام وشراب، وامتد ليطال ما هو أخطر: الدواء والعلاج.
ارتفاع الأسعار.. صراع يومي مع الحياة
لم يعد راتب الموظف أو دخل المواطن البسيط يكفي لسد احتياجاته اليومية، فكل شيء تضاعف سعره: الخضروات، الفاكهة، اللحوم، حتى الخبز. ومع كل موجة غلاء جديدة، يضطر الناس إلى التخلي عن شيء كان بالأمس ضرورياً، ليصبح رفاهية اليوم. البعض يلجأ إلى تقليل الوجبات، أو شراء الأصناف الأرخص، وربما التوقف عن شراء أشياء أساسية تمامًا.
الدواء.. وجع آخر فوق الوجع
قد يهمك ايضاً:

حازم مهني يكتب..الثانوية العامة بطولة وصبر

أحمد سلام يكتب ودارت الأيام

الأصعب من الغلاء المعيشي هو غلاء أسعار الأدوية، فقد أصبحت بعض الأدوية الحيوية خارج متناول الكثير من المرضى، خاصةً أصحاب الأمراض المزمنة كالقلب والسكري والضغط. بات المريض يختار بين أن يأكل أو أن يشتري دواءه، بين أن يدفع فاتورة الكهرباء أو ثمن العلاج، وكأن الصحة أصبحت رفاهية لا يستحقها إلا المقتدر.
المستشفيات الخاصة.. تجارة باسم الإنسانية
وما زاد الطين بلة، هو غلاء أسعار الخدمات الطبية بالمستشفيات الخاصة. لم يعد المرض يستنزف الجسد فقط، بل يستنزف الجيب أيضًا. كشف الطبيب بأسعار خيالية، وتحاليل وأشعة لا تقل عن راتب شهر، وفي النهاية قد يُطلب من المريض أن “يتوجه لمستشفى حكومي” إن لم يكن قادرًا على الدفع.
أين العدالة؟
في ظل هذا الواقع المؤلم، يتساءل الناس: أين دور الدولة؟ أين الرقابة على الأسعار؟ أين العدالة الاجتماعية التي تضمن الحد الأدنى من الرعاية الصحية والدواء؟ المرض لا يفرق بين غني وفقير، والصحة ليست سلعة تُباع وتشترى.
غلاء الأسعار لم يعد مجرد مشكلة اقتصادية، بل أصبح أزمة إنسانية تمس كرامة الإنسان وحقه في الحياة. لا أحد يطلب الرفاهية، الناس فقط تريد أن تعيش بكرامة، أن تأكل وتشرب وتعالج دون أن تبيع ما تبقى من نفسها.