بقلم : أماني النجار
كان ولابد من أن يُحسم النزاع مابين طرفي نقيض ، إما بوصولٍ لمعاهدة سلام ، أو أن يعلن أحدهما الاستسلام ، نزاع أدمى صاحبه ، فكلا الطرفين رفقاءِ طريق ، شركاءٌ في رحلةِ عمرٍ تملؤها الفرحة أحياناً ويكسوها الحزنُ أحياناً أخرى ، كِلا الطرفين جاءوا إلى الدنيا في يومٍ واحد ، بل في ساعةٍ واحده من رحمٍ واحد ، شركاءَ المنبتِ والمسكن غرباءَ الملمحِ والطبع ، نادراً مايتفقان والغالب ُُهم مختَلِفين ، قلبٌ لا يتنفسُ إلا الحب ، يَقْطُر إحساساً مغموساً بالحب ، يشربُ مشروباً لمزيجٍ من عشق ومُحلى بقوالبٍ من سكرِ حب ، يتجرعُ جرعات من حب ، لايسمع إلا لمشاعر.. لاينطق إلا بالحب ، لايعرف لغة الأرقام ، ترهقه حسابات الأيام ، يغفو .. يستيقظ .. لايحمل داخله نزاعات …لا يفقه تَسعير الأشخاص هذا بكام وذاك بكام .
وهذا عقلٌ لايفقه الا الأرقام ، بارعٌ متخصصٌ في تقدير الأثمان ، يترأس مزاداتَ حياتك وينادي فتح المزاد فألا اونا ..ألا دو …ألا تري ، ففلانٍ يوزنُ بالذهبِ وفلانٌ يوزنُ بالماس وجموعٍ من قشره تملأ جُعبه النخاس، فالعقلُ لايعرفُ للحبِ قياس ، يعشقُ ارصدهً في حسابات بنوكٍ ، يأكلُ يشربُ أفكاراً تُبنى على المنطق ، زائد ..ناقص … كم سَيُساوي
لا يسمعُ صوتاً لأحاسيس ، لا يفهمُ إلا هذا غالي و ذاك رخيص ، كُثُرٌ اتباعه ومريديه ، أوراق نقودٍ وشيكات الأسم الحركي لمتابعيه ،
بات الشقاق بينهما نهجُ حياة ، فالعقلُ ينادي في القلب ايا قلباً قد ارهقنا من طول الدق ، فا وربي سئمنا من كلمه قلبي رق ، قد ضاع بسببك أعمارٌ فُنيت مابين شقٍ ورق ، فيرد القلب ايا عقلاً لا يعرف للسعادةِ مقياس ، ووجودك في الأفراح وفي الأعراس حساباتٍ… قلمٍ ….كُراس أما أنا فأنا الإحساس والإخلاص لا فرق لدي بين غنيٌ وفقير فالكل لدينا سواس ،فيرد العقل عليه فيا قلباً في صدرِ كلِ انسان أما أنا فأميزه عن الحيوان.. احميه من شرك الشيطان ..انا خيرُ ميزان .
وما بين مقولهٍ ورد ضاع بينهما الود ،وفي صباح ذاتِ يومٍ ضاق المسكن بهمُ وضج ، وصلا لنهايه عهدهما ، بات براح الأرض عليهم ضِيقْ ، رفض الخصمان أيّ تدخلْ لصديق ، اجتمعا على رأي واحد ، لن يجمعنا بعد اليومِ طريق ، مسكينٌ ذاك المسكن قد ضاق بهما وضاق ، ملأت جدرانهُ شقوقاً من خناقٍ وشقاق ،رَفعَ على بابهِ لافتةً ، ما عُدت مكانَ تجمعٍ للرفاق ، مسكينٌ ذاك الصدر مسكينة ٌ أيتها الرأس ،وها هو يحتدمُ خناقَ الرفاق ، يأتِ صوتٌ عالٍ قد بلغ عنان السماء ،يصرخ رفقاً بي ورب الافلاك ، كفى ..فأنا قد ضاق بيا الحالَ وسئمتُ الصوت العال ، فأنا بينكما ممزق لا اعرف من سأصدق ، قلبي هو مصدرٌ لأماني واطمئناني وكثيرا منبع أحزاني ، لكني من دونه ميت ،لا أنكر أنه يوقعني في كل مطبٍ ومطب، أهٍ ياقلبي لو كان لديك في يومٍ عقل .
وانت ياعقلي وضعي بين الناسِ وشكلي، رمانةَ ميزانِ حياتي، برواز جُمعت فيه شهاداتي.. ألقابي صولاتِ وجوالاتِ حياتي.. نجاحاتي ، أما عن خيباتي فتحاول مجتهدا أن تقنعني أن الحاضر والمستقبل آتٍ آتِ وسيسحقُ زلاتي ، اغضب منك كثيرا ، ُيرهقني كونكَ صلب ، اريدك عقلاً وقلب فأنا من دونك اضحوكه يهزء بيّ الصبيهُ في الطرقات ، فهدية ربي انت ، لكني أَعِيبُ عليك كونك صلب ، آهٍ لو كنت بقلب .
فأنا أحتاج لعقلٍ يملك قلب ولقلب ينبضُ بالعقل ، فرجاء مني ياقلبي ويا سيد عقل .. ماذا لو نسمح للهدنه أن تتدخل فيصلَ بينا؟؟ ، نتعاون أن نصبح شيئاً واحد ، نصبح قلباً زينه العقل في جسدٍ ، قد طالت حيرته مابين صراع شقيقين قلب بلا عقل وعقل بلا قلب.