مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

عماد السعدني يَكتُب ..الفنكوش وأباطرة المجالس العُرفية

إنقض علينا في الأونة الأخيرة عددًا من الأشخاص يُلقبون أنفسهم حُكام مجالس عُرفية ؛ ويتدخلون في شؤون الناس الخاصةً والعامة تحت مُسمى فض المُنازعات بينهم ، والغرابة في هذا الأمر إنهم غير مؤهلين لذلك من الجهة التعليمية والعلمية والثقافية والإجتماعية ؛ والأدهى من هذا وذاك هو الجانب الديني الذي يُسند عليه كل الأمور الحياتية والدنيوية والعقاب الواقع عليهم عندما يتحاملون على الحق ويؤيدون الباطل بشرعهم الضال فأغلبهم لا يفقهون شيءً سوى الصوت العالٍ ! .

 

فوجدُت الكثير الغير مؤهلين لهذا المقام يستندون على المال الذين يحتمون به أي أن كان مصدره سواء إرث أو غيره ، وأول خطوة يفعلها البعض كي يكون مُحكم عُرفي بين الناس أن يبني له بيتًا وبداخله حجرة كبيرة تُسمى مندرة الضيوف ؛؛ ثم يذهب إلى ترزي شهير لعمل كم من الجلباب المكفوف والمترز بجانب عباءة سوداء وأخرى من اللون البُني ؛؛ ثم شراء سيارة فخمة ومن هنا يبدأ أن يتجول في الشوارع بجلبابة وساعته الرادُو المُذهبة ويُلقب بالحاج فُلان وشيخ العرب عِلان ! .

 

ويبدأ الظهور للعامة في الأفراح والمناسبات الخاصة والعامة فحسب ، وأداء واجب العزاء والمواساة قريبًا أم غريب فهذا الأمر لا يُعنيه سوى أن يصنع له إسمًا ؛؛ ويتظاهر بالحُب والمودة للجميع وإنه رجل حق ويسعى بين الناس في الخير والحق وهو لا يعرف لطريق المساجد سبيلا ؛؛ هو أيضًا يُريد تسليط الأضواء عليه فقط مع كم من الصور لنشرها على صفحته الشخصية ! وبجانب ذلك تم الصلح بين فُلان وفُلان على يد شيخ القبيلة الحاج عِلان ولولا نحن ما كانوا ولا بقوا في هذه الحياة !! .

 

قد يهمك ايضاً:

عيش اللحظة 

أنور ابو الخير يكتب : الأنفلات الأخلاقي

وتُدار أغلب هذه المجالس بشيء قد يبدو غريب وهو ما يُسمى رُزقه ؛؛ بمعنى كلٍ من الأطراف يقوم بدفع مبلغ من المال ليشتروا بعض الوجبات الشهية ؛ والساقع والذي منه ؛ والأكثر مشاعًا في هذه المجالس أن يبدلون الحق باطل وينصرون الباطل على الحق ؛ أليس هذا شرك بأمور الدين والتشريع وثوابت العقيدة ! أليس الله حاكم بأمره ومُطلع على ماتقولون وتفعلون !!.

 

ورأيت أيضًا الإنحياز مع طرف ضد الأخر بالأخص لو كان الأمر فيه نساء أو طرف معه من المال ما يكفي ؛ فهُنا يظهر بعنتريته الغاشمة كي يرضي الطرف الناعم وصاحب الدراهم ؛ دون أن يستمع إلى حُجة الطرف الآخر !! ويصدر أحكام ويتخذ قراراته التي ليس لها جدوى ويعلم أنه على باطل !! ولكن مايُريده هو إصتياد الفريسة فقط لإثباته أمامها الفارس الهمام شايل سيفه الخائض في المعارك وصاحب الملاليم ؛؛ ولا يدري بأن هذا الأمر يُدني من شأنه ، بل بجانب ذلك يُهاجم من يخالفه الرأي حتى لو كان هو من إلتجأ إليه بالمطالبة في مساعدته من الطرف الآخر !! فهذا لا يعني سوى الفنكوش من قِبل أباطرة الضلال !!.

 

وفي نهاية الحفل الختامي يصفقون بعضهم البعض فارحين بنصرهم الباطل على الحق ونسوا أن الحق إسم من أسماء الله !! و إن الله تعالى يأمركم بأداء مختلف الأمانات ، التي اؤتمنتم عليها إلى أصحابها ، فلا تفرطوا فيها ؛ ويأمركم بالقضاء بين الناس بالعدل والقسط ؛ إذا قضيتم بينهم ، ونِعْمَ ما يعظكم الله به ويهديكم إليه إن الله سميعًا لأقوالكم ، مُطَّلعًا على سائر أعمالكم ، بصيرًا بها ، وقال تعالى{ وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ } وهذا يشمل الحكم بينهم في الدماء والأموال والأعراض ، القليل من ذلك والكثير ، على القريب والبعيد ، والبر والفاجر ، والولي والعدو ، والمراد بالعدل الذي أمر الله بالحكم به هو ما شرعه الله على لسان رسوله من الحدود والأحكام ، وهذا يستلزم معرفة العدل ليحكم به ، ولما كانت هذه أوامر حسنة عادلة قال: { إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا } وهذا مدح من الله لأوامره ونواهيه ، لاشتمالها على مصالح الدارين ودفع مضارهما ، لأن شارعها السميع البصير الذي لا تخفى عليه خافية !! ويعلم بمصالح العباد ما لا يعلمون ، وفي الأخير ينصر الله الحق ولو بعد حين ، أفيقوا يرحمكم الله وللحديث بقية .