بقلم -حسين الغزي ..سوريا
تمرُّ بي كنسمةٍ فقدتْ ذاكرتَها،
وأنا أفتحُ بوّابةَ الليل
لأسمعَ وقعَ خطواتِكِ على سجادةِ النجوم.
حياتي كلُّها
كانت تنتظرُ التفاتةً منكِ…
مجرد التفاتة
يكبرُ فيها قلبي مثل قمرٍ خرج لتوّه من الماء.
أبني من غيابك قصورًا من وهم،
وأهدمها في الصباح
كي لا أبدو عاشقًا يربّي الحلمَ علنًا،
ومع ذلك… يربّيه.
أُبسطُ أيّامي أمامكِ
كأوراق شجرٍ تريدُ أن تُقرأ،
وأتركُ قلبي يبحثُ عن طريقٍ
لا يخافُ فيه أن يصل إليك.
كلُّ حدثٍ صغيرٍ يمرُّ بكِ
يتحوّل عندي إلى فصلٍ كاملٍ من الضوء،
فأنا أُعطي للحظة أثوابًا من البلاغة،
وأُعلّم الزمنَ
كيف يقفُ احترامًا أمام وجهكِ.
أحيانًا
أستنفدُ ساعاتي في تخيّلِ الطريقة
التي ستلفّين بها شعرك،
أو شكلِ الارتباكِ
حين تقتربين من حدودي دون قصد،
وكلُّ هذا يحدثُ هنا…
في صمتٍ يسكنُ صدري
ويحفظُ روائحك المتخيّلة.
أرفعُ في داخلي نوافذ تشبه عينيكِ
كي يدخلني العالمُ من جهته الصحيحة،
وأتساءل:
ماذا لو تجرّأتِ السماءُ يومًا
وأرسلتكِ إليّ بإشارة واضحة؟
ماذا لو جاء اللقاء
كما تأتي الهدايا بلا موسيقى؟
ربما كان بيننا موعدٌ
لا يعرفه البشر ولا يعرفه الوقت،
موعدٌ يعيدُ ترتيبَ الدهشة في دمي،
ويجمعُ شتاتَ الأيام
التي تناثرتْ على صمتنا الطويل.
موعدٌ
يشبه ميلادَ كونٍ صغير
في نظرةٍ واحدة،
وتكونين فيه أنتِ
الغائبة التي تغلبُ على مواسم الغياب،
وأكونُ أنا
الرجلَ الذي طال انتظاره للدهشة.
وعندما تأتين…
تأتين كما يأتي الربيع:
بلا تمهيد،
بلا استئذان،
بلا خجل.
تسكنين في قلبي جهةَ النهار،
ويبدأ العالمُ
من خطوتكِ الأولى
