مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

علاج جيني ذكي يمحو سرطان الدم التائي العنيف

 

يقدم علاج جديد طوره علماء باستخدام خلايا مناعية معدلة جينيا نتائج واعدة للأطفال والبالغين المصابين بسرطان الدم الليمفاوي الحاد من الخلايا التائية (T-ALL)، وهو نوع نادر وسريع التطور من سرطانات الدم، وغالبا ما تكون خيارات علاجه محدودة للغاية؛ يعتمد هذا النهج على خلايا مناعية أعيدت برمجتها وراثيا لاستهداف المرض بدقة عالية.

يعتمد هذا العلاج الجيني الفريد من نوعه والمعروف باسم BE-CAR7، على استخدام تقنية التعديل القاعدي للجينات، وهو شكل متقدم من تقنيات كرسبر يتيح تغيير حرف واحد فقط من الحمض النووي داخل الخلية الحية بدقة كبيرة، دون إحداث قطع في شريط الـDNA.

في عام 2022، استخدمت هذه التقنية لأول مرة عالميا لعلاج فتاة تبلغ من العمر 13 عاما تدعى أليسا، وكانت تعاني من سرطان دم تائي مقاوم للعلاج، ومنذ ذلك الحين تلقى العلاج ثمانية أطفال وبالغان.

أظهرت نتائج المرحلة المبكرة من التجارب السريرية معدلات شفاء قوية، حيث وصل 82% من المرضى إلى حالة انحسار عميق جدا للمرض، ما أتاح لهم الانتقال إلى زراعة نخاع عظمي دون وجود خلايا سرطانية قابلة للكشف.

ولا يزال 64% من المرضى خالين من المرض حتى الآن، بينما أمضى أوائل المرضى المعالجين ثلاث سنوات دون عودة السرطان ودون الحاجة إلى علاج إضافي.

وكانت الآثار الجانبية المتوقعة، مثل انخفاض خلايا الدم ومتلازمة إطلاق السيتوكينات والطفح الجلدي، قابلة للسيطرة مع الإشارة إلى أن أخطر المضاعفات ارتبطت بالعدوى الفيروسية خلال فترة إعادة بناء الجهاز المناعي.

قد يهمك ايضاً:

باحثون يرصدون ذرات ساكنة داخل معدن منصهر

ذاكرة الوصول العشوائي (RAM) تشهد نقصا حادا وارتفاعا غير…

تعتمد المعالجة المناعية بالخلايا التائية المبرمجة لاستهداف السرطان على تعديل الخلايا التائية لدى المريض أو المتبرع لتعبر عن مستقبل خاص يسمى المستقبل الخيمري للمستضد، يسمح لها بالتعرف على علامات محددة على الخلايا السرطانية وتدميرها؛ إلا أن تطوير هذه التقنية لعلاج سرطانات تنشأ أصلا من الخلايا التائية كان تحديا كبيرا، لأن الخلايا المعدلة قد تهاجم بعضها البعض بدلا من استهداف السرطان فقط.

أتاحت تقنية التعديل القاعدي تجاوز هذه المعضلة من خلال إنتاج خلايا تائية مبرمجة لاستهداف السرطان جاهزة للاستخدام لا تحتاج إلى تطابق مع المريض؛ وقد أجريت تعديلات دقيقة على الحمض النووي لإزالة مستقبلات محددة، ما يسمح بتخزين هذه الخلايا واستخدامها لدى مرضى مختلفين بأمان.

في هذا العلاج، استخرجت الخلايا المناعية من متبرعين أصحاء، ثم أجريت عليها عدة تعديلات أساسية شملت إزالة المستقبلات الأصلية لمنع رفضها من جهاز مناعة المريض، وإزالة علامة CD7 التي تميز الخلايا التائية حتى لا تدمر الخلايا المعدلة بعضها البعض، وكذلك إزالة علامة CD52 لمنع تدميرها بواسطة أدوية تثبيط المناعة؛ بعد ذلك أضيف مستقبل CAR مصمم للتعرف على CD7 الموجود على الخلايا السرطانية التائية، ما يمكن الخلايا المعدلة من تعقب السرطان والقضاء عليه.

عند إعطاء الخلايا التائية المبرمجة لاستهداف السرطان المعدلة قاعديا للمريض، تقوم هذه الخلايا بسرعة بتحديد الخلايا التائية في الجسم وتدميرها، بما في ذلك الخلايا السرطانية؛ وإذا تم القضاء على السرطان خلال الشهر الأول يخضع المريض لاحقا لزراعة نخاع عظمي لإعادة بناء جهاز مناعي سليم خلال الأشهر التالية.

وأوضح الباحث الرئيسي أن هذه النتائج تؤكد أن الخلايا التائية المبرمجة لاستهداف السرطان المعدلة جينيا والمعدة مسبقا يمكنها القضاء على حالات شديدة المقاومة من سرطان الدم التائي، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن العلاج مكثف وصعب، وأن بعض المرضى لم تتحقق لديهم النتائج المرجوة، ما يستدعي الاستمرار في تطوير النهج وتحسينه.

وأشار أحد أطباء زراعة النخاع المشاركين في الدراسة إلى أن نحو 20% من الأطفال المصابين بسرطان الدم التائي لا يستجيبون للعلاجات التقليدية، وهؤلاء هم الأكثر حاجة إلى حلول جديدة، معتبرا أن هذا العلاج يمنح أملا حقيقيا بتحسين فرص النجاة في هذا النوع العدواني من السرطان.

أما أليسا، أول مريضة في العالم تتلقى هذا العلاج، فقد أصبحت الآن في متابعة طويلة الأمد وتعيش حياة طبيعية مع أصدقائها؛ وكانت قد شخصت بالمرض في عام 2021 بعد أشهر من الإرهاق المتكرر والعدوى الفيروسية، وفشلت معها العلاجات التقليدية وزراعة نخاع سابقة، قبل أن يعرض عليها هذا العلاج التجريبي.

وقالت أليسا إنها قررت المشاركة في البحث حتى لو لم ينجح معها، على أمل أن يساعد الآخرين، لكنها اليوم تتمتع بصحة جيدة وتعيش حياة مراهقة طبيعية وتطمح في المستقبل إلى أن تصبح عالمة أبحاث وتساهم في اكتشافات جديدة تساعد مرضى مثلها.