علاءشبل يكتب :عرفة تغفر الذنوب إلا الظلم

في تلك الساعات المباركة التي تعد أعظم ساعات الدنيا وقد رفع الحجيج وغيرهم أيديهم للسماء يطلبون رحمة الله ورضوانه في خير يوم طلعت عليه الشمس ليعود العبد كيوم ولدته أمه مطهرا من الذنوب والمعاصي والآثام لكن لابد أن نذكر هنا أنه كما أن بعض الصائمين ليس لهم من صيامهم إلا الجوع والعطش فكذلك بعض الحجاج ليس لهم من حجهم إلا المشقة والتعب وكثرة النفقات هؤلاء الذين تركوا وراءهم مظالم أو جمعوا مالا حراما أو فيه شبهة فالله يغفر ما بينه ومابين عبده من تقصير في العبادة والله خير الغافرين إلا انه سبحانه حاشاه أن يضيع حقوق عبادة فمن ظلم أو سرق او أكل حقوق الناس فحجه مردود عليه ولا يكتسب إلا لقبا يُنادى به بين الناس وهذا ما قصده رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف

فقد خرّج الطبراني، وغيره من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا: “إذا خرج الرجل حاجًّا بنفقة طيبة، ووضع رجله في الغرز، فنادى: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء: لبيك وسعديك، زادك حلال، وراحلتك حلال، وحجك مبرور، غير مأزور. وإذا خرج بالنفقة الخبيثة، فوضع رجله في الغرز، فنادى: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد زمن السماء: لا لبيك، ولا سعديك، زادك حرام، ونفقتك حرام، وحجك غير مبرور”.

وروي ان رجلا مات في طريق مكة، فحفروا له، فدفنوه، ونسوا الفأس في لحده، فكشفوا عنه التراب ليأخذوا الفأس، فإذا رأسه وعنقه قد جمعا في حلقة الفأس، فردوا عليه التراب، ورجعوا إلى أهله، فسألوهم عنه، فقالوا: صحب رجلًا، فأخذ ماله، فكان منه يحج، ويغزو.
ولهذا قال الشاعر:
إذا حججت بمال أصله سحت … فما حججت ولكن حجت العير

لا يقبل الله إلا كل طيبة … ما كل من حج بيت الله مبرور
فقد يستطيع المرء خداع الناس جميعا بطيب حديث أو ملبس أو ورع مصطنع ولكنه لايستطيع خداع ربه الذي يعلم السر وأ خفى فكل من أكل إرثا أو تناول رشوة أو عاش على سحت أو اغتصب أرضا أو ساوم على مال ليس له فيه حق لقول كلمة حق أو باطل أو قضاء مصلحة لإنسان واجب عليه أن يقضيها فلا حج له قبل أن يعيد كل الحقوق إلى أصحابها فالله عز وجل أحرص على حقوق عباده من العباد أنفسهم ويكفي أن يرفع العبد مظلمته من قضاء الأرض إلى رب السماء ويكفيه هنا أن يرفع دعواه دون رسوم أو انتظار لجدول قضايا فقط عليه أن يردد (حسبي الله ونعم الوكيل ) ويتبعها بقول الله تعالى( وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد ) تقبل الله حج من حج بمال حلال ورزقنا حج بيته وغفر لنا وباعد بيننا وبين ظلم العباد والمال الحرام