عضو لجنة الإعجاز العلمي بمجمع البحوث الإسلامية:حديث النملة في قصة سيدنا سليمان يُبرز مدى الوعي والإحساس بالمسؤولية لدى هذه المخلوق الصغير
أحمد مصطفى:
قال فضيلة الدكتور مصطفى إبراهيم، عضو لجنة الإعجاز العلمي بمجمع البحوث الإسلامية، إن القرآن الكريم جاء بحقائق كثيرة حول عالم النمل، أثبت العلم فيما بعد صدقها، من حيث صفات ممالك النمل، والنظم المعيشية التي تحياها، والتي تشبه العالم البشري في كثير من أموره، من حيث تعدد أماكن أقامت النمل والعيش في تجمعات، في تشابه كبير مع البشر، وهي ما تعرف بالصفات المجتمعية، كما أن النمل له مساكن مشيدة، والباحثين في هذه التخصص وجدوا أن مساكن النمل مشيدة بنظم هندسية بارعه، ودقيقة في التأمين ضد الكوارث والأخطار.
وأضاف عضو لجنة الإعجاز العلمي، بإن حديث النملة في قصة سيدنا سليمان، والذي جاء نتيجة سماعها لحركات جيشه، والذي كان يبعد 5 كيلوا متر عن وأدي النمل، يُبرز بوضوح مدى الوعي الجماعي والإحساس بالمسؤولية لدى هذه المخلوق الصغير، وقد كتشف العلم الحديث أن النمل يمتلك حاسة سمعية متطورة تساعده على اكتشاف الذبذبات، مما يجعله قادرًا على أن يواجه المخاطر، كما أن النمل يعمل بشكل منظم، وهو ما ظهر من خلال ما قدمته النملة لمجتمع النمل من حل للمشكلة التي تواجههم عندما طلبت منهم أن يدخلوا مساكنهم، كما تبين جملة “ولا يحطمنكم” التي ذكرت في القرآن أن النملة حذرت بقية النمل من تحطيم عظامهم بسبب جيش سليمان، و أثبت العلم بعد ذلك أن عظم النملة هو الغلاف الخارجي للجسم مما يجعلها قابلة للتحطيم مع مجرد اللمس.
وبين عضو لجنة الإعجاز بأن النملة في خطابها لقومها حذرتهم من مآلات الأمور المتوقعة والنتائج الخطرة، ووضعت السيناريوهات والاحتمالات حالة عدم سماع النمل لتحذيرها، كما دفعتهم على بذل ما في وسعهم من أجل تفادي النتائج الخطيرة، لمرور جيش سيدنا سليمان على وأدي النمل، وهو تخطيط استراتيجي لا يمكن أن يكون إلا من كائن ذكي ويعيش في نسق اجتماعي منظم ومتقدم.
ورد أستاذ الإعجاز العلمي على من أنكر حديث النملة الذي جاء في القرآن الكريم، بأن العلم الحديث أثبت أن هناك العديد من الكائنات تصدر ترددات تشبه الأصوات، ولكنها لا تصل إلى أذن الإنسان، كما أننا لا نستطيع أن نرى البكتريا وغيرها من الكائنات، وهذه رحمة من ربنا بالإنسان لأن الكون بعد العديد من النظم المختلفة، وهو أمر لا يتحمله الإنسان، وسماع سيدنا سيلمان كانت خصوصية منحها لله سبحانه وتعالى له، “علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء”
وأوضح الدكتور مصطفى إبراهيم، عضو لجنة الإعجاز العلمي بمجمع البحوث الإسلامية، أن الدراسات العلمية الحديثة أثبتت العديد من الحقائق العلمية حول عالم النمل، بأنه يوجد حوالي 14 ألف نوع من النمل على وجه الأرض، وهناك منطقة شاسعة في أوروبا تصل مساحتها إلى 6 الألف كيلوا متر كلها وأدي نمل، كما أن النوع الواحد من له نظم متعددة بداخله تتنوع أدوراها داخل كل نوع من هذه الانواع.
من جانبه قال الدكتور هاني عودة، مدير الجامع بالأزهر، إن الزاوية العلمية في تفسير القرآن، تكشف لنا عن جوانب جديدة من هذا الكتاب العظيم، وتُظهر لنا مدى توافقه مع الحقائق العلمية، فالحق سبحانه تعالى لم يأت بالقرآن ليكون كتابًا أدبيًا أو تاريخيًا فقط، بل هو كتاب علم ومعرفة، كما أن فهم الإعجاز القرآني لا يتأتى إلا من خلال لغة بليغة ومليئة بالمفردات، وهو ما يفسر اختيار الحق سبحانه وتعالى للغة العربية كلغة لكلامه الكريم، إذ أن بلاغة هذه اللغة وسعتها اللغوية هما الركيزة الأساسية لفهم الإعجاز القرآني العظيم وتدبر معانيه، وهو ما يظهر في استخدام لفظة “ليحطمنكم” التي تدل على معنى التحطيم والتكسير والذي أثبت العلم بعد ذلك أن النمل الغطاء الخارجي لجسده من العظم.
وأضاف عودة، بأن الإيمان بالغيب هو ركيزة أساسية من ركائز الإيمان بالله، وهو ما يميز المسلم عن غيره، هذا الإيمان يدفعنًا إلى تصديق كل ما جاء به القرآن الكريم من أخبار وقصص، حتى وإن كانت تتعلق بأمور غيبية لا نراها بأعيننا، وما أثبته العلم الحديث من صدق الكثير مما جاء في القرآن ليس إلا دليلًا إضافيًا على عظمة هذا الكتاب، ولكنه ليس هو الدافع الأساسي للإيمان بالله، فالمؤمن يؤمن بكلام الله تعالى إيمانًا مطلقًا، وما ورد من إعجاز في القرآن الكريم، إنما جاء ليكون حجة على المنكرين، ويقطع الطريق عليهم في التشكيك في كتاب الله وصدق ما جاء به من تشريع.
من جانبه أوضح الدكتور مصطفى شيشي، مدير إدارة شئون الأروقة بالجامع الأزهر، بأن التدبر في كتاب الله ليس مجرد قراءة الآيات، بل هو الغوص في أعماق المعاني، والتأمل في حكمته البالغة، لأن الغاية الأسمى من هذا التدبر هو الوقوف على المعاني الجليلة التي لا تزال تكشف لنا عن أسرار الكون وعظمة الخالق، والتي تؤكدها الاكتشافات العلمية الحديثة، وتكشف عن أسرار هذا الكون التي أشار إليها القرآن منذ آلاف السنين، مما يزيد إيماننا، كما أن التدبر في القرآن الكريم يغير القلوب ويصلح النفوس، ويقرب العبد من ربه، ويرشده إلى طريق السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة.
ونظم الجامع الأزهر اليوم، ملتقى “التفسير والإعجاز” تحت عنوان: “أمة النمل بين الإعجاز البلاغي والعلمي”” وذلك بحضور كل من؛ أ.د مصطفى إبراهيم، الأستاذ بكلية العلوم جامعة الأزهر وعضو لجنة الإعجاز العلمي بمجمع البحوث الإسلامية، والدكتور هاني عودة عواد مدير عام الجامع الأزهر، وأدار الحوار الدكتور مصطفى شيشي مدير إدارة شئون الأروقة بالجامع الأزهر الشريف”.
يذكر أن ملتقى “التفسير والإعجاز” يُعقد الأحد من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، ويهدف الملتقى إلى إبراز المعاني والأسرار العلمية الموجودة في القرآن الكريم، ويستضيف نخبة من العلماء والمتخصصين.
التعليقات مغلقة.