مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

عبد العزيز حنفي يكتب : “ماسبيرو زمان”… أقوي قناة في الوطن العربي

في عصر تهيمن عليه التكنولوجيا الرقمية، وتتنافس فيه القنوات الفضائية والمنصات الإلكترونية لجذب انتباه المشاهدين، تبقى قناة “ماسبيرو زمان” تجربة فريدة من نوعها في الإعلام العربي، حيث تقدم للمشاهدين محتوىً كلاسيكيًا أصيلًا، يعكس روعة الماضي وتاريخ الإعلام المصري. منذ انطلاقها، أصبحت القناة وجهةً لمحبي الفن الرفيع والدراما الراقية، إذ تتيح الفرصة للأجيال الجديدة لاكتشاف تراثٍ إعلامي نادر، وللأجيال القديمة لاستعادة ذكرياتهم مع محتوى كان جزءًا من نسيج حياتهم اليومية.

ولادة “ماسبيرو زمان”.. رحلة عبر الماضي الذهبي

انطلقت قناة “ماسبيرو زمان” في يونيو 2016، كواحدة من القنوات التابعة لقطاع “ماسبيرو” أو “اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري”. كان الهدف الأساسي من تأسيس القناة هو إحياء التراث التلفزيوني المصري، وإعادة بث الأعمال الدرامية والبرامج التليفزيونية القديمة التي شكلت وجدان المشاهد العربي لعقود.


الدراما الكلاسيكية.. أعمال خالدة تتحدى الزمن

تُعتبر الدراما التلفزيونية من أهم الركائز التي تعتمد عليها قناة “ماسبيرو زمان”، حيث تُعيد عرض المسلسلات التي حققت نجاحًا ساحقًا خلال العقود الماضية. ومن أبرز الأعمال التي قدمتها القناة:

“ليالي الحلمية”: ملحمة درامية كتبها السيناريست أسامة أنور عكاشة، وأخرجها إسماعيل عبد الحافظ، حيث جسدت التحولات الاجتماعية والسياسية في مصر خلال فترة ما بعد ثورة 1952.

“رأفت الهجان”: أحد أشهر مسلسلات الجاسوسية التي تروي القصة الحقيقية للبطل المصري رفعت الجمال، الذي زرعته المخابرات المصرية داخل إسرائيل.

“الشهد والدموع”: دراما إنسانية رائعة للمؤلف أسامة أنور عكاشة، تتناول صراع الطبقات في المجتمع المصري وتأثير الطمع والظلم على العلاقات الأسرية.

“هند والدكتور نعمان”: مسلسل اجتماعي يروي علاقة إنسانية جميلة بين طبيب عجوز وحفيدته الصغيرة، ويقدم دروسًا في الحب والاحتواء الأسري.

هذه المسلسلات، وغيرها الكثير، جعلت “ماسبيرو زمان” كنزًا دراميًا يعيد للأذهان قوة الدراما المصرية وتأثيرها الكبير على المشاهدين في مختلف الأجيال.

برامج زمان.. حينما كان التلفزيون مصدرًا للثقافة والترفيه

إلى جانب الدراما، تميزت قناة “ماسبيرو زمان” بإعادة عرض أشهر البرامج التلفزيونية التي كانت تحظى بشعبية واسعة في العقود الماضية. هذه البرامج لم تكن مجرد وسيلة للترفيه، بل كانت منصة لنشر الوعي والثقافة، ومن أبرزها:

“العقل يكسب”: برنامج مسابقات ثقافي شهير، وكان  برنامج يتطلب  تفكيرًا وإبداعًا.

قد يهمك ايضاً:

“الكاميرا الخفية”: البرنامج الأشهر في عالم المقالب، الذي قدّمه الفنان إبراهيم نصر، وكان يحقق مشاهدات ضخمة بفضل خفة ظل المقدم وطرافة المواقف.

“أمسية ثقافية”: برنامج ثقافي قدمه كبار الإعلاميين، وكان يستضيف أبرز الأدباء والمفكرين في العالم العربي لمناقشة القضايا الفكرية والثقافية.

“نادي السينما”: برنامج سينمائي استضاف كبار المخرجين والفنانين، وقدم تحليلات نقدية للأفلام الكلاسيكية، مما ساهم في تنمية الوعي الفني لدى المشاهدين.

هذه البرامج وغيرها، كانت بمثابة نافذة للمشاهد العربي على عالم المعرفة والفن، في وقتٍ كان فيه التلفزيون هو المصدر الرئيسي للإعلام والترفيه.

الفن والموسيقى.. إحياء الزمن الجميل

لم تقتصر قناة “ماسبيرو زمان” على الدراما والبرامج الحوارية فقط، بل كانت أيضًا منصة لإحياء التراث الموسيقي العربي. من خلال عرض حفلات عمالقة الطرب، مثل أم كلثوم، عبد الحليم حافظ، فريد الأطرش، ووردة الجزائرية، استطاعت القناة أن تعيد سحر الغناء الكلاسيكي إلى المشاهدين، في زمنٍ طغت فيه الأغاني التجارية على الذوق العام.

كما قدمت القناة لقاءات نادرة مع نجوم الزمن الجميل، والتي كانت تُعرض في برامج مثل “هذا المساء” و**”سهرة خاصة”**، حيث يتحدث الفنانون عن رحلتهم الفنية وكواليس أعمالهم الخالدة.

ماسبيرو زمان.. سر القوة والتفوق

هناك العديد من العوامل التي جعلت “ماسبيرو زمان” القناة الأقوى في الوطن العربي بلا منازع، ومن أهمها:

1. امتلاك أرشيف ضخم: تمتلك القناة مكتبة تلفزيونية لا مثيل لها، تضم آلاف الساعات من البرامج والمسلسلات والأفلام والمباريات الكروية القديمة، وهو ما يجعلها منفردة بمحتوى لا تستطيع أي قناة أخرى منافسته.

2. جودة المحتوى: على عكس الكثير من القنوات الحديثة التي تعتمد على المحتوى السريع والتجاري، تحافظ “ماسبيرو زمان” على تقديم محتوى راقٍ ومتنوع يناسب مختلف الأذواق.

3. تواصل الأجيال: ساعدت القناة في ربط الأجيال الجديدة بالماضي، حيث أصبح الشباب يشاهدون الأعمال الكلاسيكية ويكتشفون كيف كان الإعلام المصري نموذجًا للإبداع والاحترافية.

4. نوستالجيا الزمن الجميل: يعيش كثير من المشاهدين حالة من الحنين إلى الماضي، و”ماسبيرو زمان” تمنحهم الفرصة لاستعادة ذكرياتهم من خلال محتوى أصيل يُعيدهم إلى أيام البساطة والجمال.

قناة لا تُنسى

في ظل التطور السريع للإعلام، تبقى “ماسبيرو زمان” نموذجًا فريدًا لقناة استطاعت أن تحافظ على هوية الإعلام المصري والعربي، وتُقدّم محتوى يليق بتاريخ التلفزيون المصري العريق. وبينما تتغير العصور، ستظل هذه القناة تحمل عبق الماضي، وتنقل للأجيال القادمة إرثًا إعلاميًا لا يُقدّر بثمن.

فإذا كنت تبحث عن إعلامٍ أصيل، ومسلسلاتٍ درامية تحمل قيمة ومعنى، وبرامجَ تنعش الذكريات، فإن “ماسبيرو زمان” هي بلا شك القناة التي تستحق أن تبقى في الصدارة، كأقوى قناة في الوطن العربي بلا منازع.