مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

عبد العزيز حنفي يكتب : جمال الشاعر الإعلامي الذي ظلمته الوظيفة وأحبه الجمهور

في ساحة الإعلام العربي، يبرز اسم جمال الشاعر كواحد من أبرز الإعلاميين الذين تركوا بصمة واضحة في المجال التلفزيوني والثقافي. بموهبته الفريدة وصوته الرخيم وأسلوبه الراقي، استطاع أن يكون نموذجًا للإعلامي المثقف الذي يحمل رسالة سامية.

لكن على الرغم من كل ما قدمه، لم ينل جمال الشاعر المكانة الوظيفية التي يستحقها، وهو ما دفع الكثيرين للحديث عن كونه أحد المظلومين في الإعلام المصري.

البدايات: انطلاقة إعلامية مبشرة 

وُلد جمال الشاعر في دكرنس – محافظة الدقهلية 

ودرس الإعلام ليبدأ مشواره المهني في التلفزيون المصري، حيث أثبت قدرته على تقديم البرامج بأسلوب مختلف يجمع بين الثقافة، الأدب، والحوارات العميقة. ومع مرور الوقت، أصبح وجهًا مألوفًا ومحبوبًا لدى المشاهدين، خاصة من خلال برامجه التي كانت تتميز بالطابع الراقي والمحتوى الهادف.

مسيرته الإعلامية: تألق رغم العقبات

قدم جمال الشاعر العديد من البرامج الثقافية والسياسية التي لاقت استحسان الجمهور، مثل برنامج “أماني وأغاني” الذي كان له طابع خاص، حيث مزج بين الفن والأدب بأسلوب شيق جعل منه واحدًا من أكثر البرامج متابعة في التلفزيون المصري. كما قدم برامج أخرى حملت فكرًا مستنيرًا وساهمت في إثراء المشهد الإعلامي
بجانب المشهد الثقافي ومن أبرز دواوينه الشعرية : أصفق أو لا أصفق، ضحكت فأشعلت الحرائق ،المماليك يأكلون البيتزا كما كتب العديد من المقالات والف العديد من الكتب ومنها : تجوجل حتى أراك ، إيه ، افرح ، اعمل عبيط علاوة على مشاركته في فيلم مستر كاراتيه.

ورغم نجاحه الجماهيري الواسع، لم يحصل الشاعر على المكانة الوظيفية التي تليق بمكانته المهنية. فقد واجه تحديات بيروقراطية داخل ماسبيرو، حيث لم يُمنح الفرصة الكافية لشغل مناصب قيادية كان يستحقها بجدارة، مقارنةً بإعلاميين آخرين لم يمتلكوا نصف موهبته وخبرته.

الظلم الوظيفي في ماسبيرو

لطالما كان التلفزيون المصري مليئًا بالكوادر المميزة، لكن أحيانًا تطغى الاعتبارات الإدارية على الكفاءة المهنية. وكان جمال الشاعر أحد ضحايا هذه المنظومة، حيث لم يحصل على فرص تليق بمكانته، رغم كونه أحد أبرز الإعلاميين الذين حملوا رسالة إعلامية هادفة.

قد يهمك ايضاً:

وعلى الرغم من ذلك، لم يستسلم الشاعر لهذا الظلم، بل استمر في تقديم محتوى متميز من خلال الإعلام والثقافة، وظل متمسكًا بقيمه المهنية التي جعلته نموذجًا للإعلامي الراقي الذي لا يلهث وراء المناصب بل يركز على تقديم رسالة حقيقية.

مكانته في قلوب الجمهور

بعيدًا عن المناصب، كسب جمال الشاعر قلوب الناس، وهو ما يعد أعظم تكريم لأي إعلامي. فمحبته لدى الجمهور لم تأتِ من فراغ، بل كانت نتاج سنوات من العمل الجاد، والالتزام بالمهنية والاحترام في التعامل مع القضايا المختلفة.

وقد ظل اسمه محفورًا في ذاكرة المشاهدين كأحد الإعلاميين الذين قدموا إعلامًا جادًا بعيدًا عن الإثارة والسطحية، وهو ما جعله يحتل مكانة خاصة رغم قلة ظهوره في السنوات الأخيرة.

هل أنصفه الزمن؟

بعد سنوات من العطاء، تولى جمال الشاعر بعض المناصب الإدارية، مثل عمله في الهيئة الوطنية للإعلام، لكنه لم يحصل على الفرصة الحقيقية التي تمكنه من إحداث تغيير جذري في المشهد الإعلامي المصري. ومع ذلك، يظل تأثيره حاضرًا من خلال بصماته الإعلامية والثقافية.

واليوم، مع التغيرات التي يشهدها الإعلام، تبرز الحاجة إلى شخصيات مثل جمال الشاعر، ممن يمتلكون فكرًا مستنيرًا ورؤية ثقافية عميقة، خاصة في ظل انتشار المحتوى السطحي والموجه.

ربما لم ينل جمال الشاعر حقه الوظيفي، لكنه بلا شك نال احترام وتقدير الجمهور، وهو ما يعد أعظم إنصاف لأي إعلامي حقيقي. ورغم العقبات التي واجهها، يبقى نموذجًا للإعلامي المثقف الذي لم ينحنِ أمام الصعاب، ولم يساوم على مبادئه المهنية، ليظل اسمه محفورًا في ذاكرة الإعلام المصري والعربي كأحد أبرز رموزه.