مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

ظاهرة الكلاب الضالة في المغرب: المخاطر والحلول لحماية المجتمع والأطفال

اعداد- بدر شاشا: 
 
في المغرب، ومع التوسع العمراني السريع والنمو السكاني الكبير، بدأت ظاهرة الكلاب الضالة تتزايد بشكل مقلق في الشوارع والأحياء الشعبية وحتى في بعض المناطق السياحية. هذه الظاهرة لم تعد مجرد منظر مزعج أو مصدر إزعاج للساكنة، بل تحولت إلى خطر حقيقي يهدد سلامة الناس، وخاصة الأطفال الذين يكونون أكثر ضعفًا وحساسية أمام هجمات الكلاب الضالة أو الأمراض التي قد تنقلها.
 
الكلاب الضالة ليست مجرد حيوانات تبحث عن الطعام، بل أصبحت ظاهرة اجتماعية وصحية تتطلب تدخلات عاجلة من الدولة والمجتمع المدني. الأطفال هم الحلقة الأضعف في مواجهة هذا الخطر، فهم يلعبون في الشوارع والساحات بدون وعي كامل بالمخاطر التي قد تواجههم، وكثيرًا ما تتعرض بعض الفئات منهم للعض أو الخدش، ما قد يؤدي إلى إصابات خطيرة أو انتقال أمراض مثل داء الكلب، الذي يظل مرضًا قاتلًا إذا لم يتم التعامل معه بسرعة وفعالية.
 
تزايد عدد الكلاب الضالة يرتبط بشكل مباشر بعدة عوامل، أبرزها التزايد السكاني، إهمال أصحاب الحيوانات الأليفة، ضعف تطبيق القوانين المتعلقة برعاية الحيوانات، وعدم وجود برامج واضحة للتخلص من الكلاب الضالة بشكل إنساني وفعال. كما أن بعض المناطق تشهد تراكمًا للنفايات والفضلات، ما يجذب الكلاب للبحث عن الطعام ويزيد من كثافتها في الأحياء الشعبية.
 
من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، تشكل الكلاب الضالة تهديدًا ليس فقط للأشخاص بل أيضًا للنشاط التجاري والسياحي، حيث أن السياح غالبًا ما يتحاشون زيارة مناطق يعرف عنها انتشار الكلاب الضالة، ما ينعكس سلبًا على الاقتصاد المحلي. كما أن بعض الأسر تعيش في خوف دائم على أطفالها، ما يحد من حريتهم في اللعب والتنقل، ويؤثر على حياتهم اليومية بشكل مباشر.
 
الحل لهذه الظاهرة يتطلب رؤية شاملة ومتكاملة تجمع بين الدولة والمجتمع المدني والمواطنين. أولًا، يجب إنشاء برامج وطنية لرصد الكلاب الضالة، والتقاطها بطريقة إنسانية، ثم تطعيمها ضد الأمراض مثل داء الكلب، وإعادة تأهيل بعضها في ملاجئ مخصصة أو التخلص من الكلاب العدوانية بطريقة آمنة. ثانيًا، يجب تشديد الرقابة على أصحاب الحيوانات الأليفة، وفرض قوانين صارمة تلزمهم برعاية كلابهم وعدم تركها في الشوارع. ثالثًا، يمكن تطوير حملات توعية مستمرة للمواطنين، خاصة الأطفال، لتعريفهم بكيفية التعامل مع الكلاب الضالة وتجنب أي مواقف خطرة. رابعًا، يجب تحسين نظافة الأحياء والمناطق العامة، والتأكد من التخلص المنتظم من النفايات، ما يقلل من مصدر جذب الكلاب للمدن.
 
من الضروري أيضًا أن يكون هناك تعاون بين الجهات الأمنية والصحية لتقليل المخاطر الناتجة عن الكلاب الضالة، مع إنشاء خطوط ساخنة لتلقي شكاوى المواطنين والتدخل الفوري في المناطق التي تشهد كثافة عالية للكلاب الضالة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن دعم الجمعيات البيطرية والمجتمعية التي تعمل على رعاية الكلاب الضالة بطرق إنسانية، لتقديم حلول دائمة ومستدامة لهذه الظاهرة.
 
إن التعامل مع الكلاب الضالة في المغرب ليس مجرد مسألة صحية أو أمنية، بل قضية اجتماعية وأخلاقية تتطلب اهتمامًا جماعيًا ومسؤولية مشتركة. كلما تأخر التدخل، كلما ازداد الخطر على الناس والأطفال، وكلما كلف المجتمع ثمنًا أعلى من حيث الإصابات، الخوف، وتأثيرات السلامة العامة. لذلك، فإن وضع خطة وطنية متكاملة، تجمع بين الوقاية، الرعاية، التوعية، والقوانين الصارمة، هو السبيل الوحيد للتقليل من هذه الظاهرة وحماية المجتمع من مخاطرها المستمرة.
 
 إن الكلاب الضالة ليست مجرد حيوانات ضالة في الشوارع، بل هي انعكاس لفشل المجتمع في إدارة الموارد البيئية، ورعاية الحيوانات الأليفة، وحماية الأطفال من المخاطر، ويجب أن تكون قضية وطنية تتطلب اهتمام الجميع لإنهائها بطريقة إنسانية وفعالة تحفظ سلامة المجتمع وصحة أفراده.