صوت الحق في وجه التهجير
بقلم: د.أسماء الجرف
مدرس التفسير وعلوم القرآن جامعة الأزهر
في خضمّ التحديات العاصفة التي تجتاح منطقتنا العربية والعالم، تقف مصر شامخة، بشعبها الأبيّ وجيشها الباسل، سدًا منيعًا في وجه كلّ من تُسوِّل له نفسه المساس بأمنها واستقرارها.
إنها ليست مجرد صدفة تاريخية، بل قدرٌ محتوم ، وشمسٌ ساطعةٌ لا تغيب.
مصر ليست مجرد بقعة على الخريطة ، بل هي أمةٌ عظيمة، ذات تاريخٍ مجيد، وحضارةٍ عريقة
شعبٌ يجمع بين أصالة الماضي وروح العصر، بين تديّنٍ عميق ووطنيةٍ راسخة
شعبٌ يتميز بصبرٍ أيوبيّ، وعزيمةٍ لا تلين، وإرادةٍ قوية لا تنكسر.
تجده في أوقات الشدة متماسكًا ، وفي أوقات الرخاء متفوقًا
هذا الشعب هو الذي صنع المعجزات ، وهو الذي واجه التحديات، وهو الذي ضرب أروع الأمثلة في التضحية والفداء
لقد شهدت أرضُ الكنانةِ عبرَ العصورِ ألوانًا من المحن ، لكنّها خرجت منها أكثرَ صلابةً وشموخًا.
أما عن دور مصر الرائد في رفض عملية تهجير الفلسطينيين ، فهو ليس مجرد موقف سياسي ، بل هو التزامٌ أخلاقي وإنساني ، وإيمانٌ راسخٌ بعدالة القضية الفلسطينية.
مصر تعتبر القضية الفلسطينية قضيةً محوريةً في المنطقة، وتؤمن بأنّ الحلّ العادل والشامل هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
وقد أكدت مصر مرارًا وتكرارًا رفضها القاطع لجميع محاولات تهجير الفلسطينيين، وشددت على ضرورة تمكينهم من العودة إلى ديارهم، وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
إنّ موقف مصر هذا، يستند إلى مبادئ سامية، وقيمٍ إنسانية، وتعاليم دينية.
فالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة يحثان على العدل، ونصرة المظلوم، وإغاثة اللهفان، ورفض الظلم والعدوان.
قال تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} (النحل: 91)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “انْصُرْ أخاكَ ظالِمًا أوْ مَظْلُومًا
فقالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، أنْصُرُهُ إذا كانَ مَظْلُومًا، أفَرَأَيْتَ إذا كانَ ظالِمًا، كيفَ أنْصُرُهُ؟ قالَ: تَحْجُزُهُ -أوْ تَمْنَعُهُ- مِنَ الظُّلْمِ؛ فإنَّ ذلكَ نَصْرُهُ”
رواه البخاري (2448) ومسلم (2584) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
إنّ مصر تدرك تمامًا خطورة مخططات تهجير الفلسطينيين، وما يترتب عليها من تداعياتٍ كارثية على المنطقة بأسرها.
فتهجير الفلسطينيين، ليس مجرد انتهاك لحقوق الإنسان ، بل هو جريمةٌ ضدّ الإنسانية، ومحاولةٌ لتغيير الواقع الجغرافي للأرض المقدسة، وتقويض فرص السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
لذلك فإنّ مصرستظلّ على الدوام صوتَ الحقّ، ورمزَ العزة، وحصنَ الأمان، وستواصل جهودها الدؤوبة، ومساعيها الحميدة، من أجل تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة، وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف