صلاة التهجد ..كبفية صلاتها ومافضلها
صفة صلاة التهجد
صلاة التهجّد تعتبر صلاة التهجّد من النوافل التي يتقرّب بها المسلم إلى الله تعالى، والتهجّد هو القيام في جوف الليل، وهو سنّةٌ أمر الله تعالى رسوله الكريم بها في قوله {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا}، ووقت أدائه صلاة التهجد يكون من بعد صلاة العشاء حتى قُبيل الفجر، وأفضل وقتٍ لها هو في الثلث الأخير من الليل، ويستحبّ أن تكون بعد أن نام المصلي أول ليله واستيقظ للصلاة.
“عنِ الحجَّاجِ بنِ عمرٍو قالَ: يَحسَبُ أحدُكُم إذا قامَ منَ اللَّيلِ يصلِّي حتَّى يُصْبِحَ أنَّهُ قد تَهَجَّدَ، إنَّما التَّهجُّدُ أن يصلِّي الصَّلاةَ بعدَ رقدةٍ، ثمَّ الصَّلاةَ بعدَ رقدةٍ، وتلكَ كانت صلاةُ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم”، وخلال هذا المقال سيتم توضيح فضل صلاة التهجد في البيت وكيفية أدائها.
صلاة التهجد جهرية أم سرية ؟
أثناء صلاة التّهجد لا بدّ من الجهر بالقراءة حتى لا يغلبه النعاس، ويُمكن أن تكون قراءته سريّةً فى جوفه أيضاً فلا بأس من ذلك، وعليه أيضاً أن يطيل من قراءة القرآن الكريم بجزء أو أكثر، وعليه أن يتدبّر القرآن الكريم فإذا مرّ بآية فيها العذاب استجار من عذابها، وإذا كانت آية فيها الرحمة يسأل الله تعالى من فضله ورحمته.
ما هي طريقة صلاة التهجد ؟
الطريقة في صلاة الليل موسعة قبل أن ينام ما يسر الله له واحدةً أو ثلاثاً أو أكثر بعد سنة العشاء, وإن شاء أخر ذلك إلى آخر الليل أو وسط الليل، فإذا قام صلّى ركعتين خفيفتين ثم صلّى ما كتب الله له أربعاً, أو ستاً, أو ثماناً, أو عشراً، يسلم من كل اثنتين ثم يوتر بواحدة، هكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام ربما أوتر بثلاث، وربما أوتر بخمس، وربما أوتر بسبع، وربما أوتر بعشر ثم زاد واحدة.
تقول عائشة رضي الله عنها ..كان النبي يصلي من الليل عشر ركعات، يسلم من كل اثنتين ويوتر بواحدة.
وجاء عنها وعن أم سلمة وعن غيرهما أنه ربما أوتر بسبع يسردها جميعاً, وربما جلس للسادسة في التشهد الأول ثم يقوم ولا يسلم ثم يأتي بالسابعة، وربما سرد خمساً لا يجلس إلا في آخرها، وربما صلى ثمان ركعات يسلم من كل اثنتين ثم يوتر بخمس يسردها جميعاً, فيخرج بثلاثة عشر، وربما أوتر بتسع فردها جميعاً يجلس في الثامنة ويتشهد التشهد الأول ثم يقوم ويأتي بالتاسعة ويسلم، كل هذا ثبت عنه عليه الصلاة والسلام، وأفضل ذلك أن تسلم من كل اثنتين.
والخلاصة أن يعمل الأفضل، ويعمل الأصلح إن رأى أن الأصلح خفض الصوت خفض، وإن رأى أن الأصلح له والأخشع رفع الصوت رفع, لكن لا يرفع إلا إذا كان يؤذي أحداً، أما إذا كان حوله مصلون أو حوله نوام يؤذيهم يخفض صوته ويراعي حالهم.
التهجد في رمضان؟
يرفع الشيخ صمته في رمضان في المسجد، إذا كان في المسجد الإمام يرفع صوته حتى يسمع الناس حتى يستفيدون.
فضل قيام الليل والتهجد
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل))، وهذا الحديث دليل على أهمية صلاة الليل والتهجد لله تعالى، فهي تأتي بعد منزلة الصلاة المفروضة التي تعد ميزان المؤمن يوم القيامة فإذا صلحت صلح باقي عمله. من فضل قيام الليل نذكر: نيل الأجر والثواب؛ فالليل يقضيه مُعظم الناس بالسهر أو النوم؛ فيوسوس لهم الشيطان بعدم مُغادرة الفراش ويمنعهم من عبادة الله تعالى في ذلك الوقت، ولكن عندما يُعاندونه ولا يطيعونه فإنّهم بذلك يكونون قد خالفوا الشيطان وحاربو هواه في سبيل الله تعالى. الاستمتاع بالقرب من الله تعالى؛ فصلاة الليل يكون فيها العبد أكثر خشوعاً واستحضاراً لعظمة الله تعالى، لأنّ النهار فيه الكثير من الضوضاء والأعمال بينما الليل هادىء فيستطيع العبد أن يُصلّي أو يسبِّح أو يذكر الله بأيّ طريقةٍ كانت، ويكون قلبه وعقله حاضرين. تحصيل العبد أسباب الرضا والتوفيق في الدنيا والآخرة؛ فعندما يكون العبد مسبّحاً ومقيماً لصلاة الليل يكون قلبه عامراً بحب الله تعالى وراضياً بكل ما يكتبه له وعليه فينظر إلى جميع الأمور بعين الرضا، كما أنّ عملية الحفظ لمن يرغب في حفظ القرآن الكريم تكون في تلك الفترة أفضل من النهار؛ فذهن العبد صافٍ غير مشوشٍ. خروج العبد من دائرة الغافلين عن ذكر الله ويعتبر ذلك شرفاً للمؤمن، ويحقّق فيه العبد أسباب استجابة الله تعالى لعباده وإدخاله موجبات رحمته.
فضل صلاة التجويد
الصلاة من أفضل الأعمال البدنية، ومن خير ما يتطوع به المسلم لربه عز وجل، وهي صلة بين العبد وربه، وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد؛ فإذا كانت الصلاة في أفضل شهر كانت أعظم، فكيف إذن إن كانت في خير عشر، وفي أفضل وقت وهو ثلث الليل الآخر، حين ينزل الرب جل جلاله، يغفر للمستغفرين، ويجيب الداعين، ويعطي السائلين.
لقد اجتمعت في قيام هذه الليالي المباركة فضيلة العمل وهو الصلاة، وفضيلة الشهر وهو رمضان، وفضيلة عشره الأخيرة، وفضيلة الوقت وهو ثلث الليل الآخر. وهذا العمل الصالح الجليل الذي كان في أشرف الزمان وأشرف الأماكن، وبهيئات هي أشرف الهيئات، إنما كان لله تعالى الذي لا يستحق العبادة سواه، وهو الكريم الجواد الذي بيده خزائن كل شيء، ويُعْطِي عطاء جزيلا على قليل الأعمال، فما ظنكم -يا عباد الله- بعطايا ربكم للمتهجدين، ولا سيما إذا علمنا ما في التهجد من فضيلة!!
إن قيام الليل له من الفضل والمنفعة للمؤمن ما لا يعده العادون، ولا يحصيه المحصون، ومن عظيم فضله أنه كان فرضا في أول الإسلام، وخوطب به النبي عليه الصلاة والسلام في مكة، ولمَّا تكتمل بعدُ شرائع الإسلام، ولا أقيمت للمسلمين دولة.
بل إن الأمر بقيام الليل جاء في أوائل السور المكية نزولا، وهي سورة المزمل التي هي ثانية السور نزولا أو ثالثتها أو رابعتها على خلاف بين المفسرين، ولو كانت الرابعة على أبعد تقدير فهي متقدمة جدا، وهذا يدل على مكانة قيام الليل من شريعة الإسلام؛ إذ جاء فيما تقدم نزوله من القرآن ﴿ يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ القُرْآَنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل:1 – 4] وسأل سعد بن هشام رحمه الله تعالى عائشة رضي الله عنها عن قِيَامِ الرسول عليه الصلاة والسلام فقالت: (أَلَسْتَ تَقْرَأُ: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ؟ قلت: بَلَى، قالت: فإن اللَّهَ عز وجل افْتَرَضَ قِيَامَ اللَّيْلِ في أَوَّلِ هذه السُّورَةِ فَقَامَ نَبِيُّ الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ حَوْلًا وَأَمْسَكَ الله خَاتِمَتَهَا اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا في السَّمَاءِ حتى أَنْزَلَ الله في آخِرِ هذه السُّورَةِ التَّخْفِيفَ فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ) رواه مسلم.
وفي رواية لأبي داود والدارمي: (فَقَامَ أَصْحَابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ وَحُبِسَ خَاتِمَتُهَا في السَّمَاءِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ نَزَلَ آخِرُهَا فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ).
بيد أن قيام الليل وإن وُضع فرضه عن المسلمين؛ رحمة من الله تعالى بهم، وتخفيفا علىهم؛ لعجزهم وضعفهم؛ فإنه ظل فريضة على النبي عليه الصلاة والسلام؛ تعظيما لشأنه، وزيادة في رفعة درجاته، وتخصيصا له بفضائل الأعمال كما اختصه الله تعالى بأعلى المنازل والمقامات؛ وفي سورة الإسراء خوطب النبي عليه الصلاة والسلام بالفرائض، ثم خُوطب عقبها بقيام الليل ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ ﴾ [الإسراء:79] أي لأجلك، وهذا دليل اختصاص النبي عليه الصلاة والسلام بفرض قيام الليل دون أمته.
والله تعالى لا يختار لخاتم رسله إلا ما هو أفضل وأكمل، ولا يفترض عليه إلا ما يقربه إليه، ولا سيما أن الله تعالى قد علَّلَ هذا الأمر لنبيه عليه الصلاة والسلام في فرض قيام الليل عليه بقوله سبحانه ﴿ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ﴾ [الإسراء:79].
والمقام المحمود مقام عظيم جليل يوم القيامة، وهو مقام الشفاعة للخلق بأن يُقضى بينهم، ولا يكون ذلك المقام إلا للنبي عليه الصلاة والسلام، حين يشفع عند الله تعالى فيقبل الله تعالى شفاعته، فيغبطه المرسلون عليهم السلام على ذلك المقام.
فكان المتأسي بالنبي عليه الصلاة والسلام في قيام الليل قد تأسى بما اختاره الله تعالى له، وفرضه عليه؛ ليعطيه المقام المحمود، وفي ذلك من الفضيلة ما لا يخفى.
وقيام الليل جاء الأمر به في القرآن كثيرا:
ففي سورة ق ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ﴾ [ق:40].
وفي الطور ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ﴾ [الطُّور:49].
وفي الإنسان ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا ﴾ [الإنسان:26].
وأثنى سبحانه وتعالى على المتهجدين فقال ﴿ أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ﴾ [الزُّمر:9].