.صــيحـاتٌ خـــافـتة “””” قصة قصيرة
بقلم – عادل المعموري
صيحات خافتة أسمعها تتناهى إلى مسمعي، فراغ مخيف يترنح على صهوة ريح سوداء ،القمر الطالع يعلن عن خذلانه ،لا أحد ينصت لهذا العويل غيري، صفير يثقب جمجمتي يتوغل في كريات دمي ،حدس بعيد قادني إلى ذلك المكان المترع بالذكريات،دلفت إلى غرفتها ،رأيتها تتوسد الأماني أقف في الظل أنظر إليها ،ترفع رأسها عن الوسادة ،أسمع همس خفيض يصدر منها، تتمتم بكلمات لا أفهمها، تكلمتْ كثيرا دون أن أفهم منها حرفا واحدا، على بساط الذكريات ظلت تقصُّ علي بواكير علاقتنا العاطفية، عادت بي الى دهاليز السنين التي انصرمت، تدافعت أمواج اكتئابي.
تركتها وخرجتُ أرسم في حيالي دوائر من الصحو ،سمعتها تغني ،أغنية ذابلة لأحلام ضائعة ،هرب من عتمة الليل ،يتبعثر ظلي في كل الأمكنة وعلى قارعة أحلامي الموءودة ،امتطيت صهوة الظلام ،تنأى بي المسافات ،لا أعرف إلى أين أمضي، وجدتني لم أغادر تخوم النسيان ،قادتني قدماي نحوها من جديد، جرفني فيض من خواء تمددتُ على فراشها ،التفتت نحوي قائلة :
_ركام الرماد هو بوابة الخلاص للفجر البعيد،
_لم أفهم ماتقولين .
_هل استمعتَ إلى هذيان البحر
_………….!
_هل رأيتَ الوجع في أسفل الطرقات ؟أحلامك كلها طاعنة في السن، ابق معي لنسكب معا تراب الأزمنة ونداوي جروحنا الغائرة .
_ماهذا الهذيان .
أوصدتُ الباب خلفي، لا فائدة من البقاء، خرجتُ أركض في كل الاتجاهات أبحث عن تلك المرأة التي نادتني بالأمس، كانت تحمل بيدها قنديلا.
أنىّ لي أن أعثر عليها ؟ خيوط التمنّي مكبلة بالخطوات التائهة، في نهاية النفق وجدتُ بصيصاً من ضوء خافت، باغتتني عاصفة عاثت في المكان خرابا، من الذي رماني في هذا النفق المظلم ؟ عدتُ من حيث أتيت ،خرجتُ من النفق ورحتُ أركض في شوارع الريح.
بزغ الفجر وأنا أركض،بان الأفق من بعيد تغمره حمرة الشمس ،قوافل الضباب حجبت ضوءها، وجدت ركاما من رماد يعلو الأفق، اقتحمته ،عبرتُ إلى بوابة الخلاص، ،المعابر جميعها مغلقة، كنت أظنها الفردوس الأخير، البحر كان أمامي كالغول العظيم، لم أسمعه يهذي، بل غمرني بطوفانه قذف بي نحو فنارات مشتعلة ،هربتُ من النار نحو الأمواه، صرختُ بأعلى صوتي، صدى صوتي تناثر متخطيا فضاء الروح .