سناء مقلد:
لا يزال الصراع الفرنسي الألماني حول اتفاقية التجارة الحرة “ميركوسور” في أمريكا الجنوبية يهدد بتفكك الاتحاد الأوروبي بحسب صحيفة “بوليتيكو”.
ويخشى الفرنسيون أن يؤدي الاتفاق إلى الإضرار بمصالح مزارعيهم في ظل تدفق الدواجن واللحوم الرخيصة من أمريكا اللاتينية ومن شأنه أن يثير غضبًا شعبيًا ضد المؤسسة والاتحاد الأوروبي.
وتوجهت رئيسة المفوضية الأوروبية إلى أوروجواي الخميس الماضي في محاولة لإبرام اتفاقية تجارية تاريخية بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا الجنوبية التي تريدها برلين بشدة وتعارضها فرنسا في ظل المفاوضات التي استغرقت عقودًا من الزمن دون إبرام اتفاق نهائي.
ومن شأن زيارة رئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التي استهلت بها مهام ولايتها الثانية كرئيسة تنفيذية للاتحاد الأوروبي أن تثير خلافًا فرنسيًا ألمانيًا ما قد يؤثر على تماسك الاتحاد الأوروبي.
المصنّعون المتعثرون في ألمانيا
تشكل اتفاقية “ميركوسور” فرصة رئيسية للمساعدة في إيجاد أسواق نمو جديدة للمصنّعين المتعثرين في ألمانيا وعلى العكس فإن الاتفاقية بالنسبة للفرنسيين تؤدي إلى تقويض مزارعيهم من خلال تدفق الدواجن واللحوم الرخيصة من أمريكا اللاتينية.
وتثير اعتراضات فرنسا المتكررة على اتفاق ميركوسور غضب القادة الألمان إلى الحد الذي يجعلهم يتساءلون عن جدوى تولي بروكسل للتجارة بل ويقترحون أنه قد يكون من المنطقي أكثر أن تستعيد برلين السيطرة على سياستها التجارية.
وفي الوقت الذي تشن فيه الحكومة الألمانية حملة واسعة النطاق من أجل إبرام اتفاقية ميركوسور تواصل فرنسا رفض الاتفاقية خشية من الأضرار التي قد يتعرض لها مزارعوها بسبب انخفاض معدل التعريفة الجمركية.
عرقلة ماكرون للاتفاق
وخاض الرئيس إيمانويل ماكرون حملة لسنوات لعرقلة الاتفاق وقال مكتبه إنه تحدث إلى فون دير لاين الخميس الماضي وأخبرها أن الاتفاق لا يزال غير مقبول في شكله الحالي وقال الإليزيه : “دون أي تراجع سنواصل الدفاع عن سيادتنا الزراعية”.”
على الرغم من أن حق النقض الذي تتمتع به فرنسا بحكم الأمر الواقع ضد الاتفاقيات التجارية الكبرى لم ينجح في الصمود في مواجهة أزمتها السياسية في الداخل وفقدان نفوذها في بروكسل فقد سعت إلى حشد الأقلية المعطلة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي قد تحتاج إليها لقتل الاتفاق في مجلس الاتحاد الأوروبي.
ويتطلب دعم الدول التي تمثل 35% من سكان الاتحاد الأوروبي ورغم أن بولندا انضمت أخيرًا إلى معسكر معارضي الاتفاق فإن إيطاليا لم تتغير بعد وهذا يعني أن ماكرون لا يزال يفتقر إلى الأصوات التي يحتاجها.
مفاوضات 25 عامًا
ومنذ 25 عامًا لا تزال مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي ودول أمريكا الجنوبية مستمرة وفي عام 2019 بعد التوصل إلى اتفاق أعرب الجانب الأوروبي أولًا عن رغبته في إبرام بروتوكولات إضافية بشأن حقوق الشعوب الأصلية أو قضايا أخرى تتعلق بحماية المناخ.
تلعب غابات الأمازون المطيرة التي يقع معظمها في البرازيل دورًا مهمًا للاتحاد الأوروبي من ناحية الحفاظ على البيئة وعندما تولى لولا منصبه وعد بإنهاء إزالة الغابات المطيرة بحلول عام 2030 ويخشى المنتقدون المزيد من إزالة الغابات وهذا يُظهر أيضًا المعضلة التي تواجه أوروبا حسبما قالت آنا كافازيني السياسية بالاتحاد الأوروبي المعنية بالبيئة ورئيسة لجنة السوق الداخلية وحماية المستهلك في البرلمان.
ويريد الاتحاد الأوروبي إطلاق اتفاقية تجارية من شأنها أن تؤدي إلى المزيد من صادرات السلع مثل لحوم البقر أو الإيثانول ومن المتوقع أن تُزيد حجم التجارة بنسبة تصل إلى 30% ويُنظر إلى البرازيل إلى جانب الأرجنتين وأوروجواي وباراجواي على أنها أسواق جاذبة للمصدّرين الأوروبيين وسوف يدفع الأوروبيون رسوماً أقل على الصادرات بنحو أربعة مليارات يورو.
أهم التكتلات الاقتصادية
ويتوقع الاتحاد الأوروبي إنتاج 99 ألف طن من لحوم البقر بحلول عام 2028 لذلك تعمل بروكسل على إنشاء صناديق تعويض للمزارعين.
ويعد تجمع “ميركوسور” واحدًا من أهم التكتلات الاقتصادية في أمريكا اللاتينية كما يعتبر “عملية تكامل إقليمية أنشأتها في البداية الأرجنتين والبرازيل وباراجواي و اوروجواي وانضمت إليها في وقت لاحق فنزويلا” .
تأسس التجمع في عام 1991 وجرى تعليق عضوية فنزويلا في عام 2017 التي انضمت رسميًا في يوليو 2012 وفي ديسمبر 2012 تم توقيع بروتوكول انضمام بوليفيا إلى ميركوسور.
تشغل دول تجمع الميركوسور نحو 12 مليون كيلو متر مربع ويبلغ عدد سكانه نحو 240 مليون نسمة ويصل حجم الناتج الإجمالي لدوله نحو 1.4 تريليون دولار ويستورد ما قيمته نحو 280 مليار دولار بما يعني أنه يمثل سوقًا كبيرة للاستهلاك وكذلك الإنتاج.
التعليقات مغلقة.