مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

شيء ما يحترق

بقلم – علي العلي :

قد يهمك ايضاً:

“بلا أثر” و”ساحرة الحياة” في الليلة…

أنغام تطالب جمهورها بمشاهدة فيديو كليب أغنية تيجي نسيب

عند صعود سيارة الأجرة إلى قمة الهضبة وإنحدارها بدت القرية واضحة أمام الشيخ عبد الهادي
نظر السائق إليه نظرة إستخفاف :
– ستقيم هنا ياشيخ ؟
– وهل وجدت مكانا أفضل ورفضته
الشيخ عبد الهادي ابن مدينة صغيرة تتربع على ضفاف الفرات ، ورث المشيخة عن والده الشيخ أحمد ، لم يسعفه التوفيق في إكمال دراسته فترك مدرسته وهو طالب في الصف العاشر
كان يلقي خطبة الجمعة ويعطي درسا يوميا في قرية المورودة ، يسد بما يأتيه من مردود رمقه و رمق أسرته ، قبل أن ينتشر خريجوا الشريعة في القرى ويحتكرون هذا النشاط ، فاضطر الشيخ لتلبية دعوة صديقه طالب النعسان مختار قرية أم الورد للعمل في القرية البعيدة عن مباهج الحياة وصخب ازدحامها ، كأنها كوكب آخر منفرد مع عدة قرى مجاورة
استدارت السيارة باتجاه مضافة المختار الذي خرج حافيا مهللا يتبعه عدد من وجوه القرية
جلس الشيخ في صدر المضافة ، أسند يده اليمنى على وسادة وراح يتأمل جدرانها الطينية ، مرددا ماشاء الله ..ماشاء الله
على الجدار المقابل سيفان متقاطعان وضعت بينهما صورة الزعيم ، وعلى الجهة اليسرى عدد من السور القرآنية القصيرة تتوسطها صورة الحاج فواز النعسان
قطع تأمله الأستاذ محجوب :
– نورت ..نورت ياشيخ
– النور بوجوهكم
وبعد وجبة غداء دسمة اصطحب المختار والأستاذ محجوب الشيخ إلى مسجد طيني متواضع ، رفع فوقه عمود خشبي ، ثبتت عليه مكبرات صوت
ومنذ ذلك اليوم اعتاد الرجال على أن يجتمعوا مساء في المسجد ، حيث يلقي الشيخ درسه المسائي
عدة أشهر مرت ، أصبحت فيها /أم الورد / قبلة تستقبل الوافدين من القرى المجاورة لحضور الدرس الذي اضطر الشيخ لتقديمه إلى مابعد صلاة العصر مع التفكير بتحويله إلى مضافة صديقه المختار وذلك لضيق المكان ، لكن سفر الشيخ إلى دولة مجاورة بحجة إتباعه دورة دينية أخر البث في ذلك لحين عودته
رحلة لم تطل أكثر من ثلاث أشهر ، لتتهادى سيارته الخاصة أمام المسجد هذه المرة متجاهلا مضافة صديقه المختار ، حيث سارع الناس مباركين عودة الشيخ ابي الفداء
ثوب قصير ..لحية طويلة ..ملامح بدت عليها الصلابة والإصرار وكأنه رجل آخر نحت من صخر
فالولاء لم يعد لصديق أو قريب ، الولاء للواحد الأحد ..هذا ما جاء في درسه الأول بعد عودته
في اليوم الثاني تهجم على صديقه المختار واصفا إياه بالكافر عابد الزعيم ، ووصف الأستاذ محجوب بالذنب الذي لا يمكن تعديله
الشيء الذي أثار غضب المختار فأمهل اللئيم ( كما وصفه ) بيومين لا ثالث لهما لمغادرة القرية
في صباح اليوم التالي
زلزال يضرب قرية لم تشهد حالة قتل في تاريخها …جثة المختار بالقرب من المضافة
أصيب الناس بالخوف …بالهزع ، ليقف الأستاذ محجوب مهدئا ، متوعدا الخونة بيوم عصيب
بعد صلاة عصر في المضافة ، شيعت القرية فقيدها بينما خرج من المسجد أشباح ملثمة ، انتشرت بين أزقة القرية التي داهمها الظلام وبدأ يخفي معالمها

 

اترك رد