كتبت – نهلة مقلد:
اعتراف مدوٍ من الفيدرالي الأمريكي الذي أقر بضعف اللوائح الفيدرالية وهو ما قاد إلى انهيار بنك “سيليكون فالي” الأمر الذي يعطي لأزمة القطاع المصرفي التي انطلقت من الولايات المتحدة بعدا جديدا وتغير مسار الأزمة والتعامل معها بل وتخضع القواعد المالية الفيدرالية لإعادة النظر.
مجلس الفيدرالي أكد في مراجعة لاذعة أن مشرفي الاحتياطي الفيدرالي أخفقوا في اتخاذ إجراءات قوية بما يكفي بعد أن رصدوا مشكلات في البنك المتخصص في تمويل شركات التكنولوجيا كما أخفقت إدارة “سيلكون فالي” في التعامل مع المخاطر بشكل مناسب.
الفيدرالي ألقى باللوم مباشرة على تعديلات تشريعية أقرت في عام 2018، والتي خففت القيود والرقابة على جميع المقرضين باستثناء أكبرهم. وبدون تلك الاصلاحات كان “سيليكون فالي” سيخضع لمعايير أكثر صرامة إلا أن التشريع قوض قدرة المشرفين على أداء وظائفهم. قال نائب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي مايكل بار “كانت المعايير التنظيمية لـ”سيليكون فالي” منخفضة للغاية، ولم يعمل الإشراف على البنك بالقوة الكافية، كما أن العدوى من فشل الشركة تسببت في عواقب نظامية لم يفكر فيها إطار عمل الاحتياطي الفيدرالي”. وبشكل أكثر تحديدًا، فإن التغييرات التي حدثت في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب والتي أدت إلى تحول في موقف السياسة الإشرافية، أعاقت الرقابة الفعالة من خلال تقليل المعايير وزيادة التعقيد وتعزيز نهج إشرافي أقل حزماً”، بحسب بار. وفقًا لوثائق صادرة مع التقرير، وجد مشرفو “سيليكون فالي” في وقت مبكر من عام 2017 أن النمو السريع فرض ضغوطًا على قدرة خبراء المخاطر على تحدي الإدارة العليا وتنفيذ المراقبة بشكل فعال. في عام 2021، أصدر المشرفون ستة استشهادات تطلب من البنك إصلاح أوجه القصور في الطريقة التي يدير بها نفسه وتعرضه للصدمات المعاكسة لكن سليكون فالي لم يعالج المشكلات بشكل كامل، مما دفع المشرفين إلى تقييم قصور إدارتها. ترامنا، أدى النمو السريع لبنك سيليكون فالي إلى نقلها من فئة إشرافية إلى أخرى، وهو انتقال وصفه الاحتياطي الفيدرالي بأنه معقد ،وقال التقرير إنه لو تلقى البنك تقييمًا شاملاً قبل الانتقال إلى ما يسمى بمحفظة المؤسسات المصرفية الكبيرة والأجنبية التابعة للاحتياطي الفيدرالي لكان من الممكن محاصرة المخاطر في وقت أقرب. بحلول الخريف الماضي، قرر المشرفون أن محاكاة مخاطر أسعار الفائدة للبنك ليست موثوقة وتتطلب إجراء تعديلات، ومع ذلك فقد فشلوا في تصنيف المشكلة على أنها ملحة وأعطوا الإدارة مهلة حتى يونيو 2023 لمعالجتها. وجاء في المراجعة أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي لم يقدر جدية أوجه القصور الحرجة في إدارة الشركة والسيولة ومخاطر ارتفاع أسعار الفائدة. تقرير الاحتياطي الفيدرالي حدد بنك سان فرانسيسكو الاحتياطي باعتباره المؤسسة المسؤولة في النهاية عن تقييم “سيليكون فالي”، لكنه أقر بأن مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن مسؤول عن وضع اللوائح وتصميم البرامج المستخدمة للإشراف على الشركات. الفيدرالي سلط الضوء أيضا على دور التغيير التكنولوجي في الانهيار السريع لشركة SVB، وقال بار إن الجمع بين وسائل التواصل الاجتماعي وقاعدة المودعين شديدة الترابط والتركيز والتكنولوجيا ربما غير بشكل جذري سرعة تدفقات البنوك. في أول تقرير حول أزمة سيليكون فالي، اتهم المشرعون المنظمين بالفشل في استخدام الأدوات المتاحة لهم والتصرف بسرعة لمعالجة المشكلات بمجرد تحديدها. في تقرير منفصل، خلص مكتب محاسبة الحكومة الأمريكية إلى أن الإجراءات الإشرافية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي كانت غير كافية بالنظر إلى السيولة المعروفة لدى البنك وما يشوبه من قصور إداري وخصت فرع سان فرانسيسكو لفشله في التوصية بإصدار إجراء تنفيذي واحد على الرغم من المشاكل التي وصفها بأنها خطيرة. الخلاف بين الجمهوريين والديمقراطيين أمتد إلى القواعد المنتظمة لعمل البنوك حيث دعت إدارة بايدن إلى زيادة متطلبات السيولة ورأس المال للبنوك التي تتراوح أصولها بين 100 و 250 مليار دولار بينما قال الجمهوريون إن التشريع الجديد غير ضروري. رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول رحب بتقرير النقد الذاتي بشأن انهيار سيليكون فالي وقال إنه يتفق مع توصياته ويدعها للتعامل مع القواعد والممارسات الرقابية .. فهل تقود تلك التوصيات أكبر اقتصاد في العالم إلى نظام مصرفي أقوى وأكثر مرونة.
التعليقات مغلقة.