كتب: أحمد آدم
كان لمحمد علي باشا فضل كبير في تغيير ملامح شوارع القاهرة، والأزبكية تحديدًا، فقد أزال الأبواب التى كانت مُنتشرة فيها على الحارات، كما فتح طريقًا يربُط القاهرة ببولاق التى كانت شبه مدينة مُنفصلة، وأزال المقابر التى كانت في قلب القاهرة وزرع عن جانبي بعض الطرق، وجفف جُزءًا من بركة الأزبكية، وأمر بتنظيم وتنظيف شوارع المدينة وكنس ورش وإنارة الشوارع، وهدم المساكن الآيلة للسقوط.
بالإضافة لتعليق قناديل على أبواب المباني، وأزال الأنقاض التى كانت تُحيط بالقاهرة وكانت تحمل هذه السموم عند هبوب أيّ عاصفة، واستخدمَ ترابها في ردم البرك التى كانت مُنتشرة في القاهرة عام 1827 ، وأزال المصاطب التى كانت موجودة أمام الدكاكين ، وتعوق السير في الشوارع وتقلل من عرضها ، وأزال الحُصر التى كانت تظلل الأسواق وغيرها بأسقف من خشب، وأمر الأهالي بطلاء المنازل باللون الأبيض لتبدو الشوارع أكثر بهاءً.
بدأ شَقّ شارع الموسكي وتعميره على مدى عمر خمسة من حكام مصر من أسرة محمد علي ، وكانَ الهدف من شقُه هو توفير منطقة تُجارية في قلب القاهرة المعزية الفاطمية حيثُ الغورية والسيوفية والخيامية، وعند أعتاب الأزهر الشريف ومرقد الإمام الحسين والحمزاوي، وشارع الموسكي يقع أولهُ في آخر شارع السكة الجديدة ، من عند قنطرة الموسكي وآخره عند العتبة الخضراء .
ونسب إلى الأمير عز الدين موسك أحد أقرباء السلطان صلاح الدين الأيوبي، بدأ الشارع كمشروع تجارى حيث سكن فيها كثير من التُجار الأجانب، وتحديدا في «حارة الفرنج»، فكانَ أغلبهم من اليهود وكثر عدد العربات وتعسّر السير في الأزقة والحواري ، وتكررت شكاوى التُجار من تعطل حركة التجارة ، فأصدرَ محمد علي قرارًا بشراء الأملاك، التي تعترض الشارع وتولى «قلم الهندسة» تخطيط الشارع المُقترح وبدأ شقّ الطريق إلى تقاطعُه مع قنطرة الموسكى على الخليج.
وفُتحَ الشارع عام 1849م. وفي أيام عباس الأول -ثالث الولاة من أسرة محمد علي- تم مدّ الشارع إلى شارع النحاسين، وفي عهد الخديو إسماعيل تم مده إلى جهة الغريب قُرب المقابر، وفي عهد الخديوى توفيق تم استكمال الشارع بإنشاء أرصفة على جانبيه من الحجر، أما أرض الشارع فتم دكها بالمكدام.
ويروي علي باشا مبارك في خططه التوفيقية حكاية شق هذا الشارع أيام محمد علي باشا، فقد استفتى العلماء في فتحه وكيفية عرضه فأفتوه بأن يجعل عرضه يسمح بمرور جملين محملين بالتبن دون مشقة في مرورهما، وعلى ذلك تقرر أن يكون عرض الشارع 8 أمتار ، وكان هذا العرض كافيًا وقتها ، ولكن في الوقت الحالي فإن المشاة أنفسهم يعانون من السير في ذلك الشارع من شدة ازدحامه حتى بعد أن منعت محافظة القاهرة السيارات من دخوله.
ويعد شارع الموسكي أول شارع بالعرض في القاهرة كلها ، إذ إن شوارع القاهرة كانت شوارع طولية بحكم أن المدينة مدينة طولية بامتدادها مع نهر النيل.