مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

سليمان: مواقع التواصل الاجتماعي قادت الناس للقيام بأكبر عملية تواصل في التاريخ الإنساني وتوظيفها لخدمة الدين والوطن ضرورة حياتية

كتب: عبد الرحمن هاشم
أكد الدكتور/ أحمد علي سليمان عضو المكتب الفني بهيئة جودة التعليم – مجلس الوزراء، وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية أن شبكات التواصل الاجتماعي ولدت من رَحِم العولمة، وتطورت وانتشرت بشكل رهيب حتى اشتدت سطوتها على شتى مناحي الحياة؛ ففي لحظة واحدة أو مباشرة ينتقل الحدث من خلالها إلى شتى أنحاء العالم، دون خوف من عيون الرقيب الإعلامي، ومن ثَمَّ برزت كقوة جبارة تؤثر تأثيرًا مباشرًا في الوعي والاتجاهات والأحداث وفي صناعة القرار وفي فرض الثقافات.
وقال في المحاضرة التي ألقاها الاثنين 12/ 11 / 2018م، بعنوان: (ضوابط التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي ودور الدعاة في توظيفها لخدمة الدين والوطن) في افتتاح فعاليات الفوج الرابع للأئمة من مختلف محافظات الجمهورية بمركز أبى بكر الصديق التثقيفي بمدينة الإسكندرية، برعاية معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، وبحضور د/ عبد الرحمن نصاروكيل مديرية أوقاف الإسكندرية، د/ عبد الفتاح عبد القادر المشرف الفني على المعسكر، وبمشاركة عدد 70 إماما متميزا، قال: إن التحديات التي تحاك للدين والوطن من الأعداء كثيرة، والإشاعات الخبيثة التي تتعرض لها الدولة المصرية تستهدف بث اليأس، والتهوين من الإنجازات التي تحققت على أرض الواقع، وإحداث الفرقة بين أبنائها.. تلك الشائعات التي لو تُركت بدون مواجهة فسوف تنزوي وتتوارى فعالية الخطط الإصلاحية والدعوية والإعلامية…إلخ -لا قدر الله-.
وشدد على حتمية المواجهة الحاسمة والمنظمة لهذه المخاطر من خلال العزيمة الصلبة، والتنسيق الكامل بين شتى الأجهزة المعنية في الدولة، واستخدام الوسائل التقنية الحديثة، والاستعانة بالكوادر الدعوية المؤهلة والقادرة على حمل دعوة الخير ونشرها للناس.
الاستثمار في تنمية أغلى رأسمال بشري:
وأكد على أن الاستثمار في تنمية عقول السادة الدعاة وفكرهم ومهاراتهم باعتبارهم أغلى رأسمال بشري، يعد استثمارًا استراتيجيًّا واسع المدى والمجال، ويعزز الأمن القومي ويرسخ السلام الاجتماعي، ويمتد أثره على شتى أنحاء التراب الوطني، ومن ثم كانت ضرورة إنشاء أكاديمية الأوقاف العالمية للتدريب؛ لإعداد الكوادر الدعوية المطلوبة؛ ذلك لأن بناء الإنسان أصعب بكثير من بناء عدة بنايات، ومن هنا أيضا كان لقاؤنا للحديث عن مواقع التواصل الاجتماعي وأهميتها ومخاطرها وضوابط استخدامها… إلخ، لاسيما وأن 42% من سكان العالم حاليا يستخدمون السوشيال ميديا.
التواصل الاجتماعي ووسائله عبر التاريخ:
تناول “سليمان” التعريف بوسائل التواصل الاجتماعي، مع عرض تاريخي لتطور وسائلها بداية من التواصل بالخطابات الورقية عبر الحمام الزاجل ومن خلال نظام البريد الذي قد وُجد منذ قديم الزمان، مرورًا بتطورات الحياة ليأتي عام 1792م حيث تم اكتشاف التلغراف الذي حقق طفرة في التواصل آنذاك، ثم البريد الجوي عام 1865م، ثم اختراع كل من: التليفون 1890م والراديو 1891م الأمر الذي سهَّل على الناس التواصل في نفس الوقت، ثم بدأت التكنولوجيا في التطور السريع في القرن العشرين، حيث اختراع الكمبيوتر عام 1940م، واختراع الإنترنت عام 1960م، وفى عام 1980م بدأت الكمبيوترات تدخل البيوت وتنتشر، وبدأت مواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية تظهر بأشكال وخدمات معينة، مثل: مواقع خاصة بـ: المستثمرين، ومواقع للأطباء، وأخرى لمحبي الكتب، ومواقع لأصحاب لغات معينة… إلخ، إلى انطلق الفيس بوك رسميًّا فى 4 فبراير عام 2004م؛ وتطور من المحلية إلى العالمية عام 2006م، وفى عام 2007م أتاح الفيس بوك للمطورين تكوين التطبيقات؛ وهو ما أدى إلى زيادة أعداد مستخدمى الفيسبوك بشكلٍ كبيرٍ جدا، ليتربع على عرش مواقع التواصل عالميًّا، أما موقع تويتر Twitter فقد نشأ عام 2006م وهو خاص بالتدوينات والرسائل القصيرة التي لا تزيد عن 140 حرفًا، وأُسس موقع اليوتيوب في فبراير 2005م وهو بمثابة سجل أرشيفي موثَّق عبر شبكة الإنترنت، ويمكن الاستفادة منه في توثيق المعلومات بالصوت والصورة، وهذا الموقع يعدُّ أكثر المواقع شعبية في العالم حاليًا بعد موقعي: فيس بوك، وجوجل.
شبكات التواصل الاجتماعي والتفاعل الحضاري ووفاة نظرية صدام الحضارات:
كما أشار “سليمان” إلى أن شبكات السوشيال ميديا لها أهمية بالغة في حياة الإنسان المعاصر؛ فهي منصات ومطلات حرة للحوار مع العالم والاطلاع على أفكار الحضارات الأخرى وثقافاتهم وعاداتهم وتقاليدهم وعقائدهم، بما يسهم في تقريب الهوة الثقافية بين الحضارات والشعوب، والإسهام في التفاعل والتقارب الحضاري، والقضاء على فكرة صدام الحضارات التي أرقت العالم عقودا من الزمان، وهي فرصة للمجتمعات المسلمة أن تقدم نفسها للعالم من أجل نشر دعوة الخير للعالمين، كما أنها أسهمت في إثراء المعرفة الإنسانية بشكل لم يسبق له مثيل، وهي أيضا منبر للرأي والرأي الآخر تُعلّم الشباب مشروعية الاختلاف وتقبل الآخر، وتزيد من تقارب العائلة الواحدة، كما تقدم فرصة رائعة لإعادة روابط الصداقات القديمة، ومن أهم فوائد مواقع التواصل الاجتماعي استخدامها في أعمال الخير، وتعلم لغات جديدة، فضلاً عن التسوق الإلكتروني الذي وفَّر على الجماهير وقتًا وجهًدا كبيرًا، مشيرًا إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي سبقت الفضائيات في نشر الأحداث المهمة لحظة وقوعها، بل قادت الناس للقيام بأكبر عملية تواصل اجتماعي في التاريخ الإنساني .
مخاطرها:
وإلى جانب فوائدها الجمة حذر الدكتور/ أحمد علي سليمان من مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أثبتت الدراسات أن إدمانها يسهم في: ضعف العلاقة الأسرية والعزلة النسبية بين أفراد الأسرة، ، وتغافل العديد عن القيم والضوابط الشرعية، وغياب الرقابة وعدم شعور بعض المستخدمين بالمسؤولية، واقتحام خصوصيات الناس، وافتتان النشء والشباب بالحضارة الغربية واعتبارها النموذج الأمثل، وإيجاد الدوافع لتطويع عقول الشباب ووجدانهم للتعايش مع الثقافة الجديدة، وإشاعة الذوق الغربي في الاستهلاك، والتمكين للشره الاستهلاكي، والتشويش على منظومة القيم.
الإلحاد والشذوذ والشائعات »”الفرانكو آراب» أخطر ما يبث على شبكات التواصل الاجتماعي:
وشدد على أن أخطر ما يبث على شبكات التواصل الاجتماعي: بَثُّ الإلحاد، ونشره بين شباب الجامعات والدفاع عنه والترغيب فيه، وكذلك بَثُّ الشذوذ الجنسيِّ والإباحية بين أفراد المجتمع، وأيضا سهولة استخدامها في نشر والشائعات والمبالغة والتهويل في نقل الأحداث، والخطير أيضا ظهور لغة جديدة بين الشباب العربي تسمى «الفرانكو آراب» تكتب بحروف وأرقام إنجليزية وتنطق على أنها حروف عربية، ابتكرها مروجو العولمة بهدف أن يدمن الشباب المسلم التعامل بالإنجليزية والحرف اللاتيني وإزاحة الحرف العربي عن مسرح الحياة كما حدث مع آخرين من قبل، وهو أمر يمثل خطورة بالغة على لغة القرآن وعلى هُويتنا المصرية والعربية والإسلامية.
ضوابط الاستخدام الآمن لمواقع التواصل الاجتماعي:
ونبه إلى ضرورة شكر المنعم -سبحانه وتعالى- على نعمة التكنولوجيا والأجهزة الحديثة، وتعظيم الله تعالى وكتبه ورسله عليهم السلام وتعظيم حُرُمات الناس؛ واجتناب الكذب والغِيبَة والنميمة، أو نشر تعليقات ساخرة تتضمن استهزاء وافتراء على أي أحد، وتجريم نشر الشائعات، وعدم فعل ما من شأنه الإضرار بالفرد والمجتمع عقدياً وأخلاقيًا وسياسيًا وأمنيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، واحترام التخصصات والمسؤوليات، وضَبْط النفس في الكتابة والنَقْل على هذه المواقع، وإدراك مسؤولية الجوارح في استخدام مواقع التواصل والحفاظ عليها، وعدم المبالغة في استخدام هذه الشبكات لأن فيها تضييع أوقات العبادة، وهدر الصحة، وضياع الهدف، وعدم الانشغال بهذه الأجهزة أثناء قيادة السيارات، فكم من حوادث حدثت وتحدث بسبب الانشغال بهذه الأجهزة أثناء القيادة، وعدم الاسراف وإهدار الأموال واتباع الموضة في اقتناء الهواتف، وعلينا أن نُعلِّم النشء ألا يجعل الله عز وجل أهون الناظرين، بل علينا جميعا أن نكون دعاة للخير، وسفراء للإسلام، ونتعامل بأمانة مع الوثائق الإلكترونية، ونحترم حقوق الملكية الفكرية وعدم السطو عليها، بأن نوثق المعلومات التي نحصل عليها من هذه الشبكات وننسبها إلى أصحابها ومبديعها، كما يجب أن نُفعِّل قيمة التسامح واحترام الحوارات القائمة بين الأشخاص، ونتجنب الإضرار بالآخرين، ونتجنب التعرض لتعاليم الأديان جميعًا بسوء، والابتعاد عن تجريح الرموز الدينية، والهيئات، والدول والشعوب، وعدم إثارة النعرات المذهبية أو الطائفية أو العرقية، وأن نتجنب إرسال الرسائل بدون ضرورة أو إرسالها لأشخاص لا علاقة لنا بهم، والتحقق من توجهات النوادي والملتقيات والمجموعات الموجودة على شبكة التواصل الاجتماعي، وتصحيح النية قبل النشر، وبذل كثير من الجهد للحفاظ على هُويتنا والحافِظ على لغتنا العربيَّة في الكلمات، والجُمَل، والأسلوب، وقواعِد النَّحو والإملاء، وعلامات الترقِيم؛ لنعِين القارئ على القراءة، ومن المهمِّ ضبط الآيات القرآنيَّة، والتأكُّد من صحَّة الأحاديث النبويَّة، الحرص على نَشر العلم النافع والكلمة الطيِّبة، والمعلومَة الصحيحة المفيدة؛ وعلينا أن نتجنب الدخول في المواقع المشبوهة الضارة والتزم بالمواقع التي تناسب عمرك وتحقق أهدافك النبيلة وأغراضك الشريفة، وتلبي حاجاتك، وعلينا تقديم المساعدة والنصح والإرشاد لمن يطلبها ابتغاء وجه الله تعالى.
واجبات الدعاة وسلامة المجتمع:
وفي نهاية المحاضرة طالب د/ أحمد علي سليمان السادة الدعاة بضرورة التعاطي الإيجابي مع متطلبات العصر الحديث ومع متغيراته وتحدياته، وأن يطوروا معارفهم ومهاراتهم الفنية والإعلامية والاتصالية والتكنولوجية بصورة يومية، وأن يجعلوا الإتقان والإحسان والجودة بمفهومها الشامل منهج حياتهم، وأن يتعمقوا في دراسة علم النفس وعلم الاجتماع والتربية الإعلامية للوصول والنفاذ والنزول إلى فكر النشء والشباب والقضايا التي يهتمون بها، وأن يعملوا جاهدين على ربط المسلم بعقيدته وشريعته، والتمكين لمنظومة القيم في المجتمع، وحث الجماهير على اتقان العلم والعمل والإنتاج والإبداع والبراعة فيه، والحفاظ على اللغة العربية وعلى هُوية النشء والشباب، ودعم المواطنة ومواجهة التطرف، وحث الناس على ضوابط وآداب التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي، وتحقيق الاستخدام الآمن لها، وأن يوظفونها في خدمة الدين والوطن، وأن يتفاعلوا مع المبادرات الوطنية التي تطلقها الوزارة، مثل: وطن بلا إدمان – رسول الإنسانية – واعظة وراهبة في حب مصر – كتائب التنوير تواجه ذئاب التكفير إلكترونيًّا؛ للحفاظ على بيضة الدين، وعلى وطننا الغالي..

قد يهمك ايضاً:

سلطنة عُمان تتقدم 4 مراتب في مؤشر جاهزية الشبكات وتحقق…

طقس بارد نهارا وتوقعات بسقوط أمطار.. والعظمى بالقاهرة 20…

واختتم حديثه بتقديم خالص الشكروالتقدير لمعالي أ.د/ مختار جمعة وزير الأوقاف المجدد الذي يواصل هو ورجال وزارته المخلصين العمل ليل نهار للاستثمار في عالم الدعاة؛ ليجعل من المرحلة القادمة مرحلة التجديد التطبيقي الشامل، وعلى إطلاقه المبادرات الطيبة التي تحقق الخير العميم للدين والوطن. وبالله تعالى التوفيق.

اترك رد