مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

سلوكك مرايتك

الرحمة قوة وليست ضعفاً

بقلم : د / كريم ابو عيش

 

كثيرون يخلطون بين الرحمة والضعف، ويظنون أن صاحب القلب الرحيم ساذج أو سهل الاستغلال. لكن الحقيقة أن الرحمة قوة من نوع خاص؛ قوة لا يملكها إلا الأقوياء في نفوسهم، الواثقون من قيمتهم، الذين لا يحتاجون إلى قسوة ليؤكدوا مكانتهم.

الرحمة ليست تنازلًا عن الحقوق، ولا سكوتًا عن الأخطاء، بل هي أسلوب راقٍ في التعامل، يحفظ للآخر كرامته حتى في لحظات الخلاف. أن تكون رحيمًا لا يعني أن تُفرّط في حقك، بل أن تطالب به دون قسوة، وأن تعترض دون تجريح، وأن تختلف دون أن تترك في القلوب أثرًا سيئًا.

قد يهمك ايضاً:

أحمد سلام يكتب من الأزهر الشريف .. إلي الجنة

أنَّا وهَواك والفُؤاد وليَالي جفَاك !

الإنسان الرحيم يترك وراءه دائمًا بصمة محبة، حتى إن اختلفت معه في الرأي أو الموقف. فصورته تبقى مشرقة في ذاكرة الآخرين، لأنه اختار الإنسانية قبل أي شيء آخر.

والمجتمع الذي تغيب عنه الرحمة، مهما ارتفع شأنه في التكنولوجيا أو الاقتصاد، يظل مجتمعًا قاسي الملامح، بلا روح ولا دفء. الرحمة هي التي تعطي للعدل معناه، وللقوة قيمتها، وللحياة طعمها الإنساني.

تأمل أعظم الشخصيات في التاريخ والإنسانية، ستجد أن القسوة لم تخلّدهم، بل الرحمة هي التي رفعتهم وأبقت ذكرهم طيبًا. فهي قيمة لا تسقط بالتقادم، بل تُخلّد الإنسان في القلوب قبل أن يُذكر اسمه في الكتب.

وفي النهاية، الرحمة ليست ضعف قلب ولا عجز موقف، بل هي شجاعة أن تظل إنسانًا وسط عالم يميل إلى القسوة.
وسلوكك مرآتك… فاجعل مرآتك رحيمة، تُضيء كل من ينظر إليها.