سلطنة عُمان والصين.. شراكة استراتيجية
كتب – سمير عبد الشكور:
شهدت العلاقات العُمانية الصينية نقلة نوعية مهمة بالتوقيع على إقامة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، في مايو 2018 بمناسبة الذكرى الأربعين للعلاقات الرسمية الدبلوماسية بينهما.
جاءت هذه الشراكة تتويجاً لمرحلة مهمة من توسيع العلاقات، التي في أصلها وجذورها ممتدة إلى قرون بعيدة في التاريخ منذ أن كان الاتصال البحري عبر التجار بين موانئ الصين والسلطنة، تلك العلاقة التي ترسخت في عصر النهضة الحديثة منذ عدة عقود، وكانت الصين من أكبر الشركاء التجاريين للسلطنة من خلال شراء النفط فهي أكبر مستورد لهذه السلعة الاستراتيجية ما يجعل التبادل التجاري بين البلدين هو الأعلى بالنسبة لقائمة التبادلات التجارية العمانية.
ويوماً بعد يوم تتواصل العلاقات بين سلطنة عُمان والصين نحو الأفضل دائماً سواء من خلال المشروعات الاقتصادية والاستثمارية المشتركة أو المؤتمرات التي تؤكد على حيوية ومتانة وتاريخية العلاقات، وتجسيداً لهذا جاءت استضافت مسقط للمؤتمر الدولي “تاريخ العلاقات بين العالم الإسلامي والصين وعُمان نموذجا” لتسلط الأضواء على الجذور التاريخية للعلاقات بين عُمان والصين.
حيث تلعب سلطنة عُمان دور النموذج في هذه العلاقة الممتدة عبر القرون، ما يكشف الطريق إلى الاستفادة والاستلهام للدول الأخرى في بلدان العالم الإسلامي.
ولعل النقاشات التي حفل بها هذا المؤتمر متنوعة وتتحرك ما بين الفضاءات التاريخية إلى العصر الحديث، كما تضيء المعرفة بمشروع ومبادرة “الحزام والطريق” التي تعول عليها الصين لإعادة تركيب المشهد الاقتصادي والتجاري في العالم المعاصر، آخذة في الاعتبار تجربة الماضي والتاريخ، وكيف يمكن لها أن تنير اللحظة الحديثة من التاريخ الإنساني، حيث إن الشعوب تستفيد دائما من تراثها المتراكم وتحاول أن تفهم تاريخها مع هذا التراث ليكون لها مسار فكر وإنارة نحو بناء الحداثة والتعاون مع الآخرين عبر كافة الأنظمة والأشكال الاقتصادية والثقافية والمعرفية وغيرها.
إن صياغة العلاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية والمعرفية والتعاون الدولي بشكل عام أصبح يأخذ من جملة هذه التحولات الكبيرة في العالم المعاصر، لينقل الإنسانية إلى فجر جديد عُمان جزء منه، ما يعني أهمية النظر إلى مثل هذه المؤتمرات وأن ما تطرحه من أفكار وقضايا يجب أن ينير الطريق لإعادة التفكير في كثير من الرؤى المعاصرة، وبالتالي الانطلاق الأكثر ثقة إلى المستقبل.
يبقى القول أن مجمل المشهد يتعلق بالتفاعل الحضاري والإنساني، والذي هو سياق ثقافي ومعرفي للمؤتمر الدولي “تاريخ العلاقات بين العالم الإسلامي والصين وعُمان نموذجا” والذي ينعكس دوما في مبادرات اقتصادية وتجارية، وهذا الأمر هو جوهر فلسفة عُمان في بناء الانسان عبر العصور والأزمنة.