سلطنة عمان : أحمد فتحي
أُعلن مساء الأمس عن إطلاق استراتيجية الهوية الترويجية ومكتب إدارتها ومجموعة من أدواتها التنفيذية وبرنامج بناء القدرات المُصاحب لها، بعد أن حظي المشروع بالمباركة السامية الكريمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه- والذي يهدف إلى ترسيخ الصور الذهنية الإيجابية عن سلطنة عُمان على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي.
جاء التدشين تحت رعاية معالي سلطان بن سالم الحبسي وزير المالية، رئيس اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس الوزراء الموقر المشرفة على مشروع تطوير الهوية الترويجية من خلال البرنامج الوطني لتنمية القطاع الخاصّ والتجارة الخارجية (نزدهر) المُنفذ لمشروع الهوية، وبحضور عدد من أصحاب السمو والمعالي والسعادة والمعنيين بقطاع الهوية الترويجية.
أكد معالي سلطان بن سالم الحبسي، وزير المالية، رئيس اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس الوزراء الموقر على أن إطلاق استراتيجية الهوية الترويجية يمثل محطة محورية في مسيرة تعزيز مكانة سلطنة عُمان على الساحة الاقتصادية العالمية، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة ستساهم في تعزيز المزايا التنافسية لسلطنة عمان عن باقي دول المنطقة ودعم النمو الاقتصادي والاجتماعي، من خلال تسليط الضوء على مزاياها كمكانٍ جاذبٍ للاستثمار والزيارة والإقامة.
وأشار معاليه إلى أن الهوية الترويجية حظيت بالاهتمام السامي من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه-، لما تشكله من أهمية لضمان التكامل والاتساق بين الجهات الحكومية والخاصة المعنية بالترويج لسلطنة عمان وبما يضمن تحقيق الأهداف المنشودة لها.
من جانبه، أوضح معالي قيس بن محمد اليوسف، وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار المشرف العام على برنامج (نزدهر) أن المشروع الذي استغرق تطويره أكثر من عام شهد مشاركة واسعة من الجهات الحكومية والخاصة، بالإضافة إلى الاستعانة بخبرات عالمية ومحلية متخصصة. كما أُشركت مختلف شرائح المجتمع في عملية بلورة الهوية، وكان التصويت المجتمعي لاختيار الهوية البصرية أحد أبرز المحطات، حيث حظي بمشاركة واسعة من العُمانيين والمقيمين، قبل أن يُتوج المشروع بمباركة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه- لتدشينه.
وأضاف معاليه أن إطلاق الاستراتيجية وبرنامج بناء القدرات يمثلان بداية مرحلة جديدة في ترسيخ مكانة السلطنة عالميًا، حيث ستقوم الجهات الحكومية والخاصة بالتنسيق المشترك لضمان التنفيذ الفعّال للاستراتيجية وتحقيق مستهدفاتها المستقبلية مشيرا في الوقت ذاته إلى أهمية قيام الجهات الحكومية والخاصة باستخدام شعار الهوية جنبا إلى جنب مع شعاراتها، وذلك في حملات الترويج المختلفة حيث أن هذا مشروع وطني والجميع شريك وله دور في الترويج لسلطنة عمان.
التصورات الإيجابية عن السلطنة عالميًا
كما أكدت المهندسة عائشة بنت محمد السيفية، رئيس مكتب إدارة الهوية الترويجية والذي سيكون تحت إشراف اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس الوزراء الموقر، أن الاستراتيجية ستكون بوصلة الأنشطة والرسائل الاتصالية التي ستُعزز من التصورات الإيجابية عن السلطنة عالميًا، وأشارت إلى أن إطلاق برنامج بناء القدرات يُعتبر أولى خطوات تحويل الاستراتيجية إلى واقع؛ حيث يستهدف أكثر من 600 مشاركًا من مختلف الجهات المعنية عبر ورش ميدانية وجلسات إلكترونية بغرض تعزيز مهارات تنفيذ الهوية بشكل فعال ومستدام منهم 80 مشاركًا من مختلف الجهات سيبدؤون البرنامج هذا الأسبوع ، كما أنه سيتم تنفيذ أكثر من 60 مبادرة ضمن مشروع الهوية الترويجية خلال الخمس سنوات المقبلة؛ مما سيسهم في توحيد الرسائل الاتصالية، وزيادة المحتوى الرقمي عن السلطنة، والترويج لها بأفضل الأدوات والممارسات العالمية.
وفي إطار تنفيذ استراتيجية الهوية الترويجية دُشنت المنصة الإلكترونية لـ”صندوق أدوات الهوية الترويجية لسلطنة عمان”، والتي ستوفر لكافة الجهات المعنية إمكانية الوصول إلى دليل الهوية الترويجية، والمحتوى البصري، والأدوات الداعمة، بالإضافة إلى دليل ذكاء اصطناعي مُطوّر خصيصًا للمساعدة على ضمان توافق الأنشطة الترويجية مع الهوية. كما أطلق الموقع الإلكتروني للهوية الترويجية والذي سيُخاطب الجمهور الدولي بسرديات ومواد بصرية تُساهم في تعزيز مكانة السلطنة عالميًا. ولمتابعة تأثير الاستراتيجية وتعزيز تكامل الجهود، تم تطوير نظام “مؤشرات الهوية الترويجية لسلطنة عُمان” وهو أداة تحليل رقمية تساعد في قياس الأداء وتقييم مدى نجاح الجهود الترويجية في الأسواق الدولية. وسيرصد تطور الهوية عبر ثلاث مراحل رئيسية: التأسيس، النمو، والترسيخ.
من جانبه أشاد جوزيه فيليب توريس، الرئيس التنفيذي لشركة بلوم للاستشارات الاستشاري العالمي للمشروع وهي مؤسسة عالمية متخصصة في تطوير هويات الدُول والمُدن، أشاد بتجربة سلطنة عُمان في بناء هويتها الترويجية التي ستبرز فرادة مُقوّمات هذا البلد وإنسانه للعالم؛ قائلًا أن الجهود الكبيرة والاحترافية العالية التي قدمها كُل من عمل على مشروع الهوية على مدى عام كامل أثمرت مع المُباركة السامية لصاحب الجلالة – حفظه الله ورعاه- للمشروع، في إطلاق الاستراتيجية وأدواتها التنفيذية.
دفة المشروع
كما أشاد بدور فريق مشروع الهوية الترويجية لسلطنة عُمان في إدارة دفة المشروع وتسخير المُمّكنات له إلى جانب مساهمة الفريق الفني واللجنة الإبداعية في تشكيل الصورة النهائية للهوية ومستفيدين من كفاءات ومواهب محلية شاركت في مراحل مختلفة من المشروع، مُضيفًا أن الشراكة مع وكالة ‘العلامة للتسويق’ ساهمت في ضمان فهم محلي عميق للهوية، مما عزز من دقة المخرجات ومواءمتها للسياق العُماني، كما ساهم في نقل الخبرة العالمية في هذا القطاع إلى السوق العماني، مما يدعم استدامة المشروع على المدى الطويل.
وتتكئ الهوية الترويجية لسلطنة عُمان وسرديتها على “الترابط” كفكرة مركزية لها، مرتكزة على ثلاثة محاور، هي: المراعاة، التواصل، والذكاء الاجتماعي، لتعكس قيم السلطنة وهويتها في مختلف المجالات. وقد تم التوصل لهذه الفكرة المركزية بعد بحث معمق واستطلاعات رأي محلية وعالمية. وهي فكرة تعكس رؤية السلطنة في بناء علاقات متينة ومستدامة؛ حيث يُجسد محور “المراعاة” الكرم وروح الضيافة العُمانية الأصيلة، بينما يعكس محور “التواصل” عُمق القيّم المجتمعية في نسج العلاقات المتينة بين الناس، ويشير محور “الذكاء الاجتماعي” إلى فرادة العُمانيين في تفاعلاتهم المدروسة والذكية حتى في المعاملات التجارية مما يخلق بيئة عمل متماسكة وفعالة. وهذه الفكرة المركزية هي بوصلة تنطلق منها الرسائل الاتصالية، حيث قد لا تظهر هذه الكلمة ككلمة مكتوبة في تلك الرسائل، لكن يتم التعبير عنها من خلال المشاريع، والمبادرات، وحتى وسائط التواصل لتوصل تلك المعاني للمتلقي.
خلصت بحوث الهوية الترويجية للعديد من الخلاصات؛ إحداها أن من يزور عمان، أو يحتك بمن زارها، أو يتعرف عليها عن قرب من خلال البرامج الإعلامية، أو الحملات الاتصالية يكن لها الكثير من الاحترام ويعزز التصور الايجابي عنها، وهي ميزة سيتم البناء عليها حيث أن التصورات الإيجابية تلعب دورا مهما في صناعة القرارات الإيجابية.
كما تستفيد الهوية الترويجية من المُقومات التي تملكها السلطنة في تعزيز سرديتها الوطنية وترسيخ مكانتها عالميًا كما أوضحت العديد من البحوث المنهجية التي توصل إليها هذا المشروع، مثل دورة سلطنة عمان في التفاعل مع القضايا العالمية، وتقديم نماذج في البيئة الحضرية والريفية، ومستويات الأمن والسلامة، وموروثاتها الثقافية والتراثية والفنية، إلى جانب تمتعها بتنوع المناظر الطبيعية، وتطور بيئة الاقتصاد والأعمال فيها، ونموذجها في العلاقات والشؤون الخارجية.
كما بحث المشروع وحلل العديد من القصص الملهمة التي يستحضرها المجتمع العماني في حواراته اليومية، لها امتدادات عميقة في الإرث، ولكنها في الوقت نفسه تمضي بنسخ حديثة للمستقبل، ويمكن لهذه القصص أن تقدم استعارات تقدم رسائل اتصالية تميز سلطنة عمان في العالم، وتعكس فكرة الترابط وأبرز الممارسات المجتمعية التي تعكس روح التواصل والتناغم مع الممارسات العالمية في الضيافة وتعزيز بيئة الأعمال، ومن أمثلتها في معجم اللهجات العُمانية: السبلة، والعزوة، والهبطة، والهبة، وشابك، وسهالات، والمعازم، والبشارة، وتم.