سبت النور ..ظهور النور المقدس من قبر السيد المسيح
يحتفل ملايين المسيحيون اليوم السبت لدى الطوائف الأرثوذكسية بظهور النور المقدس من قبر السيد المسيح في كنيسة القيامة في القدس وهو اليوم المعروف باسم سبت النور أو سبت الفرح.
يأتي سبت النور قبل يوم من عيد القيامة، ويسميه البعض سبت الفرح، وهو بعد يوم من صلب السيد المسيح وموته، حسب العقيدة المسيحية، وفيه حسب الأناجيل أنار المسيح على الجالسين في الظلمة عندما نزل إلى الجحيم، وأخذ من كان على رجاء، كل من مات على رجاء الخلاص إلى الفردوس، فيقول (إنجيل متى): “الشعب الجالس في ظلمة أبصر نورًا عظيمًا، والجالسون في كورة الموت وظلاله أشرق عليهم نور”، ويذهب آخرون سببه النور الذي يخرج من القبر المقدس في مدينة القدس في ظهر ذلك اليوم من كل عام.
يسمى سبت النور بسبت أبو غلمسيس أبوغلمسيس أو أبوغلامسيس، وهي كلمة “أبوكالسيس – أبو كلبسيس” اليونانية، وتعني “سفر الرؤيا” وتطلق اصطلاحًا على ليلة سبت الفرح “سبت النور” التي يقرأ فيها سفر الرؤيا كله عند نهاية قراءة المئة والخمسين مزمورًا يلبس الكهنة ملابس الخدمة، وتوقد الشموع، ويرتلون هلللويا معنها “سبحوا”.
ويتجه الكاهن نحو الشرق ويقرأ المزمور المائة والواحد والخمسين قبطيًا ثم يفسر عربيًا. وعند نهاية تفسير المزمور يرتل الكهنة والشمامسة بالناقوس، وهم طائفون الكنيسة، ويتم الاحتفال به في حوالى الـ11 مساءً من ليلة “سبت النور”، وحتى الساعات الأولى من صباح السبت.
تحتل فكرة “القيامة” مكانة بارزة في الفكر المسيحي، إذ يعتبر الإيمان بقيامة المسيح أساسًا للإيمان بالعقيدة كلها، ومن ثم فإن كل ما ارتبط بهذا المعنى من طقوس وعبادات وممارسات له طبيعة خاصة، فصوم القيامة هو الصوم الكبير لمدة 55 يومًا، وعيد القيامة أيضًا من الأعياد الكبرى. أما الأسابيع التي تسبق العيد، فلكل يوم فيها معنى ومكانة تقرأ فيها صلوات خصوصًا ترمز إلى قصص أساسية في العقيدة المسيحية، تروى من خلالها الكنائس تعاليم مقدسة تحفظ بها الإيمان.
تشهد كنيسة القيامة في مدينة القدس الفلسطينية، اليوم السبت 18 إبريل، المعجزة السنوية والمعروفة كنسيًا بـ”معجزة النور المقدس، أو سبت النور”، على قبر السيد المسيح ذلك في تمام الساعة العاشرة صباحًا.
تتجه أنظار العالم هذا اليوم إلى الكنيسة الحاضنة قبر السيد المسيح، والتي شهدت أهم لحظات القيامة المجيدة، وفي ظاهرة للمرة الأولى تحدث هذه المعجزة السنوية بدون مصلين وحشود الحجاج لهذا العام، ذلك في ظل الإجراءات الاحترازية ومنع التجمعات لمواجهة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19).
تنقل القنوات المحلية والإقليمية هذا الحدث الجليل، ومن المقرر مشاركة 10 من الآباء الكهنة والرهبان من مختلف الطوائف و المذاهب المسيحية، شخصين من كل كنيسة “تقتصر على رأس الكنيسة وراهب فقط لا غير”، وعادة ما تتخلل صلوات هذا اليوم إضاءة الشمع ووضعها على القبر المسيح من قِبل المصلين المرددين “كيرياليسون”، وتعني في اللغة اليونانية “يا رب إرحم”، ثم تُضاء النار المقدسة على 33 شمعة بيضاء في رزمة واحدة، وتبقى النار هذه لا تحرق شيئًا أو أحدًا لغاية 33 دقيقة عي عمر السيد المسيح.
جدير بالذكر أن هذه كنيسة القيامة تعتبر هي مقصد الحجاج سنويًا في مثل هذا اليوم، إذ تعد هي الكنسية التي بنيت على قبر يسوع المسيح، ويعود تاريخ معجزة النور المقدس أو النار المقدسة” إلى عام 1106م، ومنذ ذلك اليوم وتشعل الشموع على القبر لتعبر الشعلة عن أن المسيح قام وهزم الموت.
استقبل أديب جودة الحسيني، أمين مفتاح كنيسة القيامة وحامل ختم القبر المقدس مندوبًا من طائفة الروم الأرثوذكس في القدس، خلال مراسم تسليم مفتاح كنيسة القيامة المقدسة لطائفة الروم الأرثوذكس والتوجه في موكب رسمي لفتح الكنيسة المقدسة.
واقتصر الموكب الرسمي لفتح كنيسة القيامة بالقدس على مندوب لطائفة الروم الأرثوذكس وحامل مفتاح كنيسة القيامة أديب جواد، حيث تم فتح الكنيسة لبدء مراسم الصلاة؛ تمهيدًا لخروج النور المقدس اليوم السبت. الجدير بالذكر أن عائلة مسلمة تمتلك مفاتيح كنيسة القيامة في القدس منذ أكثر من 850 عامًا. ومنذ فتح صلاح الدين الأيوبي لبيت المقدس عام 1187.
عندما فتح عمر بن الخطاب القدس عام 15هجريًا و636 ميلاديًا، حان موعد الصلاة، دعا رئيس أساقفة القدس صفرونيوس الخليفة عمر بن الخطاب للصلاة في كنيسة القيامة، أقدس موقع مسيحي.. رفض عمر خوفًا من أن تدعي الأجيال القادمة من المسلمين السيادة على الكنيسة باعتبارها ملكًا لهم وتحويلها إلى مسجد. بدلًا من ذلك، فضّل عمر الصلاة بعيدًا عن الكنيسة بضعة أمتار، حتى تم بناء مسجد لاحقًا (وهو مسجد عمر، والذي لا يزال قائمًا بجانب كنيسة القيامة، وهذا بمثابة تذكير بمتانة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في الأراضي المقدسة.. عندما دخل عمر بن الخطاب القدس، وقع مع مسيحيي القدس على ما تعرف بالعهدة العمرية. والتي ضمنت حماية المسيحيين وحرة العيش والعبادة وحماية أماكن العبادة المسيحية.. ومنذ ذلك الحين حملت هذه العائلة المسلمة السنية مفاتيح كنيسة القيامة. وقد استمر هذا التقليد منذ أيام الخليفة عمر بن الخطاب وحتى يومنا هذا).