مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

سبب وفاة الشاعر سعدي يوسف

البصرة

توفي في العاصمة البريطانية الشاعر العراقي سعدي يوسف عن عمر يناهز الـ 87 عاما، وبعد معاناة مع مرض عضال في سنواته الأخيرة.

وكان اتحاد الأدباء والكتاب في العراق قد أعلن عن وفاة الشاعر العراقي سعدي يوسف بعد صراع مع المرض، وبعد مسيرة شعرية طويلة وضعته في صفوف كبار الشعراء في العالم العربي.

ولد يوسف في البصرة في جنوب العراق عام 1934، واستقر في لندن بعد تنقله بين دول عربية وعالمية عدة منذ السبعينات بسبب مواقفه السياسية.

فقد كان يوسف، الذي تخرج من معهد المعلمين في بغداد عام 1954، أحد الأعضاء البارزين في الحزب الشيوعي العراقي الذي كان معارضاً لنظام صدام حسين.

ويعد سعدي يوسف أحد كبار الشعراء في العالم العربي خلال العقود الخمس الماضية وأحد أبرز الأصوات الشعرية في عالم الشعر من حيث التجربة الشعرية وغزارة الإنتاج.

وينتمي سعدي يوسف إلى موجة الشعراء العراقيين التي برزت في أواسط القرن الماضي، وجاءت مباشرة بعد جيل رواد ما عرف بالشعر الحر أو التفعيلة، الذي أطلق على رواد تحديث القصيدة العربية من أمثال نازك الملائكة وبدر شاكر السياب وبلند الحيدري وعبد الوهاب البياتي.

وقد أطلق البعض على هذا الجيل اسم “الجيل الضائع”، فقد عايش بعضهم جيل الرواد لكن منجزهم الحقيقي جاء في الخمسينيات، وضم هذا الجيل إلى جانب سعدي يوسف، الشعراء محمود البريكان ومظفر النواب وآخرين.

ويوسف صاحب مسيرة شعرية وأدبية الطويلة جعلته أحد أكبر الشعراء العرب على الرغم من أنه كان مثيرا للجدل في بلاده.

وارتكز شعره على تجارب شخصية وانطباعات من الحياة اليومية وتحدى فيه شعر التفعيلة التقليدي، وبات لأسلوبه تأثير كبير على الشعر العربي المعاصر.

فقد كان يوسف، أحد الأعضاء البارزين في الحزب الشيوعي العراقي وكان معارضاً لنظام حزب البعث الذي سجنه في العام 1963.

وبعدما خرج من السجن في العام 1964، سافر يوسف إلى الجزائر، حيث عمل مدرسا، كما ورد في سيرته الذاتية على موقعه الإلكتروني.

وفي تلك المرحلة بدأ عمله الشعري يأخذ صدى في العالم العربي، ليتحوّل إلى أحد الأسماء الشعرية المهمة ليس في العراق فحسب بل حتى في العالم العربي.

قد يهمك ايضاً:

ارتكز شعره على تجارب شخصية وانطباعات من الحياة اليومية وتحدّى فيه شعر التفعيلة التقليدي، وبات لأسلوبه تأثير كبير على الشعر العربي المعاصر.

ووصفه الكاتب العراقي سنان أنطون في تغريدة باللغة الإنكليزية الأحد بأنه “واحد من أعظم وأكثر شعراء العرب تأثيراً”، آسفاً لموته “في المنفى في لندن” بعد حياة “من التحدي”. وأضاف “ترك لنا إرثاً جمالياً فائضاً. وداعاً”.

عاد يوسف إلى العراق في السبعينات لكن غادره بعدما وصل صدام حسين إلى الحكم، ليجد نفسه في العقود التي تلت متنقلاُ بين دمشق وبيروت وقبرص واليمن وتونس ثمّ باريس وعمان، ثم انتقل إلى لندن في العام 1999 حيث عاش في مجمّع للمتقاعدين لأكثر من عقدين.

مثير للجدل

ورغم قمع النظام السابق للشيوعيين، لم يكن يوسف مؤيدا لغزو العراق من قبل الولايات المتحدة في العام 2003 والذي أدى إلى الإطاحة بنظام حزب البعث.

 لكن مواقفه في تلك الحقبة اعتبرت مثيرة للجدل ومؤيدة للجهات المناهضة للاحتلال من المتطرفين السنة.

وإثر دخول يوسف المستشفى لتلقي العلاج، طالب وزير الثقافة العراقي حسن ناظم الحكومة بتقديم المساعدة له لكن هذا الموقف أثار ردود أفعال لدى بعض الأحزاب في البلاد التي تعتبر أن يوسف أساء للإسلام وللعراق في كتاباته ومواقفه.

وقال حينها نائب رئيس مجلس النواب حسن الكعبي، المنتمي لتيار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، “يبدو أن الإخوة في وزارة الثقافة لم يطلعوا على الكتابات والقصائد والتصريحات العلنية للشاعر” سعدي يوسف “وأبرزها القصيدة التي تحاول (…) الإساءة إلى رمز الخير والجمال والذوق والإنسانية جمعاء” النبي محمد.

والقصيدة المقصودة نشرت في أواخر العام 2019 من لندن وفيها سخرية من الرسول ووالديه.

ودفع ذلك ناظم إلى تقديم اعتذار، مبررا أن دافعه كان “إظهارِ التعاطفِ مع شاعرٍ عراقي يُحتضر”، مضيفا “لكن إيماني بقيمي الدينية المقدسة واحترامي وتقديري لمشاعرِ الكثرةِ الكاثرةِ من الناس أهم من تعاطفي … لذلك أقدم اعتذاري لكل من شعر بألم في ضميرِه الوطني والديني والإنساني”.

في رصيد يوسف الحائز في العام 2005 جائزة فيرونيا الإيطالية كأفضل مؤلف أجنبي، عشرات الأعمال الشعرية والترجمات، فقد ترجم أشعارا لكتاب عالميين على غرار فيديريكو غارسيا لوركا ويانيس ريتسوس وقسطنطين كفافيس وروايات للكيني نغوغي واثيونغو والبريطاني جورج أورويل وغيرهم، فيما ترجمت أعماله الشعرية إلى الفرنسية والإنكليزية والألمانية والإيطالية.

وألف ديوان “الشيوعي الأخير يدخل الجنة” (دار توبقال – الدار البيضاء -2007)، فضلاً عن دواوين أخرى مثل “الخطوة الخامسة” (2003- دار المدى) و”الديوان الإيطاليّ” (دار الجمل – بيروت – بغداد 2010)، الوحيد يستيقظ (1993- بيروت- المؤسسة العربية للدراسات والنشر) وغيرها العشرات.

وعمل أيضا في مجال التدريس والصحافة، فقد كان عضوا في هيئة تحرير مجلة “الثقافة الجديدة” التي تعد من أشهر المجلات الادبية والثقافية في العراق في حقبة السبعينات، والتي توقف صدورها في تلك الحقبة قبل أن تعود بعد العام 2003.

   كان سعدي يوسف متزوجا من الممثلة العراقية والناقدة إقبال قادوم وله ابنتين هما مريم وشيراز وثلاث حفيدات.