ساعة كهرباء ليست ملكك
لبنان- رندا منقاره :
سمعت عن بائع ابتاعك غرضا ثم منعك من التصرف فيه أو حتى نقله ؟؟؟
هذا لا يحصل إلا في لبنان وتحديدا في شركة الكهرباء وأيضا الاتصالات الخلوية .إنك ان سكنت بيتا باعوك إياها بأربع مئة ألفا، وان غيرت مسكنك أخذوها منك قسرا ، وأعطوك ثلاثين ألفا غصبا! فارضين عليك شراء واحدة جديدة بأغلى سعر ممكن كلما غيرت بيتا مستأجرا !!
ماذا تستفيد إن ولدت هنا؟؟؟ سيعطونك بطاقة ليست ذكية أصلا،يكتبون فيها اسمك وشهرتك وتاريخ ميلادك ،وسيقيدونك بمنطقة ما، عبرها يفرزوك طائفيا وسياسيا ومناطقيا واجتماعيا وحتى نفسيا ليسهل قيادك وحجرك وضربك واتهامك ومنعك وتجريمك والسخرية منك كلما سنحت الفرصة !!!
مرقد العنزة ذاك…من حكى عنه؟؟ أي كاتب مغرور؟!
هذه النقطة على الخريطة التي فيها أجدادنا …ومنها انطلقت كل الديانات السماوية ،عملوا على افقارها وتجويعها وكسرها وحرقها وحتى تفجيرها …وتم كل ذلك بنجاح ! فعلا لقد قرفناها …
أذكر ذلك الدرس القديم في كتاب التاريخ الكاذب ، حين أدخلت المعلمة في رؤوسنا أن الإنسان اللابس للجلد ،صاحب الشعر المنكوش، والذي يحمل مطرقة ، لا يحتاج إلا للغذاء واللباس والمأوى لكي يعيش…وكان ذلك لا جدال منا فيه ولا نقاش …كنا صغار وكان ذلك بديهي ،فأهلنا قد أمنوا ذلك لنا ..
أين نحن اليوم من ذلك المتخلف البدائي ؟!
في الواقع نحن متعلمون ومثقفون وتكنولوجييون وحتى جيولوجييون وفضائييون ولكن بلا شغل ولا عمل ولا حتى حكمة أو بصيرة …فهنيئا لنا مرقد العنزة!!
نحن بنينا البنايات والمراكز والمشافي والمدارس ،ولكن لا نقدر أن نشتري زريبة في هذا الوطن المترف الفارغ،فهنيئنا لنا مرقد العنزة!
اليوم من عنده سطل لبن من عنزة،أو سطل حليب أو جبن، فهنيئا له مرقدها!
من يقدر أن يعلم أولاده قبل أن تسرقهم الشوارع، أو يصيروا صناعا عند جاهل يضربهم الكف ،ويرهبهم بصراخه مدعيا تعليمهم،وهو لا يملك قرشا واحدا للعامل الصغير ،هنيئا له مرقد العنزة ..
هنيئا لمن يملك ثمن كشفية طبيب في مستوصف وضيع ،أو قادر أن يشتري دواء فعالا من صيدلية (هذا إذا لم يكن منتهي الصلاحيه أو إذا أفلح الطبيب بتشخيص المرض )
هنيئا لمن يشتري حذاء غير بال أو ثوبا فرضته عليه الظروف المادية لونا وشكلا وحتى …قياسا !!
هنيئا لمن لم يستزلم لرجل هوائي …باعه ثم اشتراه ثم باعه؛ حتى فقأ أحلامه كلها ابتهاجا بنجاحه المدوي وسقوط كرامة الرجل المدفوعة!!
عن أي مرقد عنزة تكلم ذلك الرجل ؟؟؟؟
ربما قصد أنها عنزة ولو رأيتها طائرة ستناديها عنزة !!!
راح المرقد وظلت العنزة الطائرة ننادي عليها: ها هي حمامة السلام والمحبة في وطني لبنان