مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

زيارة أردوغان للقاهرة .. ميلاد مرحلة جديدة من العلاقات

20

 

سعيا إلى الحفاظ على الاستقرار في هذه المنطقة المشتعلة من العالم.. يبدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، زيارة رسمية لمصر اليوم الأربعاء تلبية لدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي في أول زيارة له منذ رفع مستوى العلاقات بين البلدين مجددا إلى مستوى السفراء في يوليو 2023 بعد قرابة عقد من التوتر في العلاقات.

 

زيارة تأتي في توقيت مهم في إطار إعادة ترتيب الأوراق في مشهد إقليمي شديد الاضطراب ومن المقرر أن يبحث أردوغان في القاهرة خطوات تحسين العلاقات الثنائية وتنشيط آليات التعاون الثنائي رفيعة المستوى، فضلا عن القضايا العالمية والإقليمية الراهنة، وخاصة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

كانت آخر زيارة لأردوغان إلى مصر في نوفمبر 2012، بعد زيارة مشابهة خلال سبتمبر 2011، وكان آنذاك رئيسا للوزراء.

وشهدت العلاقات المصرية التركية على مدار العقد الماضي حالة من الفتور أحيانا والتوتر أحيانا أخري، ومابين الشد والجذب استطاعت البلدان استعادة قوة علاقاتهما على المستوى الرسمي.

هذا التطور المتلاحق في مسار العلاقات بين البلدين له الكثير من الانعكاسات الاستراتيجية، بالنظر لحاجة الإقليم إلى قدر كبير من التعاون أكثر من المواجهة وهو مادفع الطرفين إلى مواصلة التفاهم والتقارب.

خطوات متسارعة في علاقات البلدين منذ لقاء الرئيسين عبد الفتاح السيسي، والتركي رجب طيب أردوغان على هامش بطولة كأس العالم بقطر في نوفمبر 2022 حتى استعادة التمثيل الدبلوماسي الرسمي بعد إعادة انتخاب الرئيس التركي مايو 2023 وإعادة تبادل السفراء بين البلدين يوليو من نفس العام.

* محطات في تاريخ العلاقات بين مصر وتركيا

علاقات البلدين قديمة وضاربة فى عمق التاريخ منذ الإمبراطورية العثمانية، ونتيجة لذلك تأسست بين البلدين علاقات متميزة فى مختلف المجالات دينية وثقافية وتاريخية عندما تم تعيين أحمد بن طولون واليا على مصر عام 868، ثم جاء الحكم العثمانى لمصر والذى شغل حيزا من تاريخ مصر لأربعة قرون كان لها أثرا كبيرا على مختلف أوجه الحياة فى مصر.

ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى تحالفت تركيا مع دول المحور ضد الحلفاء والتي تضم بريطانيا العظمي وكانت مصر تخضع للاحتلال البريطاني الذي سعى لإخراج مصر من ولاية الدولة العثمانية، فيما انفصلت تركيا عن الولاية العثمانية حتى أصبحت جمهورية عام 1923، واستمر التعاون المصري التركي على المستوى الثقافي والتاريخي والدبلوماسي حتى ثورة يوليو.

تبادلت الدولتان التمثيل الدبلوماسى عام 1925 على مستوى القائم بالأعمال، وتم رفع مستوى التمثيل إلى سفير عام 1948.

وفي عام 1953، تصاعد التوتر في العلاقات التركية المصرية بعد الإطاحة بالنظام الملكي في مصر فقد أثارت الإطاحة بالملك فاروق، والنخبة ذات المصادر العثمانية التركية غضب أنقرة.

واستمرت حالة عدم الاستقرار في العلاقات طيلة عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ومن بعدها أخذت الأمور تصل لدرجة التجمد مع الرئيس محمد أنور السادات لكن دون خلافات صريحة.

وشهدت الأوضاع تحولا فى فترة الثمانينيات عندما طلب الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك من اللجنة المصرية التركية فى فبراير 1988 وضع مقترحات لتحقيق المصلحة المشتركة بين البلدين.

قد يهمك ايضاً:

الإسماعيلي يبدأ الاستعداد لمواجهة طلائع الجيش 

واستمرت العلاقات المصرية التركية طوال السبعينيات والثمانينيات تعتمد على التعاون الاقتصادي بشكل كبير.

حتى جاءت ثورة 30 يونيو 2013 لتكون محطة هامة في تاريخ علاقات البلدين ليشوبها توتر كبير حتى تصل لمستوى القطيعة وطرد السفير التركي واستدعاء السفير المصري من تركيا.

حتى بدأ الحديث عن عودة العلاقات في 2021 وصولا إلى زيارة هامة قام بها وزير الخارجية سامح شكري إلى تركيا لإعلان التضامن المصرى وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية لها إثر الزلازل المدمرة التي ضربت تركيا، وأودت بحياة عشرات الآلاف في فبراير 2023 وأعقبها في مارس زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى القاهرة للاتفاق حول سبل عودة العلاقات وصولا إلى رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي وعودة السفراء للبلدين في يوليو 2023.

تركيا تقف كتفا بكتف مع مصر

قال سفير تركيا بالقاهرة، صالح موتلو شن أن الرأي العام في المنطقة يتطلع لهذه الزيارة التي ستعود بالفائدة، ليس فقط لمصر وتركيا بل أيضا للمنطقة بأكملها، بما فيها منطقة الخليج وشمال أفريقيا وفلسطين.

وأشار إلى أن هذه الزيارة ستكون فرصة للدولتين الأهم في المنطقة، المصرية والتركية، للتشاور والتنسيق حول ما يجري في غزة لوقف سفك الدماء، لافتا إلى أن تركيا تقف جنبا إلى جنب مع مصر فيما يتعلق بـ”المأساة الإنسانية” التي تحدث في غزة.

وأوضح أن تركيا تدعم الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير وفي إقامة دولة مستقلة على حدود 67، لافتا إلى أن تركيا تعارض بشدة ما يحدث في غزة من “مأساة إنسانية”، مشددا على أن “العدوان الإسرائيلي لابد من وقفه”، منوها بأن “تركيا تقف كتفا بكتف مع مصر التي تشاطر حدودها مع غزة”.

– علاقات اقتصادية وتجارية قوية

ولفت السفير التركي إلى وجود علاقات اقتصادية وتجارية قوية بين مصر وتركيا، بالإضافة إلى تعاون كبير ومتواصل بين البلدين، حيث إن تركيا من الدول الأولى التي تشتري الغاز المسيل من مصر، فمصر لديها بنى تحتية لتحويل الغاز الطبيعي إلى غاز مسيل، وسنستمر في شراء كميات كبيرة من مصادر الطاقة من مصر.

ونوه بأن مصر لديها موارد بشرية ذات موهبة وخبرة، وبنى تحتية صناعية قوية، مشيرا إلى أن البنى التحتية في مصر تطورت تحت رئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي، لافتا إلى أن التعاون بين مصر وتركيا سيكون لصالح التنمية الاقتصادية والاجتماعية لكلا الدولتين، وهذه هي الفائدة الأساسية والرئيسية والعمود الفقري لعلاقات الدولتين القائمة على المصالح المتبادلة.

وتابع: “لدينا استثمارات تركية تتدفق إلى مصر في قطاعات مختلفة”، والاستقرار والأمن في المنطقة هو كل ما نحتاجه لتطوير هذه العلاقات، لأنه عندما تكون الثقة والتعاون قويان بين الطرفين، سيكون هناك عائدات إيجابية على المنطقة بأكملها، منوها بوجود الكثير من النزاعات بالمنطقة في سوريا والسودان وليبيا، مستطردا أن “الأمن والاستقرار والتعاون بين الدولتين هي المصلحة المشتركة”.

وقال: “نسعى إلى الدخول في علاقات تعاونية أعمق مع مصر، ونعتقد أن مصر القوية ستؤدي إلى تركيا قوية، والعلاقة القوية بين الدولتين ستؤدي إلى شرق أوسط قوي ومستقر وآمن”.

واستطرد: “هناك مشاورات متواصلة مع مصر حول كل القضايا الإقليمية بما فيها السودان وليبيا وفلسطين، ونواصل تكثيف هذا الحوار والتشاور على هذه القضايا”، لافتا إلى أن “تركيا سيكون لها قنصيلة في بني غازي”. وأشار إلى “أننا نبذل كل الجهود الممكنة للتواصل مع كل أنحاء ليبيا لضمان السيادة الليبية وعقد الانتخابات في أسرع وقت ممكن”.

ولفت إلى أن “كل هذه القضايا تدل على ضرورة وجود تعاون عميق بين مصر وتركيا من أجل الحوار والتشاور وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة بأكملها”، مستطردا: “ليبيا دولة مهمة، ويجب اتخاذ الخطوات اللازمة من أجل تحقيق الاستقرار والأمن والسلام لليبيا كاملة، ووجود حكومة تحكم كل ليبيا بعد الانتخابات، وهذا ينطبق على منطقة شرق المتوسط، حيث قلنا مرارا، وكذا مصر قالت، إن العلاقات الجيدة بين دول شرق المتوسط ستساعد على تحقيق الأمن والثقة والاستقرار بالمنطقة”.

التعليقات مغلقة.