يتنامي الاقتصاد الرقمي العربي ومنطقة الشرق الأوسط ، ويشهد تحولا نوعيا، وتطور كبير ومتسارع نحو حوكمة الاقتصاديات بالمنطقة، ويتولي الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، المنبثق من جامعة الدول العربية، والذي يرأسه الفريق.. سمو الشيخ سيف بن زايد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الإماراتي، ويتولى مجلس إدارته سعادة د. علي الخوري، دور التحول نحو الحوكمة بالاقتصاديات العربية ومنطقة الشرق الأوسط، وذلك لمواجهة التحديات العظيمة التي تواجه اقتصاديات المنطقة، خلال الأزمات التي واجهت العالم خلال العامين الماضيين، منها أزمة كوفيد 19، الحروب الدائرة بالمنطقة، والتي أثرت على اقتصاديات العالم أجمع وتسببت في انخفاض معدل النمو السنوي إلى معدلات متسارعة .
وتقف منطقة الشرق الأوسط في الوقت الراهن على عتبة مرحلة محورية من التحول الرقمي الهائل. فقد تضاعف معدل تدفق البيانات عبر الحدود التي تربط الشرق الأوسط ببقية دول العالم خلال العقد الماضي .
وتصدرت عدة دول من مجلس التعاون الخليجي، لا سيما الإمارات العربية المتحدة والبحرين وقطر، قفزة واسعة، وحققت المملكة العربية السعودية، ومصر تقدم ملحوظ مع التطور الذي شهده قطاع الاستهلاك الرقمي، من حيث ارتفاع معدلات الاعتماد على الهواتف الذكية واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
التطور الهائل الذي أحدثه دولة الإمارات العربية المتحدة ، بكافة مجالات التنمية، ومن بينها التحول الرقمي وحوكمة الاقتصاد ، جعلها رائده ومثالا يتطلع إليه الكثير من الدول بالمنطقة.
خلال الخمس أعوام الماضية نجد أن دولة الإمارات العربية المتحدة تأتي في صدارة الدول على مستوى العالم، إذ تشهد معدلات استخدام الهواتف الذكية بنسبة 100%، ووسائل التواصل الاجتماعي بنسبة تزيد عن 70%، وهي معدلات تتجاوز حتى مثيلاتها في الولايات المتحدة وأوروبا وكندا والصين واليابان وأستراليا ودول شرق آسيا.
وعلى الرغم من استعداد الأفراد لاحتضان واستخدام الوسائل الرقمية في شتى جوانب الحياة، فإن الشركات والحكومات لم تغتنم فرصة التحول الرقمي بشكل كامل حتى الآن. ويُعد مؤشر ماكنزي للتحول الرقمي في الشرق الأوسط أول مبادرة لتقييم مستوى التحول الرقمي والأثر الناتج عنه في تسع دول بمنطقة الشرق الأوسط وهي: البحرين، ومصر، والأردن، والكويت، ولبنان، وسلطنة عمان، وقطر، والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة. ولكن رغم التطلعات الحكومية الطموحة تجاه التحول الرقمي، فإن 6% فقط من شعوب منطقة الشرق الأوسط ما زالت تنعم بتطبيق أنظمة الحكومة الذكية الرقمية، وهذا بدوره يؤكد على المكانة المتأخرة التي تحتلها المنطقة بالمقارنة مع الدول المتقدمة في مجال التحول الرقمي في قطاع الأعمال (لأغراض هذا التقرير، هذه الدول هي النرويج وسنغافورة وكوريا الجنوبية والسويد والمملكة المتحدة)، بدءًا من انخفاض قيمة رأس المال المغامر المتاح لتمويل الشركات الناشئة وانتهاءً بحجم القوى العاملة في الوظائف والصناعات الرقمية.
وبالفعل، بدأت بعض حكومات الشرق الأوسط، وعلى رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، بتنفيذ مبادرات التحول الرقمي الأساسية، إلا أن حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة تحتل الصدارة بين دول الشرق الأوسط في تبني التحول الرقمي، بل ارتقت إلى المراكز الأولى في العديد من المقاييس في مؤشر التحول الرقمي. وقد أعلنت دول أخرى عن طموحات كبيرة وحققت تقدمًا كبيرًا في هذا المجال. ولكن رغم ذلك، ما زالت جهودها الرامية إلى تشجيع الابتكار والارتقاء بمعدلات الاعتماد الرقمي في القطاع العام إلى مستويات أعلى تواجه تحديات كبيرة في التنفيذ مثل افتقارها إلى هيكل الحوكمة اللازم لتحقيق التغيير المنشود.
وينطوي القطاع الرقمي على فوائد كبيرة، فمثلًا تكشف نتائج تحليلاتنا عن وجود علاقة قوية بين حجم نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي للدولة ونقاطها في مؤشر ماكنزي للتحول الرقمي، إذ يتيح ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي للدولة تخصيص ميزانية أكبر للتحول الرقمي، مما يثمر عن رفع ترتيب الدولة في مؤشر التحول الرقمي. وبوجه عام، يساهم التحول الرقمي في تحقيق النمو الاقتصادي، ما يؤدي بدوره إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي. وفي الواقع، تشير نتائج تحليلاتنا
فالعالم يشهد ظهور نظام بيئي حقيقي جديد لريادة الأعمال مرتكز على الأعمال الرقمية والتجارة الإلكترونية، و الابتكار التكنولوجي والرقمي، أصبح عاملاً رئيسياً في تكوين الثروة بمفاهيم العصر الحديث، ويمكن من خلاله تصميم حلول جديدة للتنمية المستدامة.
والابتكارات في هذه المجالات يمكن أن تحدث تأثيرات اجتماعية متعددة على طرق التفكير واختصار الوقت والجهد والتوظيف الأمثل للموارد المتاحة.
وكان مؤتمر ومعرض تكنولوجيا الاقتصاد الرقمي “سيملس الشرق الأوسط 2022” الذي أقيم على مدار يومين 1-5- 2022 و الى 1-6-2022، والذي احتضنته دولة الإمارات المتحدة، بمدينة دبي ، كأكبر مؤتمر اقتصادي عقب مؤتمر أبوظبي 2018 والذي خرج بعدد من التوصيات الهامة
منها.
اولا : بحث سبل تشكيل منصة إقليمية لتحليل البيانات واستخدامها في الممارسات الرقمية المختلفة، بهدف الحد من الاعتماد على المنصات والتطبيقات الإلكترونية الأجنبية.
ثانيا : تعزيز “الحوكمة الرقمية” للحفاظ على الأمن والشفافية، وإيجاد هيئة خاصة للقيام بهذه المهمة، فمن المهم أكثر من أي وقت مضى الشروع في مسار جديد للحوكمة الرقمية والبيانات.
ثالثا : العمل على عقد اتفاقيات إقليمية وعالمية تنظم قواعد استخدام البيانات بما يتسق مع التشريعات الوطنية، ووضع اللوائح لتحديد الحقوق والواجبات بين منتجي التكنولوجيا الرقمية و مستهلكيها.
رابعا : التركيز في استراتيجياتنا الوطنية على خطط توطين التقنيات المتقدمة، ضمانا لتحقيق المكانة اللائقة لمجتمعاتنا العربية في الأسواق العالمية، وبما يعزز من شروط التبادل التجاري لصالح مجتمعاتنا، وبما يضمن تحقيق حصة مقبولة من المنتجات المعرفية في الأسواق العالمية، وذلك من خلال استهداف خلق وتعديل ونقل واستخدام التقنيات المتقدمة والمنتجات المعرفية المختلفة والسعي الدائم لتبني استراتيجيات داعمة للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المتقدمة.
وتلك التوصيات سوف سوف تنقل الاقتصاد الرقمي العربي الي منحني اخر اكثر حوكمة وتطورا لمواجه التحديات المالية العالمية التي تعصف بالعالم حاليا.
التعليقات مغلقة.