مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

رسالة من الوالي

 

قد يهمك ايضاً:

“صلاح” يقود ليفربول أمام توتنهام للإنفراد بصدارة…

أسعار الذهب اليوم في بداية التعاملات عيار 21 يسجل 3770 جنيها

بقلم – د محمد كامل الباز: 

تبدو الرسائل القصيرة من المسئولين هامة وحاسمة، يحاول دائما المسئول أن يغير المسار ويعدل الأوضاع بكلمات صغيرة، كلام موجز فى شكل فرامان يعود بالأوضاع إلى نصابها، بالطبع لن أجد مثال على ما أذكر إلا فى العصر الذهبى للأمة وبالأخص فى خلافة الصديق، أفضل رجل على مستوى الخلق بعد الأنبياء والرسل، أول من صاحب النبى صلى الله عليه وسلم وصدقه، رفيق الهجرة وصاحب الدرب، من كان يتناغم باحاسيسه وعقله مع كل مايدور فى قلب المصطفى، من قدم ماله كله للدعوة وعندما سأله المصطفي ماذا تركت لأهلك أجاب بيقين بالغ، تركت لهم الله ورسوله، هذا العملاق عندما تولى الخلافة حدثت اضطرابات فى الجبهة العسكرية المتاخمة للروم تحت قيادة أبو عبيدة عامر بن الجراح، بدأت جبهة الشام فى الضعف وكان لابد من تدخل القائد الأعلى، أرسل برسالة فى غاية الإيجاز والروعة بل والله لابد أن تدّرس فى معاهد القادة ليستفيد بها زعماء العالم كان مفادها (بسم الله الرحمن الرحيم من أبي بكر لأبى عبيدة عامر بن الجراح، سلام الله عليكم ، أما بعد، إذا وصلكم كتابي هذا أكون قد وليت خالد بن الوليد القيادة فى بلاد الشام فلا تخالفه واسمع له و اطع، ووالله ما وليت خالد القيادة إلا أننى ظننت أن له فطنة فى الحرب ليست لك وأنت عندي يا أبا عبيدة خيرا منه، أراد الله بنا وبكم خير والسلام عليكم) رسالة بها من الإيجاز ما يجعل التعليق عليها نوع من السباحة فى الأماكن الخطيرة، الخليفة الحاكم رأي بعض الثغرات فى أهم الجبهات الخارجية للجيش فرأى أن يغير القائد ومن هو القائد؟ امين عام الأمة، الرجل المستأمن الذي بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنه ولكن هل يعامله الخليفة بعلمه عن أمانته واخلاقه فى مكان يحتاج المزيد من الصفات؟ نعم يحتاج الحنكة العسكرية ومهارات الكر والفر وكان لها خالد بن الوليد الذى هو فى جانب التقوى أقل من أبو عبيده حيث قالها الخليفة وانت عندي خير منه والخير هنا عند هؤلاء العظماء ليس فى الحسب أو النسب ولكن فى القرب الى الله فقط، لم يجامل الأمة على حساب تقوى ابو عبيدة وجاء بالرجل المناسب للمكان المناسب فكانت النتيجة تغير دفة الأمور فى جبهة الشام ومعاودة الانتصارات، رسالة موجزة من الوالى كانت بمثابة دواء لداء طرأ على الجيش، رسالة من أبى بكر تقبلها ابو عبيدة أمين عام الامة، رجل لا ينظر لمنصب أو قيادة، قائد جيش انصاع الأمر فى لحظات ووافق على العودة من القيادة ليصبح جندى مؤتمر ينفذ الأوامر، كيف لنفس بشرية أن تتقبل هذا !! إن كلمات أبا بكر الموجزة الفصيحة كانت منتقاه بالحرف لتعطى له حقه وترد له مكانته وتعرفه سبب عزله مع احتفاظه المكانة الرفيعة فى قلب الصديق، مع خليفة مثل أبي بكر يعرف متى يكتب ولمن يكتب وماذا يكتب استمرت مكانة الدولة كي تتسع شرقاً وغرباً وتفرض لنفسها مكانا رفيعاً بين الدول العظيمة.

التعليقات مغلقة.