كتب- صبري زمزم:
تعيش شخصيات الرواية الجديدة “رجل الفودكا الصادرة حديثا عن دار الأدهم للكاتب أحمد الشريف ” صراعًا مريرًا يكاد يكون شبه يومي حيث العديد من التحولات الهوياتية والقيمية فضلًا عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تجعلهم يشعرون بأنهم ليسوا سوى بشر زائد عن الحاجة، وهو ما يدفع بعضهم إلى التخلص من عيش هذه الصراعات بإنهاء وجوده.
والمتابع لإبداع الكاتب أحمد الشريف يمكنه أن يجعل روايته الجديدة “رجل الفودكا” عملاً متممًا لروايته السابقة “كريستيانيا والمهاجر” كما يمكنه كذلك اعتبارها عملاً منفصلاً بذاته، وفي كلتا الحالتين سوف يجد المتابع أن الكاتب أحمد الشريف الذي يعيش في إحدى الدول الاسكندنافية “النرويج” وفي هذه النقطة من العالم لديه ذاكرة روائية رائعة تمتلئ وتعج بملاحظات هائلة عن الوسط والواقع الاجتماعي الذي يعيش فيه الكاتب، والذي نجح باقتدار في توظيفها ببراعة في كتابة هذا النص شديد الانسيابية والذي يفيض بالإنسانية والعذوبة والرقة.
وعلى الرغم من أن عدد صفحات رواية “رجل الفودكا” الذي لا يتجاوز الـ 140 صفحة من القطع الصغير فإنها تحمل عبر لغتها المكثفة وسلاسة وبساطة سردها، عالمًا روائيًا شديد الرهافة، كما أن شخصياتها العربية أو الغربية تعاني من مشكلات الوحدة والاغتراب، ومشكلات اللجوء وتأثيرها سواء بالسلب أو الإيجاب على المجتمع الأوروبي، وقد عبر الكاتب عن معاناة شخصيات روايته بشكل محايد فلم يقم بإدانة أحدها أو إصدار أحكامه عليها، وكان طوال العمل متسامحًا مع تلك الشخصيات، وفي بعض المشاهد يجد القارئ بسهولة بالغة تعاطف الكاتب مع أغلب الشخصيات.
كما أن الكاتب لديه ذاكرة يمكنها التقاط صور أشبه بتلك التي يعرضها الشريط السينمائي لـ فيلم من السينما الإسنكندنافية، فلا تخلو صفحة من صفحات الرواية من تصوير مشهد طبيعي يأخذ عقل القارئ ويسحبه في متعة بصرية شديدة النعومة والجمال.
التعليقات مغلقة.