مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

رجال من مصر المحروسة … بقلم اللواء مهندس السيد نوار

 

قد يهمك ايضاً:

رجال من مصر المحروسة …
بقلم اللواء مهندس السيد نوار
الأميرالاى ( العميد)
محمد بك عبيد
شخصية إستثنائية فى تاريخ الجيش المصرى. رجل من شخصيات… ليسوا زعماء .. ولكن لولاهم ما قام الزعماء بدورهم .. شخصيات تومض نورا وسط الظلام لتغير مجرى الأحداث و التاريخ بقرار حاسم و جرئ .. يتحدون السلطات و الرتب الأعلى ، غير مبالين بما يمكن أن يحدث لو فشلوا فيما هم مقدمين عليه. و مثله من هذه الشخصيات يوسف صديق الضابط المصرى الذى تحرك مبكرا و اعتقل كل القيادات العسكرية ليفتح الباب لحركة الثالث و العشرين من يوليو ١٩٥٢ .. و لو تأخر تحركه أو نردد لحظة لتم اعتقال الضباط الأحرار .. و كان يمكن ان يتغير مسار التاريخ.
هو من مواليد محافظة الغربية مركز كفر الزيات لعب أهم الأدوار في الثورة العرابية وأنقذ قادته من غدر عثمان رفقي الذي استدعاهم لديوان الحربية بعد أن قدموا عريضة يطلبون فيها من رياض باشا رئيس الوزراء في ذلك الوقت أن يرفع عنهم اضطهاد عثمان رفقي وزير الحربية الشركسي الذي يتعصب للشراكسة ويرقيهم إلى رتب الضباط ويمنحهم النياشين بينما يحرم الضباط المصريين من حقهم في الترقي وتولي القيادة ويحيلهم إلى التقاعد قبل السن القانونية رغم أنهم يؤدون واجبهم في تفاني وإخلاص يفوق اقرانهم الشراكسة وحين تسرب خبر أعتقال أحمد عرابى وعبد العال حلمي وعلي فهمي وعرضهم على محاكمة صورية في اليوم نفسه ثارت ثائة محمد عبيد وانبرى من بين الضباط يجمع جنوده ويخطب فيهم ليثير نخوتهم ووطنيتهم.وتحرك بهم من قشلاق الحرس في قصر عابدين بعد أن اعتقل القائد الشركسي الذي أراد إعاقته و بكل جسارة و عزيمة رفض الأستجابة لطلب الخديوي الذي أرسل الفريق راشد حسني يدعوه للقائه وبعد إحكام سيطرته على قشلاقات قصر النيل أقتحم المحكمة وأطلق سراح قادته وهرب وزير الحربية من أحد النوافذ وأختبأ في أحد المخازن خوفا من أن يفتك به محمد عبيد وأقترح على قادته التحرك بهذا الحشد من الضباط والجنود إلى قصر الخديوي توفيق للمطالبة بعزل رفقي والأستجابة لمطالبهم في مشهد مهيب سجله التاريخ بماء الذهب.
وقد إضطر الخديوي بالاستجابة لجميع مطالبهم
و كان له في معركة التل الكبير كان رأي مسبق لمقاومة الإنجليز لم يأخذ به أحمد عرابي الذي لو أخذ برأي محمد عبيد لما تمكن الإنجليز من تحقيق النصر على الجيش المصري ورغم سذاجة عرابى وأنطلاء خدعة على يوسف خنفس عليه, فإن محمد عبيد حارب ببسالة منقطعة النظير حتى سقط قتيلا في ساحة الواجب ملتزما بشرف الجندية وحق الوطن حتى الرمق الآخير، وكان أخر من أستمروا في المقاومة معطيا القدوة والمثل للأجيال من بعده.
وقد سجل التاريخ ان البطل محمد عبيد كان شخصا قوى الشكيمة، ذو رأى وشخصية قيادية، كما كان متحمسا ووطنيا إلى أقصى درجة.. وكثيرا ما كان يحمس ويحفز زملائه لاستمرار الكفاح والنضال ضد العدو المحتل الانجليزى لبلده وقتها، وهو من ثارت ثائرته يوم اعتقال أحمد عرابى وعلى فهمى وعبد العال حلمى في ثكنات قصر النيل وحررهم هو قائدا لسرية صغيرة ويومها اندفع أحمد عرابى من محبسه معانقا للبطل.
ومع نهاية قصته البطولية، ظل محمد عبيد يطلق مدفعه في معركة التل الكبير التي هزم فيها الجيش المصري بقيادة عرابى بخيانة الاعراب له… إلا أنه لم يستسلم وظل يطلق طلقات مدفعه حتى فرغت منه، وانطلق بسيفه إلى قلب المعركة إلى أن أطلقت عليه دانة أطاحت بذراعه، ولكنه واصل العراك إلى أن أجهزت عليه طلقة أخرى، اطاحت بجسده الطاهر لتروى دماؤه أرض مصر التي عشقها و رحل بطلا شهيدا سجل التاريخ اسمه بحروف من نور…. وذكر الضابط الانجليزى الذي سلم متعلقاته فيما بعد، انه ظل متابعا لهذا البطل الأسطورى متعجبا من إصراره وقوة عزيمته في الاستمرار في معركة انتهت بالفعل، وظل يراقبه وهو ينزف ويقاتل إلى أن سقط شهيدا.. وتوجه إلى بقايا جسده وألقى التحية العسكرية عليه احتراما، ثم احتفظ بسيفه وبقايا بذلته العسكرية
وككل الأبطال، قامت قوات الاحتلال وقتها بالاستيلاء على كل ممتلكاته وشردت جزءا كبيرا من أهله قاصدة القضاء على أسطورته.